فتحت فتوى بتحريم ما تقوم به فرقة "صول باند" الفلسطينية الباب واسعاً أمام حالة من الشد والجذب على مواقع التواصل الاجتماعي، بعد تعرض الفرقة للانتقاد، بسبب ظهورها في أماكن عامة لتأدية أغنيات وطنية، بآلات موسيقية حَيّة.
وانتشرت مقاطع فيديو يظهر فيها شبان الفرقة على المفترقات العامة داخل قطاع غزة، ما دفع عددا من الأشخاص لانتقادها، وإصدار الفتاوى بتحريمها، لكن ذلك قوبل برأي مؤيد.
وساهمت حالة الجدل في زيادة شهرة فرقة "صول باند" في القطاع، بهدف تعريف العالم بالأغاني التراثية الفلسطينية والحفاظ عليها.
ويستند مطلقو الفتاوى المُهاجِمة لمقاطع الفيديو إلى أنها تحرض على الاختلاط، ومياعة الشباب في المناطق العامة، لكن نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي، على فيسبوك وتويتر ومختلف المنصات، كان لهم رأي آخر، يؤكد على أهمية الأغاني الوطنية في مساندة القضية الفلسطينية.
وحقق الهجوم على الفرقة والأغاني التي تم بثها هدفاً عكسياً، إذ انتشرت كالنار في الهشيم على مواقع التواصل الاجتماعي.
وتوجه النشطاء في حواراتهم إلى الحديث عن هجرة أصحاب العقول، وأصحاب الإبداعات الفلسطينية من قطاع غزة إلى الخارج، نتيجة عدم توافر البيئة الحاضنة لإبداعاتهم وطموحاتهم في بعض الأحيان، مشددين على أهمية إفساح المجال لكل الطاقات، كي تعبر بطريقتها عن حبها للوطن والأرض والقضية.
وقوبلت فتوى التحريم بعدد من الردود الرافضة، حيث قال الكاتب الفلسطيني يسري الغول "فرقة صول باند وغيرها من الفرق الفنية، والمسرحية، والسينمائية، والأدبية أدوات فاعلة في مواجهة الاحتلال، وهي عوامل نهضة في مواجهة الرجعية".
من ناحيته قال أستاذ العلوم السياسية في جامعة الأمة حسام الدجني إن إصدار الفتوى "خلق جدلاً حول فرقة صول باند في غزة، حيث تعالت الأصوات ما بين مؤيد ومعارض، وهذا شيء صحي ومنسجم مع مبدأ الحريات العامة والخاصة".
ولكن الغريب -وفق قوله- أن البعض ذهب لربط هذه الفتوى بحركة حماس وحكومة غزة، وهو غير صحيح، إذ تم في نهاية الفيديو تقديم الشكر للمكتب الإعلامي للداخلية في حكومة غزة، وهو ما يعني عدم معارضة الحكومة في غزة لعملها.
وبين الفنان حمادة نصر الله، من فرقة صول باند، لـ"العربي الجديد" أنّ الفرقة سعيدة بالتفاعل الكبير مع الأغاني والفيديوهات التي نشرت، مشدداً على أن الفريق لم يهاجر، كما روج بعض النشطاء نتيجة الهجوم والانتقادات، وإنما سافر بشكل طبيعي ومتقطع إلى تركيا لإتمام أعمال فنية، ومن ثم الرجوع إلى قطاع غزة.
— Fatima (@Fatima64387935) November 24, 2019
|
وأوضح أن البرنامج سجل بالكامل، ويتم بث الأغاني عبر تلفزيون "فلسطيني" كل يوم خميس، مضيفاً "خرجنا إلى تركيا لإتمام أعمال فنية مع شركة نيو سيين، لكننا سنعود قريباً".
من ناحيتها، قالت الفنانة الفلسطينية رهف شمالي (15 عاماً)، وهي مغنية وعازفة إيقاع في فرقة صول باند، إنها نشأت على حب الأغاني الطربية، ومن ثم تدرجت في عدد من الأنشطة والمهرجانات والمعاهد إلى أن وصلت إلى فرقة صول باند الشبابية، التي انطلقت عام 2012 وشاركت في مهرجانات متنوعة داخل وخارج قطاع غزة.
وأشارت شمالي إلى أن قدر قطاع غزة يجب ألا يبقى مربوطاً بالدماء والأشلاء والحزن، والحروب، مضيفة: "نحن نقاوم بالفن وبالأغاني التراثية والوطنية. نغني للوطن، ولغزة، وللأرض، ونرغب بكل حب أن نوصل رسالتنا وصوتنا إلى كل شخص في العالم".
من جانبه، بين صاحب الفكرة، ومُعد برنامج وصلة محمد أبو شمالة، أن البرنامج الفني يتألف من 30 حلقة. كل حلقة تتكون من قسمين، الأول يتم فيه الحديث عن حكاية الأغنية بأسلوب عفوي تعايشي بين أعضاء الفرقة داخل أستوديو مغلق جهز مسبقاً، وتم الحصول على معلومات الأغاني ضمن عملية بحث محكمة. أما القسم الآخر من الحلقة فتقوم فيه الفرقة بغناء الأغنية بتوزيع موسيقي جديد مخصص لها وبأسلوب جديد".
وأوضح أبو شمالة في حديث مع "العربي الجديد" أن البرنامج، والذي تم تسجيل حلقاته في أماكن عامة ومتنوعة في قطاع غزة، من إنتاج قناة "فلسطيني"، منتج ومنفذ شركة "نيو سيين".
— SOL BAND صول (@solbandgaza) November 15, 2019
|
من ناحية أخرى، أشار مخرج العمل الفني ومدير شركة "نيو سيين" حسام أبو دان إلى أن البرنامج تم تصويره من شهر مارس/ آذار 2019 حتى شهر سبتمبر/ أيلول 2019.
ومضى يقول إن حالة التفاعل مع الجمهور خلال تصوير الحلقات كانت جميلة وحيوية. "وأثناء عرض حلقتين حتى الآن من البرنامج بالرغم من بعض الأصوات المخالفة، إلا أن حجم التفاعل كبير ولم نكن نتوقعه".