عام على الاتفاق النووي...انفتاح إيراني على الغرب وتوتر إقليمي

طهران

فرح الزمان شوقي

avata
فرح الزمان شوقي
13 يوليو 2016
9B96BF3C-D67A-4523-B987-953500963CF7
+ الخط -
حققت طهران حلمها بالتوصل لاتفاقها النووي مع السداسية الدولية في 14 يوليو/تموز من العام الماضي، واستطاعت أن تحقق مكاسب سياسية أكثر من تلك الاقتصادية، وهذا حسب عرف الدبلوماسية الإيرانية، على الرغم من أن الاتفاق جاء بشكل رئيسي ليرفع العقوبات التي فُرضت على البلاد لما يقارب عقداً من الزمان، وليجعل اقتصادها يتنفس الصعداء، لكن قرار إلغاء العقوبات والذي طُبق مع دخول الاتفاق حيز التنفيذ العملي في يناير/كانون الثاني الفائت، فتح الباب أمام جهود دبلوماسية إيرانية أكبر.
خلال عام من الاتفاق، لوحظ تركيز الحكومة الإيرانية برئاسة الرئيس الإيراني حسن روحاني على تطبيق شعار الانفتاح، لكنه كان بجلّه انفتاحاً على الغرب، وعلى دول الاتحاد الأوروبي بشكل خاص. فالعلاقات مع الجيران العرب شابها الكثير من التوتر خلال هذا العام، ليس فقط بسبب دور طهران في قضايا إقليمية مفصلية وهو الدور الذي تعارضه أطراف إقليمية فاعلة أخرى، بل أيضاً بسبب الخلاف مع المملكة العربية السعودية والذي أدى لقطع العلاقات بين الرياض وطهران مطلع العام الحالي، وجرّ لسلسلة من القطيعة في علاقات بلدان عربية وخليجية أخرى مع إيران.

علاقات مع الغرب
حرصت طهران على استقبال وفود أوروبية عديدة خلال هذه المدة، كما بعثت بمسؤوليها إلى دول الاتحاد الأوروبي، في لقاءات وتحركات حملت عناوين اقتصادية وسياسية على حد سواء، فطهران التي تبحث عن الاستثمارات والعقود الأجنبية في زمن ما بعد رفع الحظر، تدرك أن علاقات اقتصادية متينة تعني هدوءاً واستقراراً أكثر في العلاقات السياسية.

وقد حملت هذه الزيارات، وأبرزها جولات وزير الخارجية ورئيس الوفد النووي المفاوض محمد جواد ظريف الأوروبية، وأيضاً جولة روحاني في كل من إيطاليا والفاتيكان وفرنسا، عنواناً سياسياً عريضاً هو مكافحة الإرهاب. وخرجت التصريحات الإيرانية من العواصم الأوروبية لتدعو إلى تحالف إقليمي ودولي تكون طهران جزءاً منه، كون العالم برمته بات متضرراً من الإرهاب، وهو ما أكسب طهران فرصة للحوار حول الملف السوري مع قوى دولية فاعلة، على الرغم من موقفها الداعم لنظام بشار الأسد، ما جعل دورها في قضايا الإقليم وعلى رأسها الصراع السوري، واضحاً، وهو ما كانت تبحث عنه طهران كمكسب وامتياز سياسي من الاتفاق، بعد سنوات طويلة من العزلة ومن محاولات شيطنتها أمام العالم، كما يردد مسؤولوها في الداخل.
في الوقت ذاته، ترى طهران أن اتفاقها النووي والذي يستطيع أن يشكّل أرضية متينة لتعاون بنّاء مع دول الاتحاد الأوروبي، يعني مرونة أكبر في التعامل معها في المقابل، كما تعتبر أن البرنامج النووي يستطيع أن يهيئ الأرضية اللازمة لهذا التعاون، وهو ما لا يمكن الوصول إليه مع الجيران من العرب. ولم تتردد إيران بتصدير التكنولوجيا النووية إلى الخارج خلال عام من الاتفاق النووي، فقد باعت الماء الثقيل المنتج في مفاعل آراك للولايات المتحدة الأميركية. كما كان رئيس هيئة الطاقة الذرية الإيرانية علي أكبر صالحي، قد أعلن في وقت سابق، أن بعض الأطراف في الاتحاد الأوروبي تعتزم شراء ما يقارب 20 طناً من الماء الثقيل، مؤكداً ضرورة أن تقتحم إيران هذه السوق دولياً، لا سيما أن مصدّري الماء الثقيل قلة في العالم.
فضلاً عن هذا، أعلن مساعد وزير الخارجية وعضو الوفد المفاوض عباس عراقجي، أن باريس اقترحت على طهران أخيراً التعاون الثنائي معها في مشروع مشترك يتعلق بالانصهار النووي، وقال حسب الوكالة الإيرانية الرسمية إن الاتفاق سمح بإزالة الكثير من العراقيل والتي وقفت بوجه تطور إيران علمياً.


