وبعد حوالى عام ونصف العام، انعقدت مجدداً الهيئة السياسية للحزب، أمس الجمعة، وأعلنت في بيان، الدعوة لانعقاد المؤتمر الانتخابي للحزب في 25 يناير/كانون الثاني 2019، مشددة على أن يكون "محطة جامعة لكل الندائيات والندائيين دون إقصاء أو تمييز، وأن يكون حدثاً وطنياً بامتياز ومنعرجاً إيجابياً على الساحة الوطنية".
وتنتظر قواعد الحزب منذ سنوات أن ينعقد المؤتمر الأول بعد مغادرة مؤسسه، الباجي قائد السبسي، إلى الرئاسة في 2014، وعلى الرغم من المواعيد الكثيرة التي حدّدت سابقاً، إلا أن الخلافات حالت دون ذلك.
وتصاعدت الانقسامات، بشكل ملحوظ في الأشهر الأخيرة، بسبب الخلاف بين مدير الحزب حافظ قائد السبسي ورئيس الحكومة يوسف الشاهد الذي ينتمي بدوره "للنداء"، وهو ما قسّم ما تبقى من الحزب إلى معسكرين متصارعين أمام الجميع، وعصف بِما تبقى من مصداقيته.
ويحاول الندائيون تجميع شتاتهم، بعد تراجعهم أمام منافسهم الأول، وحليفهم في الوقت نفسه، حركة "النهضة"، وإعادة الغاضبين والمنشقين والمستقيلين، الذين انضموا لأحزاب أو كتل نيابية أخرى أو حتى أسسوا أحزاباً جديدة، غير أن هذا السعي يصطدم بعوائق كثيرة من بينها مطالبة عدد من هؤلاء بإبعاد السبسي الابن.
وأقرت الهيئة السياسية، مساء أمس، عودة رضا بلحاج إلى حضيرة الحزب. وكان بلحاج غادر الحزب وأسس حزباً جديداً (تونس أولاً)، ولكن يبدو أن اجتماعه، أخيراً، بالرئيس السبسي أقنعه بجدوى العودة للحزب، إلا أن بقية من غادروا معه إلى "تونس أولاً" لم يعودوا إلى الآن، وقد تكون تلك مسألة وقت إذا صدقت نوايا التوحيد وزالت العوائق.
وأبرز تلك العوائق الخلاف حول بقاء رئيس الحكومة يوسف الشاهد، إذ أصبح لهذا الأخير نواب وقيادات بارزة في الحزب تدافع عنه بشراسة، وتعتقد أنه قادر على قيادة الحزب وإنقاذه.
في المقابل، شدّد بيان، أمس، على ما أعلنته الكتلة البرلمانية للحزب في مجلس نواب الشعب عشية المصادقة على منح الثقة لوزير الداخلية، هشام الفوراتي، من دعوة إلى تغيير شامل للحكومة كمقدمة لتجاوز الأزمة السياسية الخانقة التي تعيشها البلاد، وهو ما يعني بشكل واضح تواصل هذا الخلاف المهم الذي شقّ الحزب في الفترة الأخيرة.
وعلى الرغم من ذلك، وجّهت الهيئة الدعوة لكل "الأطياف الندائية إلى استرجاع مكانتها في الحزب وتجميع كل القوى والطاقات الضامنة لتثبيت حركة نداء تونس كقوة سياسية رئيسية ومحددة للتوازن السياسي المطلوب في البلاد في تطلع أكيد للمساهمة في تجميع أوسع ائتلاف للقوى الوطنية الحداثية في تونس". وهو يفسر خيارات الحزب الجديدة بتجميع العائلة الحداثية التي تنادي بها أطراف عديدة لمنافسة حركة "النهضة"، ولكن هذا الخيار يلقى أيضاً معارضة من قيادات عديدة في الحزب تعتقد أن التوافق مع حركة "النهضة" لا يزال ضرورياً.