بالتزامن مع حراك تشكيل الكتلة البرلمانية الكبرى الممهدة لانبثاق الحكومة العراقية الجديدة، يجري حراك آخر لا يقل أهمية في الأوساط السياسية السنية للاتفاق على مرشح رئاسة البرلمان المخصص عرفاً للأحزاب السنية، لا سيما بعد الأهمية الكبيرة التي حظي بها المنصب خلال السنوات الأخيرة، من خلال قدرته على تعطيل قوانين وإقرار أخرى. ومع احتدام الصراع يبدو التنافس واضحاً باتجاه الولاية الثانية لرئاسة البرلمان بين رئيس مجلس النواب الأسبق أسامة النجيفي، وبين رئيس السلطة التشريعية الذي انتهت ولايته قبل أكثر من شهر، سليم الجبوري، في حال تمكن من الفوز بالعد والفرز اليدوي.
نقاشات الاتفاق على مرشح رئاسة البرلمان الجديد لم تحسم إلى غاية الآن على الرغم من أهميتها وفقاً لما أفاد به عضو بتحالف القرار العراقي، بقيادة نائب رئيس الجمهورية أسامة النجيفي، لـ "العربي الجديد" إذ أعلن أن "الأمر صعب جداً بسبب وجود أكثر من طرف يطمح إلى المنصب"، مبيناً أن "دخول القوى السنية الانتخابات التشريعية ضمن أكثر من ائتلاف، زاد من صعوبة الموقف". وأضاف العضو أن "تحالف القرار اتفق على ترشيح أسامة النجيفي للمنصب، إلا أن هذا الترشيح اصطدم برغبات قوى أخرى"، مؤكداً أن "النواب السنة في ائتلاف الوطنية بقيادة إياد علاوي، يصرّون على ترشيح سليم الجبوري لولاية ثانية، في حال فاز في عمليات العد والفرز اليدوي التي تجريها مفوضية الانتخابات المنتدبة لصناديق الانتخابات البرلمانية التي جرت في مايو/أيار الماضي".
يشار إلى أن رئيس البرلمان العراقي الذي انتهت ولايته في الأول من يوليو/ تموز الماضي سليم الجبوري، كان قد خسر الانتخابات التشريعية، إلا أن تسريبات نقلتها وسائل إعلام محلية تشير إلى احتمال فوزه في العد والفرز اليدوي الذي تجريه مفوضية الانتخابات المنتدبة". وأكد القيادي في تحالف القرار العراقي، عبد ذياب العجيلي، أن "النجيفي هو الأوفر حظاً لتسلم منصب رئيس البرلمان الجديد في حال أخفق الجبوري في الحصول على مقعد نيابي"، مبيناً في تصريح صحافي أن "القوى السنية ترغب بتولي النجيفي للمنصب بسبب خبرته السابقة في إدارة مجلس النواب. وتابع العجيلي وهو وزير سابق أن "بعض الاشخاص يرغبون في رئاسة البرلمان، إلا أنهم أقلّ حظاً من النجيفي والجبوري". وتولى النجيفي رئاسة البرلمان العراقي للمدة (2010 – 2014)، وشهدت تلك الفترة سجالات وخلافات كبيرة مع رئيس الوزراء حينها نوري المالكي، وتسبب ذلك بقطيعة بين الحكومة والبرلمان.
بدوره، قال العضو السابق في تحالف القوى العراقية محمد عبدالله، إن "فوز النجيفي أو الجبوري بالمنصب يعتمد على طبيعة التحالفات السياسية المقبلة"، مؤكداً لـ"العربي الجديد" أن "الأقرب من الكتلة الكبرى هو الذي سيكون المرشح الأقوى". وأوضح أن "الكتل السياسية السنية الفائزة بالانتخابات تعاني من صراعات داخلية كبيرة بشأن اقتسام المناصب المهمة كرئاسة البرلمان، والوزارات السيادية، وفشل اجتماعها في عمّان الشهر الماضي زاد المشهد تعقيداً". وأشار إلى "وجود انشطار واضح في توجهات القوى السنية، ففي الوقت الذي يبدو فيه تحالف القرار برئاسة النجيفي قريباً من تحالفي سائرون التابع للتيار الصدري، والنصر الذي يتزعمه رئيس الوزراء حيدر العبادي، يقترب تحالف الحل برئاسة السياسي جمال الكربولي من ائتلاف دولة القانون برئاسة المالكي".
المالكي الذي أكد أن "مسألة تشكيل الكتلة البرلمانية الكبرى ستحسم خلال الأسبوع المقبل"، أوضح خلال مقابلة مع راديو محلي أن "هذه الكتلة التي سيتزعمها ستكون عابرة للطائفية، وخارج إطار التحالف الوطني الحاكم الذي انتهى".
وقالت عضو البرلمان العراقي عن الحزب الديمقراطي الكردستاني نجيبة نجيب، إن "العرف المعمول به منذ احتلال العراق عام 2003 هو أن يتم منح رئاسة الجمهورية للأكراد، ورئاسة الوزراء للشيعة، ورئاسة البرلمان للسنة"، مؤكدة لـ "العربي الجديد" أن "مقتضيات التوافق هي التي حتمت ذلك". واستدركت "إلا أن هذا الأمر لا يمكن أن يكون نهائياً، فقد تتفق هذه المكونات على استبدال بعض المناصب فيما بينها"، مبينة أنها "لا تستبعد أن يتم استبدال رئاسة البرلمان برئاسة الجمهورية مثلاً إذا كان ذلك مرضياً للجميع".
أمر سبق أن أكده عضو البرلمان العراقي عن الحزب الديمقراطي الكردستاني محسن السعدون، الذي قال إن "الدستور لم يوزع المناصب المهمة في الدولة العراقية على المكونات"، موضحاً أن "الأكراد يمكن أن يحصلوا على رئاسة البرلمان مقابل منح رئاسة الجمهورية للسنة في حال اتفق الطرفان على ذلك".