09 نوفمبر 2024
إعدام في الكويت والبحرين
بعد عشرة أيام على تنفيذ أحكامٍ في المنامة بالإعدام على ثلاثة بحرينيين، دينوا بجرائم قتل، تم في الكويت، يوم 25 يناير/كانون الثاني الجاري، تنفيذ أحكام بالإعدام على سبعة مدانين، مصريّيْن وإثيوبي وفيليبينية وبنغالي، فضلاً عن كويتيّيْن، رجل من العائلة الحاكمة وامرأة أحرقت عرس زوجها (ماتت فيه 40 امرأة). وليس هناك ما يمكن أن يُصادفه المرء من مشابهاتٍ بين الواقعتين، غير حرص السلطات الكويتية، ونظيرتها البحرينية، على تأكيد أن تنفيذ هذه الأحكام جاء بموجب قوانين سارية، وبعد استنفاد كل درجات التقاضي. ولكن، أعطت المعارضة الشيعية في البحرين، كما حزب الله في لبنان والحكومة الإيرانية، لنفسها الحق في الصياح، تنديداً بإعدام أولئك الثلاثة، بل وإشهار الوعيد ضد سلطات المملكة، (جهر معارضٌ بالكفاح المسلح!)، لا لموقفٍ مبدئيٍّ من عقوبة الإعدام نفسها، وإنما صدوراً من انتساب مرتكبي جريمة القتل (قضى فيها شرطيان بحرينيان وضابط إماراتي) إلى المذهب الشيعي، الأمر الذي غاب عن الذين تم القصاص منهم بالإعدام في الكويت، ما يعني، في منظور إيران وحزب الله، وعن مشايعيهما من مواطني البحرين، أن تابعيّة العرب الشيعة إنما هي للجمهورية الإسلامية، وليس لدولهم. وكانت الزوبعة الإيرانية، غداة إعدام الرياض نمر النمر مطلع العام الماضي، من بين 47 شخصاً، شاهداً على هذا الزعم.
تستحق الثناءَ الحملةُ الضاغطة في لبنان من أجل إلغاء عقوبة الإعدام، والتي تعتبرها منظماتٌ حقوقيةٌ دوليةٌ انتهاكاً لحق الإنسان في الحياة، وفي البال أن رئيس وزراء لبنان الأسبق، سليم الحص، امتنع، في العام 2000، عن التوقيع على حكمٍ بإعدام مدان، صدوراً عن نزوعه الإنساني الرفيع. وفي الوسع أن يجد المرء في واقعتي البحرين والكويت مناسبة للدفع بتوجّه كهذا، يقوم على استبدال عقوبة الإعدام بغيرها، بتعديلات على قوانين الجزاءات في دول عديدة. ومن غريب المفارقات أن تنبري إيران، وليس غيرها، للتنديد بتنفيذ أحكام إعدام بحق مواطنين عربٍ متهمين في جرائم مشهودة، بل ولإثارة زوابع إعلامية، وإعلان بيانات التحريض، فيما تتصدّر الدول الأكثر تنفيذاً لعقوبة الإعدام (الثانية بعد الصين)، وهذه بيانات منظمتي العفو الدولية وهيومان رايتس ووتش، تواظب فيها الجمهورية الإسلامية على حضورٍ متقدّم، فنقرأ في واحدٍ منها أن شهراً واحداً شهد تنفيذ 753 حكم إعدام بحق مدانين في أراضيها، غير أن المسألة، في عرف الملالي الحاكمين هناك، ليست هنا، وإنما في الذي يقيم في أفهامهم ومداركهم بشأن ولايتهم على المواطنين العرب الشيعة، وهؤلاء في البحرين، مثلا، "يقومون بثورةٍ ظافرةٍ ضد الطغيان والاستبداد"، كما تدأب صحيفةٌ بيروتيةٌ موالية لطهران على النطق بذلك، من دون أن تستحي، في الوقت نفسه، من تعاميها عن أشواق الشعب السوري (الشقيق) نحو التحرّر من نظام السارين والبراميل المتفجرة على المستشفيات والمخابز والبيوت الآمنة.