من جهته، يقيّم عضو لجنة الأمن القومي والسياسات الخارجية في البرلمان الإيراني محمد جواد جمالي، في حديث لـ"العربي الجديد" سياسة بلاده خلال عام أعقب التوصل للاتفاق النووي، بأن طهران أدّت تعهداتها الفنية والتقنية في الاتفاق النووي، وكان هذا باعتراف رسمي إيراني، فضلاً عن ذاك الأوروبي والغربي بشكل عام، بالإضافة للتقارير التي نشرتها الوكالة الدولية للطاقة الذرية والمسؤولة عن متابعة تطبيق الاتفاق دولياً. لكنه يتهم الطرف المقابل بعدم الالتزام بكافة التعهدات، حيث إنه من المفترض أن تلغى العقوبات الاقتصادية المفروضة على إيران بموجب الاتفاق بالكامل، لكن بعضها ما زال سارياً، ولا سيما تلك المرتبطة بالنظام المصرفي والمالي، مضيفاً أن الاتفاق لم يطبق بشكل مثالي.
ويعتبر أن ارتباطات طهران السياسية باتت أفضل، إذ إن زيارات الوفود الأجنبية الدبلوماسية للعاصمة تكثّفت خلال هذه الفترة، مشيراً في المقابل إلى أنه لا نتائج عملية ملموسة بعد لكل هذه الزيارات، فالحكومة تجهز لتوقيع عقود اقتصادية أو لتطبيق صفقات تم التوقيع عليها بالفعل، لكن على أرض الواقع لم تحصد النتائج العملية لمهمة التركيز على ترميم العلاقات السياسية مع الآخرين، حسب قوله.
والجدير بالذكر أن وجهة النظر هذه تمثّل وجهة نظر العديدين في الداخل الإيراني أيضاً ممن ينتقدون نتائج الاتفاق النووي، ولا سيما المحسوبون على دائرة الطيف المتشدد في التيار المحافظ.
ويضيف جمالي أن الإقليم يتعرض للعديد من المشكلات بالإضافة لوجود توتر إيراني خليجي، قائلاً إن "هذه الأطراف إضافة إلى أطراف دولية أخرى لم تكن تريد أن تتوصل إيران لاتفاقها النووي من الأساس في محاولة للحفاظ على الضغط الدولي الممارس على طهران"، حسب قوله.

