بمشاهد من الفيلم الروسي "الأخ" المنتج في عام 2000، وفيه لقطات لعودة بطل الفيلم الذي لم تعجبه الولايات المتحدة إلى موسكو. وعلى ألحان "غود باي أميركا"، بدأت القناة الأولى الروسية نشرة الأخبار الرئيسية "فريميا"، مساء الأحد 7 يونيو/حزيران، وعرضت مشاهد الاحتجاجات وأعمال التخريب والنهب في الشوارع الأميركية. عرض التقرير الذي يفترض أن يغطّي الاحتجاجات المناهضة للعنصرية، منظمة "الإخوة" الروس القاطنين في نيويورك "وهم ينظمون مناوبات من أجل المحافظة على أمن بيوتهم ومحلاتهم التجارية في الأحياء التي يعيشون فيها بنيويورك في مواجهة "الغوغاء" القادمين من ولايات أخرى، بغرض السرقة والنهب من ذوي الأصول الأفريقية". التقرير الافتتاحي، الذي لم يكن وحيداً في النشرة، ركز على توجيه انتقادات للديمقراطيين واتهامهم بافتعال التظاهرات وتقويتها من أجل الإطاحة بالرئيس دونالد ترامب عن طريق الانتخابات المقبلة، وأعطى انطباعات بأن الولايات الأميركية تعيش ظروف حرب شوارع وعلى حافة حرب أهلية بين السود والبيض، مع تزايد الإقبال على شراء الأسلحة، وتمادي السود في التظاهرات بغرض النهب.
برنامج "فريميا" لا يُعد استثناءً عن التغطية الإعلامية الروسية. فعلى خلفية الترويج "لانتصارات روسيا في التصدي لفيروس كورونا، ما جنب البلاد خسائر بشرية واقتصادية فادحة، وسمح بتنظيم الاحتفالات بالذكرى الخامسة والسبعين للنصر في 24 يونيو الجاري في ذكرى أول استعراض نظم لهذه الغاية، وساعد على إجراء التصويت العام لتعديل الدستور مطلع الشهر المقبل"، بحسبها، خصصت وسائل الإعلام الروسية مساحات واسعة لتغطية الاحتجاجات في الولايات المتحدة الأميركية على مقتل جورج فلويد، وذهب بعضها إلى "التبشير" بنهاية "الحلم الأميركي"، وتوقعات بمصير مشابه لما جرى في الاتحاد السوفييتي مطلع تسعينيات القرن الماضي وتفكّك الولايات المتحدة بفعل الانقسام الحاد في المجتمع والنخب على حدّ سواء.
ومنذ انطلاق الاحتجاجات في الولايات المتحدة، تصدرت التقارير الطويلة حول أعمال العنف في المدن الأميركية، نشرات الأخبار على القنوات الحكومية، خاصة في أوقات ذروة المتابعة. في حين تحولت بوصلة عدد من البرامج السياسية المخصصة أساسا للتركيز على الأوضاع في أوكرانيا إلى متابعة الاحتجاجات الأميركية، ولكن بنفس الطاقم القديم، مع إطلالات قصيرة لمسؤولين ومشرعين روس انتهزوا الفرصة لردّ الصاع صاعين ووجهوا انتقادات حادة، وصلت إلى "نعي الديمقراطية الغربية"، وسحب أي حق للولايات المتحدة في توجيه انتقادات حول حقوق الإنسان لأي دولة أخرى.
اقــرأ أيضاً
ولم يفوت ديمتري كيسليوف، زعيم بروباغندا الكرملين، الفرصة من جهته أيضاً. وخصص مساحات واسعة في برنامجه الأسبوعي "حصاد الأسبوع"، ووجّه انتقادات حادة للديمقراطية الأميركية، مع التركيز على مشاهد العنف في الشارع، والإشارة إلى دور للديمقراطيين في الحراك، من أجل منع تعطيل إعادة انتخاب دونالد ترامب.
اقــرأ أيضاً
وسائل الإعلام الناطقة باللغات الأجنبية أدلت بدلوها أيضا. وفي تغطيتها للأحداث في الولايات المتحدة، لم تخرج قناة "أر تي" باللغة الإنكليزية عن الإطار العام. فإضافةً إلى البرامج والتقارير الإخبارية على الشاشة، خصصت مساحة واسعة في موقعها الإلكتروني لمقالات تنتقد الديمقراطيين، وتصور الأوضاع على أنها تتجه نحو حرب أهلية.
وعموماً، فإن التغطية الحالية للاحتجاجات الأميركية لم تختلف كثيرا عن الإطار العام المتبع في مثل هذه الحالات، فالإعلام الروسي يجد فرصة للهروب من المشكلات الداخلية في روسيا، عبر التركيز على أن أوضاع أعداء روسيا ومنافسيها صعبة وعلى حافة الانهيار، وتسعى إلى بعث رسائل مبطنة وأحيانا مباشرة، بهدف خلق مزيد من التصدعات المجتمعية والسياسية في البلدان المستهدفة، بعضها لا يمت إلى الحقيقة بصلة، ولا يمكن تصديقها حتى.
ومنذ انطلاق الاحتجاجات في الولايات المتحدة، تصدرت التقارير الطويلة حول أعمال العنف في المدن الأميركية، نشرات الأخبار على القنوات الحكومية، خاصة في أوقات ذروة المتابعة. في حين تحولت بوصلة عدد من البرامج السياسية المخصصة أساسا للتركيز على الأوضاع في أوكرانيا إلى متابعة الاحتجاجات الأميركية، ولكن بنفس الطاقم القديم، مع إطلالات قصيرة لمسؤولين ومشرعين روس انتهزوا الفرصة لردّ الصاع صاعين ووجهوا انتقادات حادة، وصلت إلى "نعي الديمقراطية الغربية"، وسحب أي حق للولايات المتحدة في توجيه انتقادات حول حقوق الإنسان لأي دولة أخرى.
