وقال مسؤول محلي بارز في الموصل، لـ"العربي الجديد"، إنّ "الموصل اليوم ساحة للأحزاب السياسية والمليشيات، والتي انتشرت بشكل كبير في المناطق المحرّرة بالساحلين الأيمن والأيسر".
وأوضح مازن عبد الله، وهو عضو مجلس الموصل (الحكومة المحلية)، أنّ "تلك الجهات تعمل على كسب أهالي الموصل بطريقة وأخرى، وشق صفوفهم وتعدد انتماءاتهم، مستغلّة الظرف الاقتصادي والأمني الذي تعاني منه المحافظة".
وأكّد عبد الله أنّ "تحركات تلك الجهات هي مسعى لزرع بذور الفرقة بين أبناء المحافظة الواحدة، وسلب رأيهم، ليكونوا جهات متناحرة متعددة الارتباطات والولاءات، ولا تستطيع أن تتوحد ولا تكون لها كلمة واحدة"، مبيناً أنّ "هذا التوجه ينذر بخطر كبير تتوجه نحوه المحافظة، والتي قد تواجه حالة لا تقل خطورة عن فترة (داعش)".
ودعا المتحدث ذاته الحكومة إلى "فرض قيود على عمل الأحزاب والمليشيات في المحافظة، وأن تتابع تحركاتها المريبة، وأن تعمل على تدعيم استقرار الموصل".
من جهته، قال محافظ نينوى السابق، أثيل النجيفي، في تصريح متلفز، إنّ "إدارة الموصل لما بعد (داعش) قد تكون مستحيلة، وإذا بقيت الإدارة غير الحكيمة فقد نواجه انتكاسات كبيرة"، موضحا أنّ "الموصل كبيرة جدّا، وبها مكونات متعدّدة وصراعات نتجت عن مرحلة (داعش) وأسباب أخرى تعقد المشهد فيها".
وأضاف أنّه "مع كل ذلك الدمار الموجود فإنّ محاولات عودة الحياة للموصل تحتاج إلى قيادة سياسية وإدارية حكيمة"، مؤكدا أنّ "هذه القيادة مفقودة حاليا".
وأشار إلى أنّ "بغداد لن تستطيع وضع الخطط لإدارة الموصل إذا لم تستمع لرأي القوى السياسية الرئيسية بالمحافظة، فهي لا تستطيع وضع تلك الخطط بناء على معلومات القادة العسكريين، ولا على معلومات قواها السياسية… لا بد من أن تستمع لرأي القوى الموصلية".
وحذّر المسؤول العراقي ذاته "من خطورة ترك الأمور في المحافظة على حالها، لما قد تتسبب به من انتكاسات"، داعيا إلى "إعلان حالة الطوارئ في الموصل"، موضحا أنّ "فكرة الطوارئ هي الأفضل للمحافظة، وهي دستورية، وتكون بطلب مشترك من رئاسة الوزراء ورئاسة الجمهورية، ومن ثم تعرض على البرلمان، فهي تعطي سقفا من الصلاحيات واسعا لإدارة المحافظة، وبإشراف برلماني حكومي عليها، وستكون ملائمة لإعداد الانتخابات في المحافظة، حتى يتم تغيير الوضع الحالي".
وكان مصدر سياسي قد كشف، لـ"العربي الجديد" في وقت سابق، عن أنّ التحالف الحاكم بحث في اجتماع عقده مع رئيس الحكومة، حيدر العبادي، مصير الموصل، ودعاه إلى تعيين حاكم عسكري عليها، يتمتّع بخبرة عسكرية وإدارية، ومعروف بانتمائه الوطني للحكومة، يدير المحافظة بشكل كامل، ويمتلك سلطة القرار فيها.
ويحذّر مراقبون من خطورة مرحلة ما بعد "داعش" في الموصل، خصوصا أنّ الجهات الحزبية والمليشيات فتحت مكاتبها بعمق المحافظة، وبدأت تطبيق أجنداتها الخاصة، كما أنّ صراع المصالح بين الأحزاب الحاكمة في بغداد، والجانب الكردي محتدمة جدّا، إذ يحاول كل طرف تنفيذ إرادته في الموصل، في وقت يغيّب فيه صوت أهالي المحافظة.