ظنّ عالم النفس أنطونيو زادرا أنه على وشك الموت غرقًا، موقنًا أنه لن يتمكن من الاستمرار بالسباحة حتى الشاطئ، قبل أن يلمح ابنه البالغ من العمر 8 أعوام على اليابسة، يناشده بعدم الاستسلام، مما ساعده على بذل المزيد من الجهد والنجاة، وكان كل ما يفكر به في هذا الحلم المزعج، هو أنه لا يود الموت أمام طفله.
في الحقيقة، حدث كل ذلك في مخيلة زادرا أثناء نومه، إلا أنه لا يزال بعد مضي عامين يتذكر كل ما شعر به من خوف ورعب، قبل أن يستيقظ في الصباح التالي، ويعانق ابنه. وأكد عالم النفس الذي قرأ أكثر من 10 آلاف تقرير عن الأحلام، خلال عمله في مركز الأبحاث المتقدمة لطب النوم بجامعة مونتريال، أن هذا كان أسوأ حلم مر به في حياته.
كابوس أم مجرد حلم مزعج!
يندرج حلم زادرا، بين أكثر أنماط أحلام الحصر النفسي شيوعًا، والتي تتضمن أحلام الموت الوشيك، المطاردة وفقدان السيطرة، كما لا يمكن تصنيفه ككابوس، لأنه لم يتسبب بإيقاظه، على الرغم من احتوائه على جميع عناصر الصدمة والضيق، التي لم تنجح كل خبرته المعرفية بتخفيفها، وفقًا لموقع "ذا غارديان".
وتحتوي 80% من أحلام الرجال، و77% من أحلام النساء على عناصر سلبية، تتعلق بالحزن، الغضب، الارتباك والخوف، في الوقت الذي تحتوي 53% فقط من أحلام الجنسين على واحد على الأقل من العناصر الإيجابية، مثل السعادة والنجاح، وفقًا لأبحاث عالم الاجتماع، والأخصائي النفسي جي ويليام دومهوف.
هل للأحلام المزعجة وظيفة في حياتنا!
أجرت أرنولف دراسة عام 2014، على الطلاب الذين سيخضعون لاختبار القبول في كلية الطب بجامعة السوربون، والذين سيترشح 10% منهم فقط، وطلبت منهم تعبئة استبيان حول طبيعة نومهم في الليلة السابقة.
وأكد أغلبهم أنهم عانوا من أحلام مزعجة تدور حول تأخرهم عن الامتحان، تعرضهم لحوادث، أو عدم إيجادهم قاعة الامتحان، إلا أن أكثر ما لفت اهتمام العالمة، كان ما روته إحدى الطالبات عن استيقاظها لمراجعة فقرة، حلمت أنها نسيتها خلال نومها.
ووجدت أرنولف بعد البحث والاستقصاء، أن الطلاب الذين حلموا بأكثر الأحلام إزعاجًا في الليلة السابقة للامتحان، حظوا بأعلى الدرجات، وتطابقت نتائج دراستها مع نظريتي "محاكاة التهديد" و"محاكاة الضغط الاجتماعي"، اللتين تعتبران الأحلام تدريبًا على المواقف المخيفة أو الضغوط الاجتماعية، التي قد نصادفها في حياتنا، وقالت: "إن ما حدث في أدمغة أولئك الطلاب أثناء نومهم في الليلة السابقة، منحهم قدرة إدراكية أكبر من غيرهم".
بدوره، يؤكد زادرا أنه لا يعلم الغاية من حلمه حول الغرق، من الناحية العصبية، إلا أنه شعر بالامتنان الكبير للرسالة التي وصلته نتيجته، وأعاد النظر في اتخاذ الأشياء أو الأشخاص المهمين كمسلّمات، مما جعله مقتنعًا بأن الأحلام مهمة جدًا لتعليم مهارات جديدة، سواء كانت عاطفية أو معرفية، حيث قال: "جعلني هذا الحلم أنظر إلى الوراء، امنح القليل من وقتك لمن تحبهم، أو لفعل الأشياء التي تحبها".