توتر مع الإقليم
مطلع العام الحالي، قطعت السعودية علاقاتها السياسية والاقتصادية والتجارية مع إيران، على خلفية اقتحام محتجين إيرانيين مقر السفارة السعودية في العاصمة طهران وإحراق أجزاء من القنصلية في مشهد شمال شرقي البلاد، اعتراضاً على إعدام الرياض لرجل الدين الشيعي نمر النمر. قرار لحقه تدهور في علاقات إيران مع دول أخرى، منها البحرين والإمارات، وارتفعت بعد ذلك حدة التصريحات ضد حزب الله اللبناني، حليف طهران الاستراتيجي، بسبب دوره في سورية.
وعن دور إيران الإقليمي والدولي بعد الاتفاق النووي، يقول المحلل السياسي ورئيس تحرير وكالة مهر الإيرانية سابقاً حسن هاني زاده، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن الاتفاق النووي أوجد فرصة لإيران للقيام بدور أكبر في ملفات اليمن وسورية والعراق وحتى في لبنان، كما ساهم برفع مستوى التنسيق بين إيران وروسية وسورية وحزب الله. ويشير إلى أن هناك مفاوضات أميركية روسية بين الحين والآخر حول سورية، ولا يمكن لطهران إلا أن تكون جزءاً من الحل، ولولا حل أزمة البرنامج النووي الإيراني، لما استطاعت القوى الكبرى فك عقدة التواصل مع طهران، معتبراً أن هناك بعض المحددات التي لا تزال تعترض هذا المكسب الإقليمي بالنسبة لإيران، ويرتبط الأمر بالعلاقات مع بعض دول المنطقة.

فضلاً عن هذا، وبعد التوصل للاتفاق النووي، أثير موضوع الصواريخ الباليستية الإيرانية مرات عدة من قِبل أطراف غربية، وهو الملف الذي عطّل التوصل لاتفاق سابقاً، لكن الغرب أبقى على عقوبات التسليح والصواريخ الباليستية ولم يشملها بقرار إلغاء العقوبات الاقتصادية. إلا أن الحرس الثوري الإيراني أعلن عن تجربة صواريخ باليستية خلال هذا العام، اعتبرت الحكومة الإيرانية أنه أمر لا يخرق الاتفاق، طالما أنها صواريخ غير قابلة لحمل رؤوس نووية. ولوحظ إجماع في الداخل على هذا الملف الذي أقلق العديدين، لكنه يبقى ملفاً يحقق قوة ردع لطهران لطالما اعتمدت عليها في سنوات الحظر كذلك.
وبوجود هذه التوجهات للسياسة الخارجية للحكومة الإيرانية، يتحفظ البعض في الداخل وهم المنتمون للمحافظين غالباً، على فتح أية علاقات مع الولايات المتحدة، خصوصاً أن المرشد الإيراني الأعلى علي خامنئي ركز في تصريحاته المكررة خلال هذا العام على عدم وجود أي ارتباط مباشر مع واشنطن ولا أي تفاوض إلا حول النووي. كذلك ينظر كثيرون بحذر للتقارب مع الغرب على حساب الجيران، لكن يبقى الملف السوري محسوماً بالنسبة للأطياف السياسية ذاتها طالما أنه يعني وقوفاً إلى جانب "محور المقاومة" كما يقولون.

ذات صلة

الصورة

سياسة

على الرغم من إعادة انتخاب دونالد ترامب رئيساً للولايات المتحدة، إلا أنه ما زال يواجه تهماً عديدة في قضايا مختلفة، وذلك في سابقة من نوعها في البلاد.
الصورة
ترامب يلتقي زيلينسكي في نيويورك / 27 سبتمبر 2024 (Getty)

سياسة

تبدو أوروبا اليوم متعايشة مع احتمالية عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، لكنها تنظر للأمر من باب أنه "سيتعين" على القارة العجوز "أن تكون حقاً بمفردها".
الصورة
الهجوم الإسرائيلي على إيران 26/10/2024 (صورة متداولة)

سياسة

أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي، فجر اليوم السبت، أنه شنّ ضربات دقيقة على أهداف عسكرية في إيران، لكن الأخيرة نفت نجاح إسرائيل في الهجوم.
الصورة
مبنى تعرض للقصف الإسرائيلي في الضاحية الجنوبية لبيروت، 26 سبتمبر 2024 (Getty)

سياسة

أطلق الاحتلال الإسرائيلي اسم "ترتيب جديد" بعد إعلانه اغتيال حسن نصر الله ملوحاً بالتصعيد أكثر في لبنان وموجهاً رسائل لإيران وحركة حماس