بالرغم من توقف حملات التنقيب بشكل شبه كامل في العراق، البلاد الغزيرة بالآثار، خلال العقود الثلاثة الماضية، بسبب الحصار الاقتصادي الذي فُرض على البلاد مطلع تسعينيات القرن الماضي، والأوضاع الأمنية التي لم تهدأ حتى نهاية الحرب مع داعش، في نهاية 2017، إلا أن بوادر التنقيب والجهود الأثرية، بدأت بالظهور في مناطق متفرقة، بعضها حُرّر أخيراً من داعش.
في حوارٍ مع "العربي الجديد"، قال وزير الثقافة والسياحة والآثار العراقي عبد الأمير الحمداني، إن خطوات البلاد الحالية نحو قطاع الآثار والسياحة وحماية المثقفين العراقيين جادة، ولا سيما بعد اغتيال الكثيرين منهم خلال السنوات الماضية على أيدي عصابات، ولأسباب معظمها فكرية.
يقول الحمداني إن "حملات التنقيب عن الآثار توقفت خلال مرحلة الحروب الأخيرة وخلال فترة الحصار الاقتصادي على العراق، ولكن حالياً نعمل على استقبال البعثات التنقيبية وترخيص أعمالها عبر أوراق رسمية من الوزارة والحكومات المحلية، وهناك ترحيب حكومي وشعبي، ولا سيما أن هذا الأمر يساهم في تنشيط السياحة والوضع الاقتصادي للبلاد، إضافة إلى منفعة المواطنين في المناطق التي تحوي الآثار، من خلال استخدام العاطلين منهم كعمالة محلية وعمّال خدمة، وفي العراق فرق علمية كثيرة ماهرةٌ باستخراج وحفظ الآثار".
كم عدد البعثات الأجنبية التي تعمل حالياً في العراق، وما هي جنسياتها؟
منذ عام 2011 بدأنا بحملة للتنقيب بالتعاون مع المجتمع الدولي، وبدأت بعدها تتوالى البعثات الأجنبية للعمل في العراق، بالاشتراك طبعاً مع الجهود الوطنية والفرق العراقية، وبدأنا في محافظة ذي قار، كونها الأكثر أمناً، وحالياً لدينا أكثر من ثماني بعثات مشتركة في ذي قار تعمل في مواقع أور ولكش وأريدو، وهي من المدن السومرية القديمة، ولدينا بعثة عراقية دولية من فرنسا وأميركا وسلوفاكيا وإيطاليا وألمانيا في ذي قار، أما في البصرة، فتُنقب بعثة عراقية بريطانية مشتركة في مواقع عدة، من ضمّنها موقع الكرخة، وفي الحيرة تعمل بعثة عراقية ألمانية مشتركة، وفي واسط والديوانية تُنقب بعثة عراقية بالاشتراك مع جامعة شيكاغو بموقع "نِفّر"، وبعثات إيطالية بمواقع في الموصل، وتعمل تحديداً في الجزء الشرقي من نينوى قريباً من بوابة نرجال، ناهيك عن البعثات التي تعمل بالمسح الميداني، ونحن بانتظار بعثة روسية ستعمل في ذي قار وبعثات في إقليم كردستان، وإن كل هذه البعثات محمية بواسطة القوات العراقية التي ترافقها في كل المواقع.
تتحدث الحكومة العراقية عن أزماتها المالية، كيف تتعامل هذه الحكومة مع ملف الآثار والتنقيب مع العلم أنها أشارت غير مرة إلى أن إعمار المدن المدمرة بسبب الحرب على داعش هو الأهم في برنامجها الحكومي؟
تمكنت الوزارة من الحصول على أموال مما يُعرف بالموازنة التكميلية من الحكومة، ومن خلال هذه الأموال سنرسل بعثات وطنية وفرقا عراقية لتهيئتهم على التنقيب بالطرق العلمية والمتطورة، لأننا لا نريد للمدرسة الآثارية العراقية التي أسسها طه باقر أن تندثر، والوزارة بالتعاون مع الحكومة نريد إعادة المجد لهذه المدرسة التي شابتها معوقات كثيرة بسبب الحصار والنزاعات المسلحة، والعراق حالياً يسعى لخلق قاعدة بيانات رقمية خاصة بالمواقع الأثرية.