يُؤمل أن تمضي البحرين والكويت إلى موجباتٍ قانونيةٍ وردعيةٍ أخرى، لا تذهب إلى أحكام الإعدام، بشأن جرائم القتل والإرهاب، مع كل الاحترام لمقتضيات القضاء وإجراءاته، وللأدلة القطعية التي يستند إليها في القصاص بهذه العقوبة. ويُؤمل، في الوقت نفسه، أن يُدرج أمرٌ كهذا ضمن مشاغل الاجتماعات الدورية في مظلة مجلس التعاون الخليجي، للمسؤولين والمختصين في الأجهزة والوزارات والمؤسسات المعنية في الدول الأعضاء، لعلهم ينتهون يوماً إلى بدائل متفقٍّ عليها، ومتوافقٍ بشأنها، يُحتكم إليها، وتشتمل على كل لوازم العقوبات المطلوبة، وكل أسباب الردع المأمول، والتي من شأنها، في الوقت نفسه، حماية مجتمعات الخليج مما يُراود المجرمين من أفعال آثمة، من دون كثير اكتراثٍ بالذي يدأب عليه أولئك المولعون بالتحريض الأسود، ويتوسّلون في منابرهم حوادث إعدام تستجدّ في هذا البلد الخليجي أو ذاك، لينتقوا المُدانين ممن هم من الطائفة الشيعية الكريمة، فيعمدون إلى ما يستطيبونه من تهويلٍ سقيم، وافتراءٍ تافه، وتطاولٍ على سيادة الأوطان والشعوب، وفي أوهامهم أنهم، في هذا الذي يفعلونه، إنما يغطّون على ما يقترفونه من إعدام أوطانٍ عربية بالاستباحة الظاهرة، وبدعم مسلّحين خارجين على الدولة، وبتنصيب مشايعيهم وأتباعهم في مواقع القرار والسلطة. ومن البائس في الراهن العربي أنهم، في كثيرٍ من هذا، نجحوا أيّما نجاح.
تستحق الثناءَ الحملةُ الضاغطة في لبنان من أجل إلغاء عقوبة الإعدام، والتي تعتبرها منظماتٌ حقوقيةٌ دوليةٌ انتهاكاً لحق الإنسان في الحياة، وفي البال أن رئيس وزراء لبنان الأسبق، سليم الحص، امتنع، في العام 2000، عن التوقيع على حكمٍ بإعدام مدان، صدوراً عن نزوعه الإنساني الرفيع. وفي الوسع أن يجد المرء في واقعتي البحرين والكويت مناسبة للدفع بتوجّه كهذا، يقوم على استبدال عقوبة الإعدام بغيرها، بتعديلات على قوانين الجزاءات في دول عديدة. ومن غريب المفارقات أن تنبري إيران، وليس غيرها، للتنديد بتنفيذ أحكام إعدام بحق مواطنين عربٍ متهمين في جرائم مشهودة، بل ولإثارة زوابع إعلامية، وإعلان بيانات التحريض، فيما تتصدّر الدول الأكثر تنفيذاً لعقوبة الإعدام (الثانية بعد الصين)، وهذه بيانات منظمتي العفو الدولية وهيومان رايتس ووتش، تواظب فيها الجمهورية الإسلامية على حضورٍ متقدّم، فنقرأ في واحدٍ منها أن شهراً واحداً شهد تنفيذ 753 حكم إعدام بحق مدانين في أراضيها، غير أن المسألة، في عرف الملالي الحاكمين هناك، ليست هنا، وإنما في الذي يقيم في أفهامهم ومداركهم بشأن ولايتهم على المواطنين العرب الشيعة، وهؤلاء في البحرين، مثلا، "يقومون بثورةٍ ظافرةٍ ضد الطغيان والاستبداد"، كما تدأب صحيفةٌ بيروتيةٌ موالية لطهران على النطق بذلك، من دون أن تستحي، في الوقت نفسه، من تعاميها عن أشواق الشعب السوري (الشقيق) نحو التحرّر من نظام السارين والبراميل المتفجرة على المستشفيات والمخابز والبيوت الآمنة.
يُؤمل أن تمضي البحرين والكويت إلى موجباتٍ قانونيةٍ وردعيةٍ أخرى، لا تذهب إلى أحكام الإعدام، بشأن جرائم القتل والإرهاب، مع كل الاحترام لمقتضيات القضاء وإجراءاته، وللأدلة القطعية التي يستند إليها في القصاص بهذه العقوبة. ويُؤمل، في الوقت نفسه، أن يُدرج أمرٌ كهذا ضمن مشاغل الاجتماعات الدورية في مظلة مجلس التعاون الخليجي، للمسؤولين والمختصين في الأجهزة والوزارات والمؤسسات المعنية في الدول الأعضاء، لعلهم ينتهون يوماً إلى بدائل متفقٍّ عليها، ومتوافقٍ بشأنها، يُحتكم إليها، وتشتمل على كل لوازم العقوبات المطلوبة، وكل أسباب الردع المأمول، والتي من شأنها، في الوقت نفسه، حماية مجتمعات الخليج مما يُراود المجرمين من أفعال آثمة، من دون كثير اكتراثٍ بالذي يدأب عليه أولئك المولعون بالتحريض الأسود، ويتوسّلون في منابرهم حوادث إعدام تستجدّ في هذا البلد الخليجي أو ذاك، لينتقوا المُدانين ممن هم من الطائفة الشيعية الكريمة، فيعمدون إلى ما يستطيبونه من تهويلٍ سقيم، وافتراءٍ تافه، وتطاولٍ على سيادة الأوطان والشعوب، وفي أوهامهم أنهم، في هذا الذي يفعلونه، إنما يغطّون على ما يقترفونه من إعدام أوطانٍ عربية بالاستباحة الظاهرة، وبدعم مسلّحين خارجين على الدولة، وبتنصيب مشايعيهم وأتباعهم في مواقع القرار والسلطة. ومن البائس في الراهن العربي أنهم، في كثيرٍ من هذا، نجحوا أيّما نجاح.