واستمرارًا للحفاظ على الذاكرة الفلسطينيّة، نظّمت جمعيّة "ذاكرات" الإسرائيليّة (الجمعيّة التي تسعى لنشر الحقيقة التي تم طمسها من قبل المؤسسة الإسرائيليّة لجميع المواطنين وبوجه الخصوص لليهود) جولةً في المنطقة التي كانت في الماضي أراضي القرية، والتي تحوّلت، منذ عام 1948، إلى حارة يهوديّة تحت اسم "جفعات شاؤول"، والتي يقطنها حاليًا اليهود المتزمتون الصهاينة.
ابتدأت الجولة في وسط الحي المليء بالمارة من اليهود، والذين أبدوا معارضتهم الشديدة لقيام مثل هكذا جولات، ولولا وجود الحراسة على المجموعة؛ لحصلت اشتباكات بين المارّة والمشاركين في الجولة من العرب واليهود والأجانب.
كما تم توزيع خريطة تاريخيّة للقرية التي تم مسح أغلب مبانيها وطمس معالمها (ما عدا المدرسة التي تحوّلت إلى مركز ديني وبضعة بيوت)، ومن ثم انتقل المشاركون إلى باقي المحطات التي تم الشرح عنها من قبل الناشط عمر الغباري، مركّز الجولات في جمعيّة "ذاكرات"، وانتهت الجولة بالقرب من المنطقة التي تم قتل أهالي القرية العُزّل فيها.
كانت دير ياسين، التي تواجه الضواحي الغربية للقدس، مسرحًا لأشهر مجازر النكبة، وشاهدًا على دموية العصابات الصهيونية، التي عمدت إلى اقتحام البيوت بيتًا بيتًا، وتصفية من فيها، شيوخًا ورجالًا ونساءً وأطفالًا، ومن ثمّ نسفها لإخفاء معالم الجريمة من جهة، ولطمس أي شاهد فلسطيني في المكان الذي قامت على أنقاضه مستوطنة "غفعات شاؤول".
اعتبرت تلك المجزرة إحدى النقاط الفاصلة في الهجوم الذي شنّته العصابات الصهيونيّة للسيطرة على القدس وضواحيها الغربيّة، وإحكام قبضتها على الطريق الواصل بين القدس ويافا، إذ لم تقتصر أهدافها على البعد الاستراتيجي والعسكري؛ فوراء هول الفظائع والجرائم التي ارتكبتها العصابات الصهيونية في ذلك اليوم؛ ثمّة حرب إعلاميّة كامنة تهدف إلى "إرهاب" القرى المجاورة، ودفع أهاليها إلى الرحيل، وهو ما تحقّق لاحقًا، ولم تغب عنه، رغم ذلك، الآلة العسكرية.