يكاد ينعدم أي مظهر من مظاهر السياحة في العراق، عدا الدينية، هل لدى العراق خطة جديدة للنهوض بهذا القطاع، وما هي؟
لدينا إجراءات تتعلق بتسهيل وصول الزائرين والوفود الأجنبية والسيّاح إلى مناطق العراق من خلال منح سمات الدخول الإلكترونية عن طريق النافذة الواحدة، وإعفاء أصحاب الفنادق الذين يستقبلون الوفود من رسوم الكهرباء والمياه والخدمات، فضلاً عن عزمنا على القيام بحملةٍ إعلامية للترويج السياحي. ففي العراق لدينا مناطق واعدة بالسياحة، مثل الأهوار (مسطحات مائية في الجنوب)، ومدينة أور والوركاء الأثريتين، وقد صرفت الحكومة ميزانية خاصة لغرض إكمال البنى التحتية الخاصة بهاتين المنطقتين، إضافةً إلى بابل وسامراء، فضلاً مناطق مهمة في كردستان.
ماذا عن السياحة في بغداد؟
في بغداد لدينا مناطق سياحية مهمة، مثل جزيرتي الأعراس وبغداد، والعمل جارٍ على إعادة إحياء شارع المتنبي والرشيد والقشلة وشاطئ دجلة العباسي الممتد من باب المعظم إلى الباب الشرقي، وهذا الأخير سيكون محط اهتمام وعناية شديدة وسأتفرغ شخصياً من أجل هذا المشروع للحفاظ على قلبِ العاصمة بغداد، وقد اتفقنا أخيراً مع حكومة كردستان على توحيد الجهود من أجل العمل كفريق واحد، بما يتعلق بمجالات السياحة والتنقيب والعمل على أن يكون هناك قانون واحد للآثار بدلاً من قانونين.
هناك حديث عن وضع بابل على لائحة التراث العالمي، هل هذا الأمر حقيقي؟
نعم حقيقي، وستُوضع بابل على لائحة التراث العالمي خلال اجتماع اليونسكو في باكو بدولة أذربيجان في يونيو/ حزيران المقبل.
عن حادثة اغتيال الروائي علاء مشذوب وغيرها من الاغتيالات والاستهدافات التي طاولت مثقفين، ما تعليقكم؟ وما هو دوركم في حماية المثقفين العراقيين؟
نحن ندين هذه الأفعال، ونرفض أي تهديد يطاول المثقفين، ومن واجبنا في وزارة الثقافة حماية الفنانين والأدباء والكُتّاب وتأمين حياتهم والتكفل بسبل عيشهم الكريم، وقد كانت خلال الفترات السابقة قطيعة بين الوزارة واتحاد الكُتاب والأدباء ونقابة الفنانين، وقد تمكنت من التواصل معهم من أجل عودة الصداقة والعمل على إنجاز مشاريع ثقافية بين الوزارة والنقابات والاتحادات من شأنها أن تعزز من مكانة المثقف العراقي، ومنحهم صلاحية صنع القرار العراقي والثقافي. ولدينا خطة لإعادة إعمار المسارح، ومنها الوطني، بتعاونٍ دولي، فضلاً عن ترميم 40 بيتا ثقافيا في العراق، وإن حماية المثقفين والصحافيين واجب علينا، وعلى الجهات الأمنية أن تتولى هذه المسؤولية.
اقــرأ أيضاً
بعيداً عن الأزمة التي دخلت بها الحكومة والبرلمان باختيار مرشحٍ حركة "عصائب أهل الحق"، لتنصيبه وزيراً للثقافة، نعلم أن غالبية الأحزاب تتدخل في شؤون الوزارات التي تكون ضمن حصتها ونصيبها وفق نظام المحاصصة، هل تتدخل أو تؤثر حركة "العصائب" بسياق عملكم في وزارة الثقافة؟
التأثير هو للنهوض بالوطن والمجتمع، وجهودنا جميعها تتجه نحو أن تكون الوزارة عراقية وللعراقيين، ومنفتحة على الجميع. ونركز في برنامجنا على بُعدين، الأول على إعادة الثقة بالشخصية العراقية وتسويق العراقي كأيقونة، وإن العراق الذي أنتج الحضارة وحرر الأرض والإنسان بالقوة هو نفسه قادر على بناء البلاد، والبُعد الثاني هو البحث عن الهوية العراقية والثقافية الجامعة، لذلك نحن نحترم خصوصية كل المكونات ونبحث عن مظلّة عراقية للجميع بعد سلسلة الانتكاسات والحروب.
