لم يضع إعلان الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، عن هوية الانتحاري المتهم بتفجير نفسه بواسطة حزام ناسف، نهاية للتكهنات التي لا تزال تحيط بجريمة استهداف الكنيسة البطرسية في ضاحية العباسية، يوم الأحد، وسط أجواء بدت وكأنها تمهّد لتعديل دستوري أشبه بتكريس حالة الطوارئ في النصوص القانونية، لتعديل قوانين وتوسيع مجال المحاكمات العسكرية للمتهمين بالإرهاب. وقد عمّ الحزن مصر، بموازاة تشييع الضحايا الـ24 للاعتداء، في قداس الجنازة التي ترأسها بابا الأقباط تواضروس، أو في التشييع العسكري بمشاركة السيسي وقيادات الصف الأول في المؤسسات العسكرية والسياسية والدينية، وسط أنباء عن احتمال قرب حصول تعديل حكومي، على الرغم من رفض السيسي اتهامات التقصير الأمني، خصوصاً في وزارة الداخلية. وعلى وقع تلقيه المزيد من التعازي من زعماء العالم، آخرها كان من الرياض، انتهز السيسي كلمته في التشييع العسكري للضحايا، شرقي القاهرة، وسط إجراءات أمنية استثنائية، لإعلان حصيلة تحقيقات أجهزته، التي جاءت مخالفة لرواية السلطات الأمنية يوم الجريمة، أول من أمس الأحد. وتفيد الحصيلة التي قدمها السيسي، بأن محمود شفيق محمد مصطفى (22 عاماً) من الفيوم، الذي لم يوضح انتماءه التنظيمي أو السياسي، فجر نفسه داخل الكنيسة، وكان يرتدي حزامًا ناسفًا وليس عبر قنبلة تم وضعها في حقيبة كما أشيع" على حد تعبيره. وأشار إلى أنه "تم القبض على ثلاثة رجال وامرأة للاشتباه في صلتهم بتفجير الكنيسة، وأن البحث جارٍ على شخصين آخرين، من دون أن يكشف هوية أيّ منهما. ورفض السيسي انتقادات وجهها البعض للأمن بالتقصير بعد التفجير، قائلا: "لا تقولوا إنه خلل أمني من فضلكم". ومهد السيسي الأجواء لتعديل قانوني وربما دستوري، عندما دعا الحكومة والبرلمان لسن تشريعات تساعد على الحسم في مواجهة منفذي الهجمات الإرهابية، بدلا من القوانين الحالية التي وصفها بـ"المُكبلة" للقضاء.
وانتشرت صورة لشاب مهشم الجسد والوجه قيل إنها تعود للانتحاري. وقال مصدر أمني لوكالة الأناضول إن "الانتحاري كان يتوقع إيقافه واكتشاف أمره في أي لحظة منذ اللحظة التي قرر فيها تنفيذ الجريمة، لذلك فقد كان مستعدا لتفجير نفسه في أي لحظة على البوابة أو في أي نقطة تفتيش، لكنه نجح بطريقة أو بأخرى في عبور جميع الحواجز الأمنية والوصول إلى داخل الكنيسة". وتابع أن "ذلك يفسر عدم العثور على حفرة عميقة في موقع الانفجار ما يدل على أن القنبلة التي انفجرت كانت محمولة أي كان يحملها شخص وفجرها بنفسه من دون أن يلقيها على الأرض".
وانتشرت صورة لشاب مهشم الجسد والوجه قيل إنها تعود للانتحاري. وقال مصدر أمني لوكالة الأناضول إن "الانتحاري كان يتوقع إيقافه واكتشاف أمره في أي لحظة منذ اللحظة التي قرر فيها تنفيذ الجريمة، لذلك فقد كان مستعدا لتفجير نفسه في أي لحظة على البوابة أو في أي نقطة تفتيش، لكنه نجح بطريقة أو بأخرى في عبور جميع الحواجز الأمنية والوصول إلى داخل الكنيسة". وتابع أن "ذلك يفسر عدم العثور على حفرة عميقة في موقع الانفجار ما يدل على أن القنبلة التي انفجرت كانت محمولة أي كان يحملها شخص وفجرها بنفسه من دون أن يلقيها على الأرض".
