بعد أيام قليلة فقط من انتهاء شهر رمضان وعطلة عيد الفطر، عادت القدس المحتلة إلى سابق عهدها من توتر صباحي يوشك أن يؤدي إلى انفجار الأوضاع فيها بفعل ممارسات الاحتلال ومستوطنيه وضد المسجد الأقصى باقتحاماتهم التي بات يشترك فيها المئات يومياً، بعد أن كان العشرات فقط يشاركون فيها من غلاة المتطرفين من مستوطني الضفة الغربية ومن رؤساء الجمعيات الاستيطانية والحاخامات وحتى وزراء وأعضاء الكنيست الإسرائيلي، وسط تحذيرات من التصعيد في الأقصى في صيف هذا العام الذي قد يكون صيفاً ساخناً بحق القدس والأقصى.
وما رافق الفترة الماضية والحالية من اقتحامات المستوطنين، هو التغوّل الواسع في هذه الاقتحامات والمزيد من الاستهداف لحراس الأقصى، بحسب مدير المسجد الأقصى، الشيخ عمر الكسواني، الذي قال في حديث لـ"العربي الجديد": "لا يكاد يمر يوم من دون أن يُعتقل حارس ويُعتدى عليه ويبعد عن الأقصى، في حين نرى إصراراً غريباً من قِبل شرطة الاحتلال على تدنيس مصلياتنا باقتحامها بأحذيتهم، وهو ما شاهدناه في أحداث الثامن والعشرين من رمضان (2 يونيو) حين اقتحموا المصلى القبلي وأطلقوا الرصاص المطاطي والغاز المسيل للدموع، فأصابوا العشرات من المصلين".
ولا يخفي رئيس الهيئة الإسلامية العليا في القدس، الشيخ عكرمة صبري، وكذلك رئيس مجلس الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية في القدس، الشيخ عبد العظيم سلهب، مخاوفهما مما يخطط له المستوطنون وسلطات الاحتلال من استهداف للأقصى وتغيير الوضع القائم فيه. ورأى صبري في حديث لـ"العربي الجديد"، أن الرد على هذا التغوّل هو بتكثيف الرباط في الأقصى والتواجد الدائم في ساحاته خاصة في فترتي اقتحاماته اليومية الصباحية وعند الظهيرة.
أما سلهب، فدعا الأمتين العربية والإسلامية إلى تحمّل مسؤولياتهما تجاه حماية الأقصى، مؤكداً وجود أخطار تواجهه في هذه المرحلة. وقال لـ"العربي الجديد": "ما يحدث أمر خطير جداً وغير مسبوق، وقد حذرنا من تداعياته، وأكدنا أننا سندافع عن الأقصى مهما بلغت التضحيات".
مقابل ذلك، تبدي جماعات استيطانية متطرفة إصراراً على مواصلة اقتحاماتها للأقصى، وتطمح أن تضاعف أعداد مستوطنيها إلى أكثر من أربعين ألفاً هذا العام، علماً بأن العام الماضي سجل اقتحام 36 ألفاً من المستوطنين. وتشير مواقع لجماعة "اتحاد منظمات الهيكل" إلى جهود مكثفة تبذلها تلك الجماعات لتوسيع دائرة الاقتحامات للأقصى، وضم عناصر جديدة إليها في صفوف الطلبة الجامعيين وطلاب المعاهد التلمودية، بالتزامن مع تكثيف عمليات الاستيلاء على عقارات في محيط الأقصى، وتنشر إعلانات تطلب من أتباعها التبرع للاستيلاء على مزيد من العقارات في البلدة القديمة من القدس وفي بلدة سلوان جنوب الأقصى، إذ تشكّل الأخيرة الامتداد الطبيعي للبلدة القديمة من جهتها الجنوبية.
ويتفق مع هذا الرأي محافظ القدس عدنان غيث، الذي قال لـ"العربي الجديد" إن "القدس بكل ما فيها من بشر وحجر ومقدسات تتعرض في هذه المرحلة لأخطر ممارسات التهويد والأسرلة". وشدد غيث على أن الوضع شديد الخطورة، "ونحن لن تتخلى عن واجبنا في الدفاع عنها. ولعل مئات الآلاف الذين ملأوا ساحات الأقصى وازدحمت بهم ساحاته خير دليل إلى ما نذهب إليه، وهي رسالة وصلت للمحتل ويدرك مغزاها أكثر من أي وقت مضى".