يقول الحمداني إن "حملات التنقيب عن الآثار توقفت خلال مرحلة الحروب الأخيرة وخلال فترة الحصار الاقتصادي على العراق، ولكن حالياً نعمل على استقبال البعثات التنقيبية وترخيص أعمالها عبر أوراق رسمية من الوزارة والحكومات المحلية، وهناك ترحيب حكومي وشعبي، ولا سيما أن هذا الأمر يساهم في تنشيط السياحة والوضع الاقتصادي للبلاد، إضافة إلى منفعة المواطنين في المناطق التي تحوي الآثار، من خلال استخدام العاطلين منهم كعمالة محلية وعمّال خدمة، وفي العراق فرق علمية كثيرة ماهرةٌ باستخراج وحفظ الآثار".
كم عدد البعثات الأجنبية التي تعمل حالياً في العراق، وما هي جنسياتها؟
منذ عام 2011 بدأنا بحملة للتنقيب بالتعاون مع المجتمع الدولي، وبدأت بعدها تتوالى البعثات الأجنبية للعمل في العراق، بالاشتراك طبعاً مع الجهود الوطنية والفرق العراقية، وبدأنا في محافظة ذي قار، كونها الأكثر أمناً، وحالياً لدينا أكثر من ثماني بعثات مشتركة في ذي قار تعمل في مواقع أور ولكش وأريدو، وهي من المدن السومرية القديمة، ولدينا بعثة عراقية دولية من فرنسا وأميركا وسلوفاكيا وإيطاليا وألمانيا في ذي قار، أما في البصرة، فتُنقب بعثة عراقية بريطانية مشتركة في مواقع عدة، من ضمّنها موقع الكرخة، وفي الحيرة تعمل بعثة عراقية ألمانية مشتركة، وفي واسط والديوانية تُنقب بعثة عراقية بالاشتراك مع جامعة شيكاغو بموقع "نِفّر"، وبعثات إيطالية بمواقع في الموصل، وتعمل تحديداً في الجزء الشرقي من نينوى قريباً من بوابة نرجال، ناهيك عن البعثات التي تعمل بالمسح الميداني، ونحن بانتظار بعثة روسية ستعمل في ذي قار وبعثات في إقليم كردستان، وإن كل هذه البعثات محمية بواسطة القوات العراقية التي ترافقها في كل المواقع.
تتحدث الحكومة العراقية عن أزماتها المالية، كيف تتعامل هذه الحكومة مع ملف الآثار والتنقيب مع العلم أنها أشارت غير مرة إلى أن إعمار المدن المدمرة بسبب الحرب على داعش هو الأهم في برنامجها الحكومي؟
تمكنت الوزارة من الحصول على أموال مما يُعرف بالموازنة التكميلية من الحكومة، ومن خلال هذه الأموال سنرسل بعثات وطنية وفرقا عراقية لتهيئتهم على التنقيب بالطرق العلمية والمتطورة، لأننا لا نريد للمدرسة الآثارية العراقية التي أسسها طه باقر أن تندثر، والوزارة بالتعاون مع الحكومة نريد إعادة المجد لهذه المدرسة التي شابتها معوقات كثيرة بسبب الحصار والنزاعات المسلحة، والعراق حالياً يسعى لخلق قاعدة بيانات رقمية خاصة بالمواقع الأثرية.