ولم تعلن أي جهة بعد مسؤوليتها عن الاعتداء، ولا كشفت السلطات كيفية تسلل الانتحاري إلى داخل الكنيسة مرتدياً حزاماً ناسفاً عابراً البوابات الإلكترونية والحواجز الأمنية. وكانت الروايات الأولية المنسوبة للسلطات المصرية تفيد بأن التفجير حصل بعبوة ناسفة شديدة الانفجار تزن من 12 إلى 20 كيلوغراماً تم تفجيرها عن بعد. وبحسب معلومات "العربي الجديد"، فإن الشاب الانتحاري سبق أن اعتقل عام 2014، وبعد شهرين فقط من اعتقاله، صدر ضده حكم غيابي بالحبس عامين بتهمة حيازة أسلحة، وهو ما يطرح علامات استفهام حول انتماءاته السياسية، وما إذا كان قد انتمى إلى مجموعة إرهابية قبل دخوله السجن أو بعده، أم أنه غيّر قناعاته داخل السجن مثلما يحصل مع المئات من المحبوسين في القضايا الجنائية المنسوبة لجماعات الإسلام السياسي ما بعد عام 2013. وقالت والدة الانتحاري المفترض، إنه أُلقي القبض على ابنها في قضية تظاهر منذ سنتين، ثم حصل على إخلاء سبيل وسافر إلى السودان، ومن وقتها لا يتواصل أهله معه، وإنما يتصل هو بهم ليطمئنهم على نفسه. وأشارت إلى أن زوجها كان ضابط احتياط في القوات المسلحة، موضحةًَ أن لها ابن آخر يخدم في الجيش حاليًا، وقد أُلقي القبض عليه يوم التفجير برفقة ابنها الثالث الذي يعمل سائق "توكتوك". وفي السياق، قالت المحامية المصرية ياسمين حسام الدين، بصفتها محامية محمود شفيق محمد مصطفى، إنه تم تعذيب موكلها بعنف وبشكل بشع خلال اعتقاله في 2014، وحرر محضر له بتهمة تظاهر وانضمام لجماعة إرهابية وحيازة سلاح، وإجباره على الاعتراف بأمور لم يرتكبها. وأوضحت أن موكلها، كونه كان قاصراً وقتها، تم استبعاده من الاتهامات بالجناية وبقيت جنحة التظاهر فقط، وأخلي سبيله في 2015 من دائرة جنايات بندر الفيوم برئاسة المستشار عاطف رزق، بضمان محل إقامته، مشيرة إلى أنه منذ إخلاء سبيله في عام 2015 ولا أحد يعلم عن مكانه شيئا.
وكشف مصدر أمني أن السيسي أمهل وزير الداخلية اللواء مجدي عبد الغفار أسبوعاً واحداً لتقديم تصور كامل عن الاعتداء، والخلية الإرهابية التي تقف خلفه، مشيراً إلى أن وزارة الداخلية ستبدأ خلال ساعات حملة اعتقالات موسعة بين شباب الجماعات الإسلامية المختلفة، نظراً لإشارة التحريات الأمنية لاحتمال ضلوع أكثر من خلية منبثقة من فرع تنظيم "ولاية سيناء" بالقاهرة في حادث تفجير الكنيسة. وأوضح المصدر أن دعوة وزير الداخلية لاجتماع أمني رفيع المستوى ترأسه السيسي بحضور رئيس الوزراء شريف إسماعيل ووزير الدفاع الفريق أول صدقي صبحي وكل من مدير إدارة المخابرات الحربية والاستطلاع، ورئيس هيئة الأمن القومي، ورئيس جهاز الأمن الوطني "يستبعد معه التضحية العاجلة بعبد الغفار أو إقالته قريباً، لكن هذا لا ينفي ترجيحات إقالته قريباً في أول تعديل وزاري". وذكر المصدر أن وزير الداخلية كلف مساعديه لشؤون الأمن العام والأمن الوطني بوضع خطة جديدة لتأمين الكنائس والمساجد والمنشآت الحيوية، من بنودها استبعاد شركات الحراسة الخاصة التي تتولى الحراسة الداخلية للكنائس منذ عامين تقريبا". وطالب رئيس حزب الإصلاح والتنمية النائب محمد السادات، من رئيس مجلس النواب علي عبد العال بضرورة استدعاء وزير الداخلية، للاستماع إليه والوقوف على سياسات الوزارة في مكافحة الإرهاب والتشريعات المطلوب من المجلس إقرارها أو تعديلها. ويأتي هذا في الوقت الذي أكدت مصادر سياسية مصرية مطلعة لـ"العربي الجديد" أن تغييرا وزاريا وشيكا يتم الترتيب له في الكواليس، من المحتمل أن يتم فيه تكليف اللواء محمد العصار وزير الانتاج الحربي، عضو المجلس العسكري السابق، بتشكيل الوزارة مطلع العام المقبل.
