أيهما أكثر خرافية: المعراج أم معركة إبراهيم عيسى؟
ظهر الكاتب والإعلامي المصري، إبراهيم عيسى، في إحدى حلقاته التلفزيونية، وأشار إلى "معراج" النبي، صلى الله عليه وسلم، بوصفه لم يحدث، وانقلبت الدنيا، ما يقرب من أسبوعين، قبل أن يخرج عيسى، ويقول إنه لم يقصد الإنكار، إنما الإشارة إلى رأي موجود. والخلاصة "المعرفية" أن الخلاف وقع في الإسراء والمعراج، وليس المعراج وحده، وأن نقاشاتٍ تراثية، بدأت منذ عهد الصحابة، دارت حولهما، وتبنّى فريقٌ أن الإسراء نفسه كان بالروح، وليس الجسد، وعارضهم آخرون، ناهيك عن حدوث المعراج من عدمه. وفي العصر الحديث، ناقش كثيرون الخلاف الشهير، واستعرضوا الآراء المختلفة، ورجّحوا بينها. وفي سياق معركة إبراهيم عيسى، أشار الشيخ عصام تليمة إلى الشيخ رشيد رضا الذي قال إن وعّاظ المساجد في زمانه كانوا يناقشون هذه الخلافات، في ذكرى الإسراء والمعراج، كما أشار إلى كتاب الشيخ متولي الشعراوي، "الإسراء والمعراج"، وفيه يستعرض الشيخ الصوفي التقليدي (الشعبوي من وجه نظر عيسى وفريقه) الآراء المختلفة، ويختار ما يشاء من بينهم، من دون أزمة أو افتعال مشكلة.
ما الذي أثار الأزمة إذن؟ ما الجديد الذي قدّمه عيسى، وما الذي يدافع عنه خصومه؟ لم ينكر إبراهيم عيسى الإسراء، فالإسراء حقيقة قرآنية واضحة، ولم تُسعفه ثقافته "النص نص" أن يشير إلى ما دار حول الإسراء من خلافات، لكن خصومه قرّروا أنه فعل، وردّد كثيرون وراءهم، رغم أن المقطع موجود، والحلقة موجودة، والقناة موجودة وإبراهيم عيسى موجود، والموضوع كله عمره ثلاث ساعات، لكن لا بأس من كذب، سوف يجد من يتبنّاه. توالت الردود، وكان أبرزها علاء مبارك. يدافع علاء عن المعراج، كما يدافع عن النبي، وعن الإسلام، ومعه الواعظ الحكومي عبد الله رشدي، والمتطوّع في "أي حاجة" حاتم الحويني. علاء، في السياق نفسه، لص، سرق مئات الملايين، من أموال المصريين، وأودعها في حساباتٍ سرّية، خارج البلاد، كما كشف تحقيق نشر أخيرا بعنوان: "أسرار سويسرية" شارك فيه 163 صحافيا حول العالم (منهم زميلنا النابه محمد أبو الغيط) لكن لا بأس، الدفاع عن الإسلام يغفر لصاحبه ما تقدّم من جرائمه وما تأخر.
يشارك مجدي الجلاد بدوره، أحد أبرز الإعلاميين المطرودين من "حسبة" عبد الفتاح السيسي، لأسباب غير معروفة، يعرف كل من تعامل مع مجدي أنه "صحافي شاطر"، "صنايعي"، لكنه لا يقرأ، ليس مثقفا بأي درجة، يشاهد التلفزيون ويتابع "السوشال ميديا"، ودمتم، لكن "النصباية" حلوة، وقد تكون فرصة للرجوع، من أوسع الأبواب، الدفاع عن الإسلام يا جدع. تحدّث الجلاد في فيديو، من بيته، عن الإسلام والعلمانية، وقال إن إبراهيم عيسى "واللّي زيه" جزء من مؤامرة كبيرة وخطيرة على الإسلام، وأنه بصفته من داخل المطبخ، يعلم أن عيسى وشلّته تلاميذ جمال البنا وسيد القمني. كان القمني قد توفي منذ أيام، ولا شك أن الجلاد سمع عنه، ربما لأول مرة، ما يفيد بأنه "وحش"، ولذلك وضعه في جملةٍ واحدةٍ مع جمال البنا رحمه الله، رغم ما بينهما من تباعد في كل شيء تقريبا. ونسي الجلاد أن جمال البنا كان يكتب بشكل منتظم في "المصري اليوم"، وقت أن كان الجلاد رئيسا لتحريرها. آخر نكتة كانت عمرو أديب، قدّم قرابين الولاء والطاعة، وقال إنه مؤمن بالإسراء والمعراج، طبعا وإنه متبع، ومع المشايخ (المؤيدين للسيسي طبعا)، في كل ما يقرّرونه، لكنه حزين، لماذا؟ لأن "السوشال ميديا" تطالب بوقف إبراهيم عيسى، وتقمع الحريات، وتكمّم الأفواه (إي والله).
تبدو المعركة "كلها" خرافية، من أول إبراهيم عيسى الذي اختار لغةً شعبويةً، ساخنةً، لإشعال مواقع التواصل، مرورا باللصوص والحرامية وقطاع الطرق ومشايخ الدولة وكذّابي الزّفة ومحترفي "التريند"، وصولا إلى نوع من الجمهور (خراف السوشال ميديا)، يسهل توجيههم، بكلمة، بصرخة، بإشارة. المهم أن تكون اللافتة المرفوعة "دفاعا عن الإسلام"، وقل بعدها ما تشاء، فنحن معك، ومن خدعنا بالله انخدعنا له، والعاقبة للسيسي.