اتفاق ثالث بشأن الأزمة الليبية يتوقع أن يبصر النور بعد اتفاقي الصخيرات في 2015 وباريس 2018، إذ أعلنت روما عن التحضير لمؤتمر في باليرمو بجزيرة صقلية في 12 و13 نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل، لبحث مستجدات الملف الليبي ومحاولة وضع حلول للأزمة الليبية. وحتى الآن لم يعلن أي من الأطراف الدولية أو المحلية عن مشاركته في المؤتمر. كما أن أهدافه وتفاصيله لم يعلن عنها أيضاً، في وقت تتعدّد فيه تكهنات المراقبين بأن المؤتمر خطوة في طريق رأب الصدع الفرنسي الإيطالي، وأن مخرجاته لن تزيد عن تعديل تواريخ اتفاق باريس وصولاً إلى إجراء انتخابات ليبية، في حين تفيد تقديرات أخرى بأن المؤتمر سينتج عنه إعلان إيطالي للانتصار على الجهود الفرنسية التي ثبت فشلها واقعياً في ليبيا عشية انتهاء المدد المطروحة لتنفيذ مبادرتها لإجراء انتخابات نهاية العام الحالي، والمعلن عنها في مايو/ أيار الماضي.
وكان وزير الخارجية الإيطالي، إنزو ميلانيزي، قد أعلن بشكل رسمي، خلال إحاطة قدمها أمام مجلس الشيوخ الإيطالي، يوم الإثنين الماضي، عن استضافة بلاده للمؤتمر في نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل لـ"جمع القوى المتصارعة حول طاولة واحدة للحوار للوصول إلى حل"، مؤكداً وجود مشاركة دولية واسعة، وموضحاً أن مسعى روما "يتمثل في رغبتها في إيجاد حل مشترك رغم الاختلافات لاستعادة السلام والهدوء، وصولاً إلى انتخابات محتملة لتسيير عملية سياسية مستقرة"، مشيراً إلى أن روما لن "تفرض آجالاً محددة لإجراء الانتخابات".
واللافت في تصريحات الوزير الإيطالي إشارته إلى وقوف الولايات المتحدة خلف المؤتمر، مؤكداً وجود تأييد شخصي من الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، للمؤتمر، لكنه أشار أيضاً إلى رغبة إيطالية في ضم دول أخرى للمؤتمر، على رأسها روسيا، مؤكداً أنه سيزور موسكو قريباً للقاء نظيره الروسي، سيرغي لافروف، وتقديم دعوة للرئيس فلاديمير بوتين للمشاركة في المؤتمر، فيما اكتفت إيطاليا بالإعلان، عبر وسائل الإعلام، عن توجيه دعوة للرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، للمشاركة في المؤتمر. وتوقيت إعلان روما عن المؤتمر المرتقب غير بعيد عن متغيرات الساحة الليبية التي شهدت منذ أشهر حضوراً أميركياً. ففي أعقاب صدور إعلان باريس في مايو/ أيار الماضي، أعلنت الأمم المتحدة تعيين الديبلوماسية الأميركية ستيفاني وليامز، نائبة للمبعوث الأممي، غسان سلامة، بدفع شخصي من البيت الأبيض، لتشهد الساحة الليبية تغيرات مفاجئة، بدأت بتراجع قائد قوات برلمان طبرق، اللواء المتقاعد خليفة حفتر، عن قراره القاضي بالاستيلاء على مواقع وحقول النفط في منطقة الهلال النفطي، في نهاية يونيو/ حزيران الماضي، مروراً بالإعلان عن إصلاحات اقتصادية، وأخيراً ترتيبات أمنية كبيرة في طرابلس كلها كانت برعاية وليامز، التي جذبت الأضواء منذ تعيينها، مقابل تضاؤل كبير لدور غسان سلامة، مرشح السياسة الفرنسية لمنصب رئيس البعثة. وتشير تصريحات سلامة الأخيرة إلى تغيّر في مسار تعاطيه مع الملف الليبي، وخصوصاً بعدما أعلن عن صعوبة إجراء الانتخابات وفق خطته الأممية المعلنة في سبتمبر/ أيلول عام 2017، ووفق مقررات باريس.
اقــرأ أيضاً
ويقترب البيت الأبيض من الرؤية الإيطالية للملف الليبي، التي لا تتفق مع باريس بضرورة إجراء انتخابات سريعاً. وعلى الرغم من أن مؤتمر باليرمو قد يعقد بدعم أميركي، فإن عدداً من المحاذير قد تعترض نجاحه. أولاً، قد يقاطع مقربون من فرنسا، كخليفة حفتر، مؤتمر باليرمو، بخلاف رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق، فائز السراج، المعروف بقربه من روما. كما أن مجلس النواب في طبرق يشهد أخيراً انقساماً كبيراً إزاء الموقف من حفتر، وبالتالي قد يتسبب حضور رئيس المجلس، عقيلة صالح، المعروف بأن لديه خلافاً مع حفتر، بانقسام جديد في الشرق. كما أن موقف البعثة الأممية في ليبيا بشأن مؤتمر باليرمو لم يتضح بعد، إذ لم يصدر عن سلامة، الذي سبق أن أعلن عن تأييده مقررات اتفاق باريس، أي تصريحات (حتى ظهر أمس السبت) بشأن المؤتمر، وبالتالي فإن انعقاد مؤتمر باليرمو من دون رعاية أممية أو تمثيل فيه مجازفة كبيرة قد تحكم عليه بالفشل، خصوصاً أن فرنسا ودولاً أوروبية أخرى لم تعلن عن مواقفها حتى الآن، باستثناء تصريح لوزير الدولة للشؤون الخارجية في ألمانيا، نيلز آنين، عقب إعلان إيطاليا عن موعد عقد مؤتمرها، دعا فيه إلى "ضرورة تبني موقف أوروبي موحد حيال الأزمة الليبية لتقريب المسافة في وجهات النظر بين باريس وروما".