لكن رغم ذلك، نقل بيان لرئاسة الجمهورية بعد الاجتماع الأمني عن السيسي إشادته "بالجهود التي يبذلها رجال القوات المسلحة والشرطة المدنية في التصدي للعمليات الإرهابية وما يبذلونه من تضحيات فداءً للوطن وتحقيقاً لأمن الشعب المصري". ومع استمرار إغلاق ملف الإصلاح الأمني أو تطوير استراتيجية النظام في مواجهة "الإرهاب" مع انتقاله من سيناء إلى الصحراء الغربية ثم إلى قلب القاهرة وتوجيهه عدة ضربات متتابعة و"مؤلمة" - على حد وصف السيسي نفسه - تصاعدت مرة أخرى المطالبات بتعديل الدستور ليسمح بإحالة جميع قضايا الإرهاب إلى القضاء العسكري، وتعديل قانون الإجراءات الجنائية لاختصار المدة الزمنية للمحاكمات في قضايا الإرهاب والعنف القائمة، بحجة أن محكمة النقض لا تفصل فيها على وجه السرعة، وأن تأخر القصاص يؤدي لانتشار الإرهاب. وبالفعل، انتشرت دعوات أوساط إعلامية معروفة بتأييدها للنظام حملات بعنوان #نعم_للمحاكمات_العسكرية. كما أعلن عدد من النواب التقدم بمذكرة موقعة من 300 عضو لسن قانون جديد يحيل جميع قضايا الإرهاب إلى القضاء العسكري، بينما أعلن عبد العال أنه بصدد تعديل دستوري محدود يسمح للقضاء العسكري بفرض رقابته على قضايا الإرهاب. وقال عبد العال في هذا الصدد، أمام البرلمان، أمس، إن مجلس النواب "عاقد العزم على مواجهة الاٍرهاب بالتدابير والتشريعات المناسبة ولو تطلب الأمر تعديل الدستور". في المقابل، ظهرت أفكار أخرى كتعديل قانون "حماية المنشآت العامة" الذي يحيل المتهمين بالاعتداء على تلك المنشآت للقضاء العسكري بإضافة دور العبادة إلى هذه المنشآت واعتبارها عسكرية.
وتوقعت مصادر حكومية في مجلس الوزراء ووزارة العدل أن تشهد الحكومة خلافات عنيفة خلال الفترة القصيرة المقبلة بين عدد من المسؤولين القانونيين الذين يعارضون المساس بالدستور والاقتصار على تعديلات محدودة لقانون الإجراءات الجنائية تنحصر فيما نشره "العربي الجديد" الأسبوع الماضي عن تخصيص دوائر استئنافية لنظر الطعون الأولى على أحكام الجنايات، والبت في مدى صلاحيتها للوصول لمحكمة النقض، أو إعادة المحاكمة في دائرة جنايات أخرى، وبين فريق آخر ينشط بقوة في وزارة العدل ومجلس النواب، يرى ضرورة تعديل الدستور لتوسيع اختصاصات القضاء العسكري.
وسبق أن اعترض مجلس القضاء الأعلى على تعديل قانون محكمة النقض لتتصدى لموضوع القضية من الطعن الأول أمامها على حكم أول درجة، واعتبرت أن هذا الأمر يخالف الدستور ورفضت الصيغة التي كان قد اقترحها وزير العدل السابق أحمد الزند. ومنذ ذلك الحين، تعرضت المحكمة لانتقادات وضغوط بحجة ضرورة الإسراع في إصدار أحكام إدانة المتهمين بالإرهاب. وتلا ذلك تأييد المحكمة لعدد من الأحكام المشددة ضد قيادات في جماعة الإخوان على رأسهم المرشد محمد بديع، وحكمين بالإعدام للقيادي التكفيري عادل حبارة، أخيراً، بينما ألغت المحكمة أحكاماً أخرى منها جميع الأحكام الصادرة ضد الرئيس المعزول محمد مرسي.