علّق رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري، جلسات هيئة الحوار الوطني بضغط مباشر من تكتل التغيير والإصلاح (بزعامة النائب ميشال عون) الذي هدّد ممثلوه بمقاطعة الحوار تحت عنوان "الميثاقية" و"حقوق المسيحيين". وبتعليق هذه الجلسات الحوارية، تكون الطبقة السياسية اللبنانية قد وصلت إلى حضيض التفاهمات القائمة في ما بينها، معلنة بذلك عجزها التام عن إدارة البلاد والفشل حتّى في تنظيم الحوار بين مكوّناتها. هكذا تأتي أزمة تعليق الحوار لتستكمل مشهد الفراغ والشغور وانفراط عقد المؤسسات الدستورية وغير الدستورية القائمة.
وقد كانت هيئة الحوار آخر المجالس السياسية القادرة على إصدار تفاهمات بين الكتل اللبنانية، تحديداً مع استمرار الشغور الرئاسي (منذ مايو/أيار 2014)، ووضع الحكومة الدقيق بين تأجيل جلساتها وعدم انعقادها، بالإضافة إلى إقفال أبواب التشريع في البرلمان، إذ عقد مجلس النواب آخر جلسة له في نوفمبر/تشرين الثاني 2015، تحت عنوان "تشريع الضرورة" بهدف إقرار عدد من القوانين المالية المتعلقة بمكافحة الإرهاب وتبييض الأموال. طبعاً، بالإضافة إلى الأزمة البيئية والصحية الناتجة من النفايات التي عادت لتتكدس في شوارع بيروت وجبل لبنان (أكبر المحافظات اللبنانية) نتيجة الحلول غير المستدامة وغير الجدية التي أقرّتها الحكومة الحالية مطلع العام الحالي.
وقد كانت هيئة الحوار آخر المجالس السياسية القادرة على إصدار تفاهمات بين الكتل اللبنانية، تحديداً مع استمرار الشغور الرئاسي (منذ مايو/أيار 2014)، ووضع الحكومة الدقيق بين تأجيل جلساتها وعدم انعقادها، بالإضافة إلى إقفال أبواب التشريع في البرلمان، إذ عقد مجلس النواب آخر جلسة له في نوفمبر/تشرين الثاني 2015، تحت عنوان "تشريع الضرورة" بهدف إقرار عدد من القوانين المالية المتعلقة بمكافحة الإرهاب وتبييض الأموال. طبعاً، بالإضافة إلى الأزمة البيئية والصحية الناتجة من النفايات التي عادت لتتكدس في شوارع بيروت وجبل لبنان (أكبر المحافظات اللبنانية) نتيجة الحلول غير المستدامة وغير الجدية التي أقرّتها الحكومة الحالية مطلع العام الحالي.
في المقابل، قال مصدر قريب من عون لـ"العربي الجديد"، إن "ما جرى هو البدء بالمرحلة الثانية من التصعيد السياسي"، ولفت إلى أن "الأمور ستزداد تعقيداً في الفترة المقبلة، والاستقالة من الحكومة واردة بشكل قوي"، وهو ما تحاول القوى السياسية الحؤول دونه منعاً للفراغ التام في البلد. من جهته، أبلغ وزير الاتصالات بطرس حرب "العربي الجديد"، أنه يدرس إمكانيّة عقد مؤتمر صحافي في الساعات المقبلة، لأنه يعتبر ما يجري يدفع لبنان إلى "مغامرة قد تُدمر الصيغة اللبنانيّة وتؤذي جميع الطوائف، وهو أمر خطير جداً". وعند سؤاله عن إمكانيّة تقديم استقالته من الحكومة، رد حرب بأنه إذا كان بقاؤه في الحكومة يُساهم في تعطيل السلطة فيجب ألّا يستمر.
