تحاول منصة "شاهد" بناء أرضيّة من المتابعين في العالم العربي، إذْ انطلقت كمساحة تُساعد المُشاهد على أن يتابع البرامج والأعمال المعروضة على مجموعة MBC، ضمن باقة من الإعلانات تساهم في تمكينها مادياً. كما أنها قامت بإصدار نسخة مطورة هي "شاهد بلاس"، والتي تتيح مشاهدة الأعمال دون فواصل إعلانية، لكنّها خدمة مدفوعة، وتحتاج إلى اشتراك.
وبعد دخول "نتفليكس"، المنصة الأشهر والأكثر متابعة على مستوى العالم، إذْ كرَّست شكلاً واضحاً للمسلسل الأجنبي، وهو أن يكون قصيراً وبحلقات قليلة، تحاول "شاهد" تقليد "نتفليكس" في هذا السياق، كطرح كلّ حلقات العمل الدرامي في اليوم نفسه، وشاهدنا ذلك بشكل واضح في مسلسل "الديفا" من بطولة سيرين عبد النور، إذْ لم تتجاوز مدّة الحلقة الواحدة الـ 10 دقائق.
تقحم "شاهد" نفسها في صراع غير واضح النتائج، ولا سيما أنَّ "نتفليكس" استطاعت السيطرة على الساحة العالمية. ومن الواضح أنّ شاهد تحاول تقليد "نتفليكس" من حيث نمط التصوير، وأسلوب بدء الحلقة وختامها، حتى من ناحية طرق الإعلان حول المسلسلات التي ستقدّمها. فنراها، مثلاً، في مسلسل "العميد" من بطولة الممثل السوري تيم حسن، والممثلة السورية كاريس بشار، تبني مشاهدها وتسلسل أحداث أعمالها بصيغة تشبه صيغة "نتفليكس" تماماً، دون صناعة أيّ هوية خاصة. ويبدو هذا التقليد واضحًا أيضاً في المسلسل المصري "في كل أسبوع يوم جمعة" من بطولة منة شلبي وآسر ياسين، ومسلسل "اللعبة" من بطولة شيكو وهشام ماجد.
سعياً إلى النجاح السريع وزرع الأوهام في ذهنية المتابع، تتجّه "شاهد" لاحتكار الممثلين، وتحديداً نجوم الصف الأول، فنراها تسعى لبناء أرضيتها على أكتاف أسماء تصدرت المشهد الدرامي العربي. ولكن السؤال الأساسي هو إلى أي مدى سيقوم هؤلاء النجوم بتحقيق نسب المتابعة لـ "شاهد"، في ظلّ التكرار والنمطيَّة اللذين يقع فيهما هؤلاء الممثلون؟ إذْ من الوضح أنّ بعض الممثلين يستخدمون نفس الأدوات الدراميَّة مع تغيير بسيط في ملامح العمل، الأمر الذي يؤدّي إلى انحدار الدراما العربيَّة. تجربة "شاهد" لن تكون إيجابيَّة لمستقبل الدراما العربيَّة، وهي بداية إدخالها في فخ النمطية والاستهلاك.
لم تقتصر "شاهد" على استقطاب أسماء سائدة في المشهد الدرامي العربي، بل سعت لابتكار طرائق بديلة، مثل حصريَّة العرض الأول، إذ إنَّها تشتري الأعمال حصرًا، كي تعرض أوّلاً على "شاهد"، لتتاح بعد ذلك على المنصات وشاشات التلفزيون الأخرى. وتعرض "شاهد" أعمالاً قادمة من شركات إنتاج مختلفة، شرط أن تكون حصريّة لـ "شاهد". كما أنَّ شركة MBC Studio التي تعمل لـ"شاهد" هي شركة مستقلَّة، إذْ لا تنتج الأعمال الدراميّة لـ "شاهد" فقط، لأنّ بعض أعمالها متاحة للقنوات كافة.
إذاً، لا بد من الإشارة إلى أن ما وصلت إليه "شاهد" هو عبارة عن هيمنة غير معلنة على الساحة الدرامية، إذْ نراها تساهم في مسألة دعم انتشار الشكل الأجنبي من الدراما، الأمر الذي يساهم بدوره في طمس معالم هوية الدراما العربية التي تعكس أوجاع الشارع العربي. فهل ستكون شاهد "نتفليكس" الوطن العربي؟