يتم العثور على جثة طفل قُتل بوحشية في ولاية جورجيا الأميركية، يغطي جسده -الذي التهمت أجزاء منه- لعاب القاتل؛ ليشير تحليل الـDNA، بالإضافة إلى أدلة جنائية أخرى، أي شهود العيان وفيديوهات كاميرات المراقبة، إلى هوية القاتل، تيري ماتيلاند، الذي يعمل مدرّباً رياضياً للأطفال؛ لتقوم الشرطة بإلقاء القبض عليه في الملعب أمام الجماهير المحتشدة.
هكذا بدأت حكاية مسلسل The Outsider، المستمد من رواية تحمل ذات الاسم للكاتب الأميركي الشهير، ستيفن كينغ، والذي أنتجته شركة HBO وبثت الحلقة العاشرة والأخيرة منه قبل أيام.
توحي هذه البداية بأننا أمام مسلسل واقعي، يتناول قضية جنائية مغلقة وواضحة المعالم، ولكن سرعان ما تزداد الحكاية إثارة وغموضاً، من خلال الفجوة المنطقية التي نقع فيها عندما تنكشف أدلة جنائية متضاربة تبرئ المتهم، الذي كان يحضر مؤتمراً موثقاً بالفيديو في مدينة أخرى بذات التوقيت.
يُقتل المتهم ويُغلق ملف القضية. ولكنّ دوافع نفسية وفضولا عقلانيا تدفع المحقق رالف إلى متابعة التحقيق بشكل مستقل، وبعد الاستعانة بالمحققة الخاصة هولي التي تؤمن بالماورائيات، يتحول مسار المسلسل والقضية؛ إذ إن هولي تجمع الخيوط المتفرّقة التي تعثر عليها في عدة جرائم وحشية ارتكبها أشخاص مختلفون ضد الأطفال ضمن سياق خرافي واحد، مستند إلى الأسطورة الشعبية حول الكائن الشرير المدعو "الكوكو"، الذي يقوم بالتهام الأطفال المتمردين في حكايات الجدات، وله مرادف في مختلف الثقافات العالمية؛ فهو "البعبع" بالثقافة الشعبية العربية. وتتم إضافة بعض الملامح الحداثوية لشخصية "البعبع"، أبرزها تقمصه لشخصيات أناس أحياء، وحصوله على الـDNA الخاص بمن يتقمص شخصياتهم؛ وتصرفه بشكل غريب، وكأنه يتقصد منطقة جرائمه في سياق ينجم عنه المزيد من الضحايا.
رواية المحققة الخاصة، هولي، تدفع الصراع الدرامي في المسلسل نحو مكان غير مألوف، ليغدو صراعاً فلسفياً بين المنطق والخرافة؛ إذ إن رالف، بعقليته الموضوعية والعلمية، يرفض أي تحليلات مستندة إلى الماورائيات. ورغم أنه يتتبع خيوط حكاية هولي، لكنه يتمسك بصوت العقل، ويرفض الإيمان بالأسطورة الشعبية، إلى حين تنتصر الخرافة درامياً على العقل؛ فيشارك بملاحقة ذلك "البعبع" وقتله، ضمن لوحة هزلية، تشكّل سقطة في مسار المسلسل.
من الأمور اللافتة في العمل، تصوير العلاقة بين المنطق الوضعي والخرافة ضمن منظور ميال نحو الواقعية. فرغم أن صناع المسلسل أتاحوا للخرافة الانتصار على العقل درامياً، إلا أنهم رفضوا أن يختتموا أحداث العمل بهذا الانتصار، بل فضّلوا على ذلك خلق رواية موازية يرويها الناجون من الصراع، لينتصر المنطق الوضعي علناً، حتى بعد هزيمته درامياً.
إخراجياً، هناك بعض اللفتات الخاصة التي تُميز "ذي آوتسايدر"؛ أبرزها تلك اللقطات المجانية التي تتلو عدداً كبيراً من المشاهد؛ إذ يتم بختام بعض المشاهد إضافة لقطة من زاوية غريبة وبعيدة، لم يسبق أن استخدمت ضمن المشهد؛ وكأن هذه اللقطة أُخذت بعين "البعبع" الغامض، ذي القلنسوة التي تخفي ملامحه الموصوفة بأنّها تبدو وكأنّها تتعرّض إلى المحو. وانتهى الأمر، بعد قتله، بتوقّف الكاميرا لثوانٍ عند هذه القلنسوة وهي فارغة من جسده، وملقاةً في الكهف الذي قُتل فيه.
اقــرأ أيضاً
تنذر اللقطات الأخيرة في المسلسل بوجود جزء ثانٍ، حين يحاول بطلا المسلسل العودة إلى نمط حياتهما السابق بعد أن تأثرّا واحدهما بالآخر؛ فيحاول رالف إعادة هيكلة حياته ضمن المنطق الوضعي الذي يحتكم له عقله، الذي اخترق الإيمان بالماورائيات ومنحه الأمل للقاء ابنه الميت. وأما هولي فتبدأ لاشعورياً بدخول منطقة الخرافات، وتبدأ تؤمن بأنها تنتمي إلى عالم الماورائيات، بحكم قدرتها على كشف الماورائيات.