ويفتح هذا الواقع المستجدّ على صعيد تعطيل المؤسسات اللبنانية باب النقاش واسعاً أمام إمكانية تمديد جديد للبرلمان اللبناني (الممدّد له لولاية كاملة حتى 2017)، خصوصاً لجهة العجز عن إقرار قانون جديد للانتخابات النيابية وتحوّل الحكومة الحالية إلى حكومة تصريف أعمال في ظل الشغور الرئاسي، ما يعني أن المأزق الدستوري اللبناني سيكبر أكثر. مع العلم أنه سبق لعدد من الأقطاب أن بادروا إلى مناقشة موضوع التمديد في مجالسهم الخاصة من دون تجرؤ أي منهم على قول الأمر علناً خوفاً من ردة الفعل السياسية والشعبية والتبعات الممكن أن تترتّب على موقف مماثل. ولخّص أحد هؤلاء الأقطاب الوضع القائم في لبنان حالياً بالقول لـ"العربي الجديد" إنّ "الوضع أشبه بسيارة تسير في حقل ألغام ومكابحها معطّلة". توصيف يدعو إلى القول إنّ اللبنانيين ينتظرون لحظة تفجير سياسي ودستوري لا بد أن يقع في الغد، إذا لم يقع اليوم.
وفي تفاصيل الجلسة الحوارية، حضر صهر عون، وزير الخارجية اللبناني جبران باسيل، إلى الحوار ليفتح نقاشاً مطوّلاً حول "الميثاقية" و"حقوق المسيحيين" وتغييب القرار المسيحي عن الدولة ومؤسساتها. فأعلن باسيل بعد انتهاء جلسة الحوار أنّ "طرح موضوع الميثاقية أتى تأكيداً منا على أنّ الميثاق أسمى ما في بلدنا"، مشيراً إلى أنه "بفقدان الميثاق تهتز القناعة الوطنية بالعيش المشترك، ولن نسمح بتكرار ظلم التسعينيات في حق المسيحيين".
وبينما كانت أطراف الحوار حاضرة لإعلان أسماء مندوبيها إلى الهيئة التقنية التي أجمع المتحاورون على إنشائها لمتابعة ملفي قانون الانتخابات التشريعية ومجلس الشيوخ، جاء باسيل ليفجّر الجلسة ويدخل حوارها في موضوع "الميثاقية" التي لا تحمل تعريفاً واضحاً في الأساس وأدّى النقاش حولها إلى مشادات وجملة من الأخذ والردّ بين الحاضرين. فوقع أبرز هذه السجالات بين باسيل ورئيس تيار المردة النائب سليمان فرنجية، الذي سأل باسيل عمّا يمثّله من حيثية لكونه راسباً في الانتخابات التشريعية في منطقته البترون (شمال لبنان). وعند عجز هيئة الحوار عن الوقوف عند مطالب باسيل حول "الميثاقية"، أعلن الأخير مقاطعة التكتل لجلسات الحوار، ما اضطر رئيس البرلمان وراعي الحوار نبيه بري، إلى التأكيد أنه لن يدعو إلى عقد جلسات جديدة للحوار الوطني في ظل مقاطعة أحد مكوّناتها. فتم تعليق الحوار بانتظار ما قد يحصل من اتصالات لإقناع عون وفريقه بالعودة إلى الحوار، بما لذلك أيضاً من تأثيرات على الوضع الحكومي المعرقَل أساساً نتيجة الاختلاف حول ملف التعيينات الأمنية في ظلّ رفض عون أيضاً التمديد لقائد الجيش جان قهوجي.
أما النائب فرنجية فأكد بشكل أو بآخر المعلومات المسرّبة عن السجال الذي حصل بينه وبين باسيل، إذ لفت إلى "أننا اعتدنا على قول الأمور للأشخاص في وجوههم وليس في غيابهم"، مشدداً على وقوفه إلى جانب مطالب المسيحيين وحقوقهم "لكن الأسلوب المتّبع غير فعال وغير جيّد ويؤدي إلى المزيد من التعطيل وهذا ما نرفضه". واعتبر فرنجية أنه "مطلوب مني اليوم أن ألغي نفسي من أجل إيصال أحدهم إلى موقع رئاسة الجمهورية حظوظه في الأساس غير مضمونة، لذا أعتقد أنه يجب عدم ربط الأمور بأشخاص أكان في ما يخص الرئاسة أو حقوق المسيحيين أو في المسائل الوطنية". وعن انعكاس تعليق الحوار على الحكومة، أعاد فرنجية القول "إننا سنناقش هذا الموضوع مع حلفائنا وتحديداً حزب الله، ولكن في الأساس نحن ضد التعطيل".