وأفاد "الهاكا" في قرار الإنذار بأن استعمال نعت "كحلوش"، بشكل متكرر، وإن كان من اختيار المتباري نفسه كاسم فني، يشكل لقباً ذا حمولة قدحية يحيل على لون بشرته، والذي تم ربطه من جهة بالشخصية التي تقمصها، المتمثلة في مهاجر من جنوب الصحراء، كما تم تقديمه أثناء العرض باستعمال لكنة "كاريكاتورية"، ومن جهة أخرى، برد فعل أعضاء لجنة التحكيم وهتافات الجمهور الحاضر عن اللقب ذاته.
وزاد المجلس تسويغه للقرار بأن "الأمر تعدى الطابع الكوميدي إلى السخرية والاستهزاء، مما يشكل سباً ذا حمولة قدحية لها بعد عنصري بالنسبة لفئة معينة من الجمهور، وما يجعل كذلك هذا المضمون بالذات مخلاً بالمقتضيات القانونية والتنظيمية، ولا سيما تلك المتعلقة بالكرامة الإنسانية".
وشدد المصدر على أن "قطاع الاتصال السمعي البصري العمومي يتولى مهمة الاستجابة لمتطلبات تثقيف الجمهور، والمساهمة في تعزيز المواطنة وقيم الانفتاح والتسامح وقيم حقوق الإنسان، ومكافحة جميع أشكال التمييز، من خلال البرامج السمعية البصرية، ولا سيما تلك الموجهة للجمهور الناشئ".
وانتقد الخبير في الإعلام، محجوب بنسعيد، ضمن تصريحات لـ"العربي الجديد"، هذا القرار الذي ورد فيه بأن ما قام به شاب كوميدي يتعارض مع تثقيف الجمهور، ولا يساهم في تعزيز المواطنة وقيم الانفتاح والتسامح وقيم حقوق الإنسان، ومكافحة جميع أشكال التمييز".
وبسط بنسعيد عدداً من أسباب عدم موافقته على هذا القرار، أولاً لأن "صفة كحلوش وغيرها من الصفات الدالة على اللون والانتماء الجغرافي والثقافي، مثل العزوة ولعروبي والشلح هي صور نمطية عادية، وليست سلبية وقدحية، فهي جزء من الثقافة الشعبية للمغاربة، وتسهم في التناغم الاجتماعي ووحدة المجتمع المتعدد، بدون أية حمولة عنصرية".
وأضاف الخبير ذاته أنّ المسوغ الثاني يتلخص في أنه "إذا كانت مثل هذه الصفات والنعوت تتعارض مع القيم التي تريدها وتحرص عليها "الهاكا"، فلماذا نجد أغلب الإنتاجات الإذاعية والتلفزية تروجها وتوظفها في الجانب الدرامي، بل توجد بشكل أكبر في الأعمال الكوميدية"؟
والانتقاد الثالث، بحسب بنسعيد، أنه "كان أوْلى بالهاكا أن تعمل بجد وبمثابرة على الحد من الكلام الساقط والمضامين الفارغة والنكات البذيئة التي تروجها بعض الإذاعات الخاصة، بدون مراعاة المتطلبات الإبداعية والفنية الضرورية لمخاطبة المستمعين في بيوتهم وسياراتهم بكلام وألفاظ المجالس الخاصة. كما كان حرياً بها أن تلزم القنوات التلفزيونية بأن يكون من بين مذيعيها ومنشطي برامجها إعلاميون من ذوي البشرة السمراء".
واعتبر المتحدث أن "ما قدمه كحلوش من مضامين في عمله الفني لا تحمل أي تهديد لقيم المواطنة واحترام الآخر، بل إنها قدمت صورة جميلة عن المغرب البلد المضياف الغني بتعدد أجناسه ولهجاته وثقافته والمنفتح عن الآخر الأفريقي المهاجر"، مردفاً أن أعضاء لجنة التحكيم تداولوا في الموضوع ويتوفرون على الخبرة والتجربة والمرجعية الحقوقية والثقافية التي سمحت لهم بالموافقة على تقديم هذا العمل الفكاهي".
وخلص الخبير إلى أن "قرار الهاكا شارد وانتقائي، ولم يصدر في وقته المناسب، لأنه لم يأخذ بعين الاعتبار جوانب أخرى أكثر أهمية وهي تشجيع المواهب الفنية في الإطار المسموح به والمعمول به والمقبول من طرف الجمهور، كما أنها لم تراع أن الشاب كحلوش مازال في المسابقة، وقد يؤثر على عطائه واستمراره في المنافسة".