هكذا بدأت حكاية مسلسل The Outsider، المستمد من رواية تحمل ذات الاسم للكاتب الأميركي الشهير، ستيفن كينغ، والذي أنتجته شركة HBO وبثت الحلقة العاشرة والأخيرة منه قبل أيام.
توحي هذه البداية بأننا أمام مسلسل واقعي، يتناول قضية جنائية مغلقة وواضحة المعالم، ولكن سرعان ما تزداد الحكاية إثارة وغموضاً، من خلال الفجوة المنطقية التي نقع فيها عندما تنكشف أدلة جنائية متضاربة تبرئ المتهم، الذي كان يحضر مؤتمراً موثقاً بالفيديو في مدينة أخرى بذات التوقيت.
يُقتل المتهم ويُغلق ملف القضية. ولكنّ دوافع نفسية وفضولا عقلانيا تدفع المحقق رالف إلى متابعة التحقيق بشكل مستقل، وبعد الاستعانة بالمحققة الخاصة هولي التي تؤمن بالماورائيات، يتحول مسار المسلسل والقضية؛ إذ إن هولي تجمع الخيوط المتفرّقة التي تعثر عليها في عدة جرائم وحشية ارتكبها أشخاص مختلفون ضد الأطفال ضمن سياق خرافي واحد، مستند إلى الأسطورة الشعبية حول الكائن الشرير المدعو "الكوكو"، الذي يقوم بالتهام الأطفال المتمردين في حكايات الجدات، وله مرادف في مختلف الثقافات العالمية؛ فهو "البعبع" بالثقافة الشعبية العربية. وتتم إضافة بعض الملامح الحداثوية لشخصية "البعبع"، أبرزها تقمصه لشخصيات أناس أحياء، وحصوله على الـDNA الخاص بمن يتقمص شخصياتهم؛ وتصرفه بشكل غريب، وكأنه يتقصد منطقة جرائمه في سياق ينجم عنه المزيد من الضحايا.
رواية المحققة الخاصة، هولي، تدفع الصراع الدرامي في المسلسل نحو مكان غير مألوف، ليغدو صراعاً فلسفياً بين المنطق والخرافة؛ إذ إن رالف، بعقليته الموضوعية والعلمية، يرفض أي تحليلات مستندة إلى الماورائيات. ورغم أنه يتتبع خيوط حكاية هولي، لكنه يتمسك بصوت العقل، ويرفض الإيمان بالأسطورة الشعبية، إلى حين تنتصر الخرافة درامياً على العقل؛ فيشارك بملاحقة ذلك "البعبع" وقتله، ضمن لوحة هزلية، تشكّل سقطة في مسار المسلسل.
من الأمور اللافتة في العمل، تصوير العلاقة بين المنطق الوضعي والخرافة ضمن منظور ميال نحو الواقعية. فرغم أن صناع المسلسل أتاحوا للخرافة الانتصار على العقل درامياً، إلا أنهم رفضوا أن يختتموا أحداث العمل بهذا الانتصار، بل فضّلوا على ذلك خلق رواية موازية يرويها الناجون من الصراع، لينتصر المنطق الوضعي علناً، حتى بعد هزيمته درامياً.
إخراجياً، هناك بعض اللفتات الخاصة التي تُميز "ذي آوتسايدر"؛ أبرزها تلك اللقطات المجانية التي تتلو عدداً كبيراً من المشاهد؛ إذ يتم بختام بعض المشاهد إضافة لقطة من زاوية غريبة وبعيدة، لم يسبق أن استخدمت ضمن المشهد؛ وكأن هذه اللقطة أُخذت بعين "البعبع" الغامض، ذي القلنسوة التي تخفي ملامحه الموصوفة بأنّها تبدو وكأنّها تتعرّض إلى المحو. وانتهى الأمر، بعد قتله، بتوقّف الكاميرا لثوانٍ عند هذه القلنسوة وهي فارغة من جسده، وملقاةً في الكهف الذي قُتل فيه.
تنذر اللقطات الأخيرة في المسلسل بوجود جزء ثانٍ، حين يحاول بطلا المسلسل العودة إلى نمط حياتهما السابق بعد أن تأثرّا واحدهما بالآخر؛ فيحاول رالف إعادة هيكلة حياته ضمن المنطق الوضعي الذي يحتكم له عقله، الذي اخترق الإيمان بالماورائيات ومنحه الأمل للقاء ابنه الميت. وأما هولي فتبدأ لاشعورياً بدخول منطقة الخرافات، وتبدأ تؤمن بأنها تنتمي إلى عالم الماورائيات، بحكم قدرتها على كشف الماورائيات.