باشرت الحكومة المغربية تعبئتها السياسية والحزبية في ملف الصحراء والمستجدات التي ترتبط به على الأرض، بعد تلويحها بالرد العسكري على ما اعتبرته استفزازات جبهة البوليساريو في المناطق العازلة بالصحراء، من خلال اجتماعات مكثفة مع زعماء الأحزاب والنقابات العمالية.
واجتمع سعد الدين العثماني رئيس الحكومة المغربية، مع الأمناء العامين للأحزاب، ورؤساء المنظمات النقابية الممثلة وغير الممثلة في البرلمان يومي الأحد والاثنين بشكل منفصل، لدراسة مآلات التحركات الأخيرة لجبهة البوليساريو في المنطقة العازلة بالصحراء، وحشد الأصوات الداعمة لأي رد فعل مغربي حيال الموضوع.
وقال العثماني في كلمته الافتتاحية لاجتماع مساء الاثنين إن تحركات البوليساريو في المنطقة العازلة للصحراء المغربية تعد "اعتداء مباشرا على سيادة المغرب"، مبرزا أن "هذه المنطقة العازلة تركها المغرب طوعاً، حتى لا يكون هناك أي مبرر لخرق وقف إطلاق النار الذي قبله المغرب سنة 1991".
بدورها، التأمت الأحزاب السياسية المغربية بشكل سريع من خلال عقد اجتماعات طارئة مساء أمس واليوم الثلاثاء، نددت خلالها بما نعتته المناورات الخطيرة لجبهة البوليساريو، ولعبها بالنار في منطقة من المفترض أن تكون منزوعة السلاح، داعية الحكومة إلى التصدي لهذه التحركات بـ"حزم وصرامة".
حزب "الاستقلال" بدوره وصف في بيان أعقب اجتماعه الطارئ، تحركات عناصر البوليساريو شرق الجدار الأمني الدفاعي للصحراء بأنها "عمل معاد للمغرب وتهديد حقيقي لوحدته الترابية وللسلم والأمن في المنطقة، وانتهاك صارخ للاتفاقيات العسكرية ولوقف إطلاق النار".
وفي وقت دعا حزب "الاتحاد الدستوري" المشارك في الحكومة إلى حث المجتمع الدولي على إجبار البوليساريو على الانسحاب الفوري واللا مشروط من المناطق العازلة"، تجتمع أحزاب سياسية أخرى اليوم لنفس الغرض، وعلى رأسها حزب "الأصالة والمعاصرة" المعارض.
وفي السياق، اعتبر الدكتور محمد نشطاوي المحلل والأستاذ بجامعة مراكش، في حديثٍ لـ"العربي الجديد" أن اجتماعات رئيس الحكومة مع زعماء الأحزاب، بمثابة التعبئة الشاملة لكافة الفاعلين في المملكة، من حكومة وأحزاب سياسية ومنظمات نقابية وهيئات مهنية ومنظمات المجتمع المدني، من أجل الدفاع عن قضية الصحراء".
وأوضح أن المغرب يسعى إلى "التصدي لكل مناورات البوليساريو الهادفة إلى تغيير المعطيات على أرض الواقع بالمنطقة العازلة، خصوصا تشييد بعض البنايات فيها"، مشيراً إلى أن هذه التحركات تهدف إلى "التشويش على مسلسل التسوية السياسية لهذا النزاع، في وقت سيتم فيه تقديم تقرير الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس حول مسار التسوية".
كما رأى المحلل أن هذه الاجتماعات هي مناسبة لإطلاع الجميع على مختلف المبادرات التي يقوم بها المغرب، دفاعاً عن قضيته الوطنية، لا سيما في ظل تحركات البوليساريو الأخيرة بدءا ًمن قضية اعتراض سفن المكتب الشريف للفوسفات في جنوب أفريقيا، مروراً برفع دعاوى إبطال اتفاقية الصيد البحري مع الاتحاد الأوروبي، وآخرها التهديد بتشييد بنايات في المنطقة العازلة.
وحول اعتبار تحرك الحكومة اتجاه الأحزاب في قضية الصحراء خطوة مفاجئة، أكد الأستاذ الجامعي أن مبادرة الحكومة والأحزاب تعد "سنة حميدة تؤطر لمرحلة جديدة في تدبير هذا الملف يتم فيها إشراك الجميع، ووضعه في إطار المستجدات والاستراتيجيات الممكن اتباعها للوقوف أمام تحديات البوليساريو وأعوانه".