يكاد ينعدم أي مظهر من مظاهر السياحة في العراق، عدا الدينية، هل لدى العراق خطة جديدة للنهوض بهذا القطاع، وما هي؟
لدينا إجراءات تتعلق بتسهيل وصول الزائرين والوفود الأجنبية والسيّاح إلى مناطق العراق من خلال منح سمات الدخول الإلكترونية عن طريق النافذة الواحدة، وإعفاء أصحاب الفنادق الذين يستقبلون الوفود من رسوم الكهرباء والمياه والخدمات، فضلاً عن عزمنا على القيام بحملةٍ إعلامية للترويج السياحي. ففي العراق لدينا مناطق واعدة بالسياحة، مثل الأهوار (مسطحات مائية في الجنوب)، ومدينة أور والوركاء الأثريتين، وقد صرفت الحكومة ميزانية خاصة لغرض إكمال البنى التحتية الخاصة بهاتين المنطقتين، إضافةً إلى بابل وسامراء، فضلاً مناطق مهمة في كردستان.
ماذا عن السياحة في بغداد؟
في بغداد لدينا مناطق سياحية مهمة، مثل جزيرتي الأعراس وبغداد، والعمل جارٍ على إعادة إحياء شارع المتنبي والرشيد والقشلة وشاطئ دجلة العباسي الممتد من باب المعظم إلى الباب الشرقي، وهذا الأخير سيكون محط اهتمام وعناية شديدة وسأتفرغ شخصياً من أجل هذا المشروع للحفاظ على قلبِ العاصمة بغداد، وقد اتفقنا أخيراً مع حكومة كردستان على توحيد الجهود من أجل العمل كفريق واحد، بما يتعلق بمجالات السياحة والتنقيب والعمل على أن يكون هناك قانون واحد للآثار بدلاً من قانونين.
هناك حديث عن وضع بابل على لائحة التراث العالمي، هل هذا الأمر حقيقي؟
نعم حقيقي، وستُوضع بابل على لائحة التراث العالمي خلال اجتماع اليونسكو في باكو بدولة أذربيجان في يونيو/ حزيران المقبل.
عن حادثة اغتيال الروائي علاء مشذوب وغيرها من الاغتيالات والاستهدافات التي طاولت مثقفين، ما تعليقكم؟ وما هو دوركم في حماية المثقفين العراقيين؟
نحن ندين هذه الأفعال، ونرفض أي تهديد يطاول المثقفين، ومن واجبنا في وزارة الثقافة حماية الفنانين والأدباء والكُتّاب وتأمين حياتهم والتكفل بسبل عيشهم الكريم، وقد كانت خلال الفترات السابقة قطيعة بين الوزارة واتحاد الكُتاب والأدباء ونقابة الفنانين، وقد تمكنت من التواصل معهم من أجل عودة الصداقة والعمل على إنجاز مشاريع ثقافية بين الوزارة والنقابات والاتحادات من شأنها أن تعزز من مكانة المثقف العراقي، ومنحهم صلاحية صنع القرار العراقي والثقافي. ولدينا خطة لإعادة إعمار المسارح، ومنها الوطني، بتعاونٍ دولي، فضلاً عن ترميم 40 بيتا ثقافيا في العراق، وإن حماية المثقفين والصحافيين واجب علينا، وعلى الجهات الأمنية أن تتولى هذه المسؤولية.
بعيداً عن الأزمة التي دخلت بها الحكومة والبرلمان باختيار مرشحٍ حركة "عصائب أهل الحق"، لتنصيبه وزيراً للثقافة، نعلم أن غالبية الأحزاب تتدخل في شؤون الوزارات التي تكون ضمن حصتها ونصيبها وفق نظام المحاصصة، هل تتدخل أو تؤثر حركة "العصائب" بسياق عملكم في وزارة الثقافة؟
التأثير هو للنهوض بالوطن والمجتمع، وجهودنا جميعها تتجه نحو أن تكون الوزارة عراقية وللعراقيين، ومنفتحة على الجميع. ونركز في برنامجنا على بُعدين، الأول على إعادة الثقة بالشخصية العراقية وتسويق العراقي كأيقونة، وإن العراق الذي أنتج الحضارة وحرر الأرض والإنسان بالقوة هو نفسه قادر على بناء البلاد، والبُعد الثاني هو البحث عن الهوية العراقية والثقافية الجامعة، لذلك نحن نحترم خصوصية كل المكونات ونبحث عن مظلّة عراقية للجميع بعد سلسلة الانتكاسات والحروب.