لم يكن الأمر الملكي الذي صدر، فجر اليوم الأربعاء، في السعودية، القاضي بتجريد الملك سلمان بن عبد العزيز، ابنَ شقيقه محمد بن نايف بن عبد العزيز من كافة مناصبه، وهي ولاية العهد ووزارة الداخلية ونيابة رئيس مجلس الوزراء، مفاجئاً بتاتاً، خصوصاً مع ورود عشرات التقارير في الصحف العربية والعالمية عن اقتراب ولي ولي العهد في حينها، ولي العهد اليوم، محمد بن سلمان، من الحصول على المنصب بدعم من حليفه الأساسي، ولي عهد أبوظبي، محمد بن زايد.
وبالإضافة إلى قرار عزل محمد بن نايف من كافة مناصبه، أصدر العاهل السعودي تعديلاً على النظام الأساسي للحكم في السعودية، وهي مجموعة قرارات ترتب أمور الحكم في السعودية وتوازي الدساتير في الدول الأخرى (في ظل عدم وجود دستور للمملكة بالمعنى الحديث للكلمة)، أصدرها الملك الراحل فهد بن عبد العزيز عام 1992. وجاء التعديل في الفقرة (ب) من المادة الخامسة من النظام، التي كانت تنص على أن "يكون الحكم في أبناء الملك المؤسس عبد العزيز بن عبد الرحمن الفيصل آل سعود وأبناء الأبناء، ويبايع الأصلح منهم للحكم على كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم". وبالمقارنة مع المادة السابقة في النظام، فإن الأمر الملكي بالتعديل أبقى على المادة نفسها، مع إضافة جملة شديدة الأهمية عليها وهي "... ولا يكون من بعد أبناء الملك المؤسس ملك وولي للعهد من فرع واحد من ذرية الملك المؤسس". وتقضي هذه الإضافة بمنع أي حفيد لمؤسس المملكة العربية السعودية، عبدالعزيز آل سعود، يتولى منصب الملك، من تعيين ابنه وليًّا للعهد، بل يجب عليه اختيار ولي عهد من فرع آخر من أبناء أو أحفاد المؤسس، وبالتالي فإن ولي العهد الحالي، محمد بن سلمان، لن يستطيع تسمية ابنه لولاية العهد، في حال صار ملكاً على البلاد.
ويهدف هذا التعديل، بحسب المراقبين، إلى تفادي تخوفات أعضاء الأسرة الحاكمة في السعودية من احتكار الحكم في ذرية العاهل الحالي، سلمان بن عبدالعزيز، وطمأنتهم لضمان انتقال سلس للسلطة في يد ابنه وولي عهده محمد بن سلمان، خصوصاً أنها المرة الأولى في تاريخ السعودية التي يتولى فيها ابن الملك منصب ولاية العهد. واستطاع بن سلمان، في غضون سنوات قليلة من تولي والده الحكم مطلع عام 2015، الارتقاء من وزير للدولة إلى رئيس للديوان الملكي ووزير للدفاع؛ ثم ولي ولي العهد، بعد عزل الأمير مقرن بن عبدالعزيز من منصبه كولي للعهد، وإحلال محمد بن نايف بدلاً منه، وأخيراً حصوله على منصب ولاية العهد كوريث محتمل للحكم، بعد عزل ابن عمه بن نايف من منصبه.
وبالإضافة إلى مناصبه وهيمنته على القرار السياسي والاقتصادي فعلياً داخل البلاد، فإن محمد بن سلمان يقود خطة 2030، والتي يقول إنها تهدف إلى تقليل اعتماد السعودية على النفط كمصدر رئيسي للدخل. وقاد كذلك حرب عاصفة الحزم ضد جماعة "أنصار الله" (الحوثيين) في أوائل عام 2015، من دون أن تسفر الحرب اليمنية عن أي تقدم حتى الآن. كما يرتبط اسمه بإجراءات اقتصادية شديدة الإيغال في النيوليبرالية الاقتصادية، وبقرارات من شأنها التسبب بالأذية للطبقات الوسطى والوسطى ــ الدنيا، تحت شعار الخصخصة والخروج من الاقتصاد الريعي، وإلغاء صنوف من الدعم الرسمي للمواد الرئيسية.