وفي برنامجه اليومي "المساء مع فلاديمير سولوفيوف" على "روسيا 1"، لم يفوت الإعلامي المقرّب من الكرملين فرصة الاحتجاجات الأميركية، وربما وجد ضالته لكسر النمطية المملة في برنامجه الذي يتطرّق بشكل شبه يومي إلى أوكرانيا ويركز على الصراع في داخل النخب الأوكرانية الحاكمة، ويسعى إلى تضخيم أي حراك في الشارع عبر "بروباغندا" يتناوب فيها وضيوفه الإشارة إلى أن الأوضاع الاقتصادية والمعيشية المأساوية والانشقاق المجتمعي الحاد بسبب خيار أوكرانيا الاتجاه نحو الغرب والتخلي عن روسيا. وفي حلقة مساء 1 يوليو/تموز الجاري بعنوان "الربيع الأميركي"، خلص سولوفيوف وضيوفه إلى أن أميركا ذاهبة إلى الانهيار، وذهب بعض الضيوف إلى الطلب من الكرملين والخارجية إصدار بيان من أجل الحصول على ضمانات لحراسة المنشآت النووية وضمان عدم وقوعها في أيدي مجموعات إرهابية. وفي ذات الحلقة، استضاف لدقائق الناطقة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا، التي شنت هجوما عنيفا على سوزان رايس، مستشارة الأمن القومي الأميركي السابقة، لتحميلها روسيا المسؤولية عن الاحتجاجات، ووجهت انتقادات حادة للتعامل مع الصحافيين. ومع إشارتها إلى انتقادات الولايات المتحدة فنزويلا وإيران وهونغ كونغ وغيرها بشأن حقوق الإنسان واستخدامها حجة لفرض عقوبات، شددت زاخاروفا على أنه "اعتبارا من أواخر مايو وأوائل يونيو 2020، فقدت الولايات المتحدة أي حق في توجيه أي ملاحظات إلى أي طرف في الكرة الأرضية بشأن قضايا حقوق الإنسان". وعادت زاخاروفا بعد أسبوع في برنامج آخر مساء 7 يونيو إلى القول عن الحراك العالمي المناهض للعنصرية: "ما يحدث حاليا في أوروبا والولايات المتحدة يشير إلى أنهم يواجهون ما كانوا يزرعونه. هم زرعوا الفوضى في العالم، والآن يواجهون الفوضى في بلدانهم".
ولم يفوت ديمتري كيسليوف، زعيم بروباغندا الكرملين، الفرصة من جهته أيضاً. وخصص مساحات واسعة في برنامجه الأسبوعي "حصاد الأسبوع"، ووجّه انتقادات حادة للديمقراطية الأميركية، مع التركيز على مشاهد العنف في الشارع، والإشارة إلى دور للديمقراطيين في الحراك، من أجل منع تعطيل إعادة انتخاب دونالد ترامب.
وبحلقتين استثنائيتين من برنامجهما "اللعبة الكبرى" على القناة الروسية الأولى، ناقش عضو البرلمان الروسي فيتشيلاف نيكونوف، والباحث الروسي ديمتري سايمس الأوضاع في الولايات المتحدة، ومع إشارتهما إلى أن ذوي الأصول الأفريقية حصلوا على حقوقهم في العقود الأخيرة، وباتوا مشاركين في السياسة والسينما في هوليوود والتجارة والثقافة، اعتبرا أن مشاركة البيض في التظاهرات، والتركيز على محاربة اليمين المتطرف، يوضحان أن "الديمقراطيين متورطون في الأحداث من أجل إضعاف حظوظ ترامب في الانتخابات المقبلة بعد نجاحاته الاقتصادية". واستضاف المقدمان في الحلقتين رئيس لجنة سياسات الإعلام في مجلس الاتحاد (الشيوخ) الروسي، السيناتور ألكسي بوشكوف، الذي خلص إلى أن "الريادة الأميركية بدأت تتفكك وتتراجع، وما يجري هو حرب بين مؤيدي ترامب ومعارضيه ولعبة سياسية يشارك فيها الديمقراطيون الداعمون للانتخابات"، وحضّ واشنطن على "التركيز على القضايا الداخلية، بدلا من فرض عقوبات على الصين بسبب هونغ كونغ، لأن حقوق الإنسان كل لا يتجزأ".
وسائل الإعلام الناطقة باللغات الأجنبية أدلت بدلوها أيضا. وفي تغطيتها للأحداث في الولايات المتحدة، لم تخرج قناة "أر تي" باللغة الإنكليزية عن الإطار العام. فإضافةً إلى البرامج والتقارير الإخبارية على الشاشة، خصصت مساحة واسعة في موقعها الإلكتروني لمقالات تنتقد الديمقراطيين، وتصور الأوضاع على أنها تتجه نحو حرب أهلية.
وعموماً، فإن التغطية الحالية للاحتجاجات الأميركية لم تختلف كثيرا عن الإطار العام المتبع في مثل هذه الحالات، فالإعلام الروسي يجد فرصة للهروب من المشكلات الداخلية في روسيا، عبر التركيز على أن أوضاع أعداء روسيا ومنافسيها صعبة وعلى حافة الانهيار، وتسعى إلى بعث رسائل مبطنة وأحيانا مباشرة، بهدف خلق مزيد من التصدعات المجتمعية والسياسية في البلدان المستهدفة، بعضها لا يمت إلى الحقيقة بصلة، ولا يمكن تصديقها حتى.