أما محلياً، فقد طفا على سطح الأزمة التقارب المفاجئ بين مجلسي النواب والدولة بعد إقرار مجلس النواب قانون الاستفتاء على الدستور، أخيراً. وأعلن مجلس النواب، في الأسبوع الماضي، تكليف رئيس لجنة الحوار، عبد السلام نصية، قيادة جهود التواصل مع مجلس الدولة من أجل إعادة تشكيل المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق. وظهر نصية، في منتصف الأسبوع الماضي، برفقة نائب رئيس مجلس الدولة، فوزي العقاب، في لقاء مع سلامة في طرابلس لمناقشة الاقتراح. وفيما تشير تصريحات مسؤولين من مجلسي النواب والدولة إلى قرب الإعلان عن مجلس رئاسي جديد، برئيس ونائبين، لتشكيل حكومة جديدة أعلن مجلس النواب استعداده لمنحها الثقة، يعتبر متابعون أن المشروع تقف وراءه باريس للتشويش على المساعي الإيطالية الأميركية عبر تأليف حكومة من شأنها توحيد مؤسسات الدولة وبالتالي إنهاء الانقسام، المعرقل الأول لإجراء الانتخابات في موعدها قبل نهاية العام الحالي أو مطلع العام المقبل. وفي حال تعذر تعديل اتفاق الصخيرات وولادة حكومة جديدة تمثل كافة أطياف الشرق والغرب، ستكون في جعبة سلامة مجموعة من الخطط الاحتياطية التي وفرتها له خطته المعلنة في سبتمبر/ ايلول 2017، وعلى رأسها البند الثاني من الخطة، الذي ألمح إليه في أكثر من مناسبة أخيراً، والمتمثل في عقد ملتقى وطني يجمع كل الأطياف الليبية غير الممثلة سياسياً "لإفراز وجوه سياسية جديدة تمهد للوصول إلى مرحلة الانتخابات العامة".
اقــرأ أيضاً
وكان وزير الخارجية الإيطالي، إنزو ميلانيزي، قد أعلن بشكل رسمي، خلال إحاطة قدمها أمام مجلس الشيوخ الإيطالي، يوم الإثنين الماضي، عن استضافة بلاده للمؤتمر في نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل لـ"جمع القوى المتصارعة حول طاولة واحدة للحوار للوصول إلى حل"، مؤكداً وجود مشاركة دولية واسعة، وموضحاً أن مسعى روما "يتمثل في رغبتها في إيجاد حل مشترك رغم الاختلافات لاستعادة السلام والهدوء، وصولاً إلى انتخابات محتملة لتسيير عملية سياسية مستقرة"، مشيراً إلى أن روما لن "تفرض آجالاً محددة لإجراء الانتخابات".
ويقترب البيت الأبيض من الرؤية الإيطالية للملف الليبي، التي لا تتفق مع باريس بضرورة إجراء انتخابات سريعاً. وعلى الرغم من أن مؤتمر باليرمو قد يعقد بدعم أميركي، فإن عدداً من المحاذير قد تعترض نجاحه. أولاً، قد يقاطع مقربون من فرنسا، كخليفة حفتر، مؤتمر باليرمو، بخلاف رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق، فائز السراج، المعروف بقربه من روما. كما أن مجلس النواب في طبرق يشهد أخيراً انقساماً كبيراً إزاء الموقف من حفتر، وبالتالي قد يتسبب حضور رئيس المجلس، عقيلة صالح، المعروف بأن لديه خلافاً مع حفتر، بانقسام جديد في الشرق. كما أن موقف البعثة الأممية في ليبيا بشأن مؤتمر باليرمو لم يتضح بعد، إذ لم يصدر عن سلامة، الذي سبق أن أعلن عن تأييده مقررات اتفاق باريس، أي تصريحات (حتى ظهر أمس السبت) بشأن المؤتمر، وبالتالي فإن انعقاد مؤتمر باليرمو من دون رعاية أممية أو تمثيل فيه مجازفة كبيرة قد تحكم عليه بالفشل، خصوصاً أن فرنسا ودولاً أوروبية أخرى لم تعلن عن مواقفها حتى الآن، باستثناء تصريح لوزير الدولة للشؤون الخارجية في ألمانيا، نيلز آنين، عقب إعلان إيطاليا عن موعد عقد مؤتمرها، دعا فيه إلى "ضرورة تبني موقف أوروبي موحد حيال الأزمة الليبية لتقريب المسافة في وجهات النظر بين باريس وروما".