"الأميرة حامل .. من فعلها؟"
"قالت الملكة: يا إلهي، الأميرة حامل.. من فعلها؟". ليست هذه العبارة سؤالاً حقيقياً، فليس ثمّة أميرةٌ حامل، ولا من يحزنون. وإنما هي واحدةٌ من قواعد الصحافة، تُنسب إلى أستاذ بريطاني. والقول فيها إنها تشتمل على كل عناصر الجاذبية في الخبر الناجح الذي ينشدّ إليه الناس، فثمّة ما يتعلق بالدين، عندما يتوجه المتعجّب من فعلة الأميرة إلى المناداة "يا إلهي". وثمّة السلطة متمثلةً بشخصي الملكة والأميرة، السلطة لا بوصفها مؤسسة حكم، وإنما أيضاً، أو قبل ذلك وبعده، بوصفها محاطةً بالغموض والمهابة. وثمّة الجنس، فالأميرة حاملٌ، وبفعل فاعل، ما يوحي بأنها غير متزوجة، وهذا يستنفر أرطالاً من الفضول العريض، بشأن الذي جعل الأميرة حاملاً .. من هو؟
تخوض فضائياتٌ وصحفٌ ومواقعُ إلكترونيةٌ مصريةٌ، منذ إعلان وفاة الوزير المصري العتيد، ضابط المخابرات العتيق، صفوت الشريف، الخميس الماضي، في حادثة وفاة عازف الغيتار، عمر خورشيد، في مايو/ أيار 1981 (قبل 40 عاماً إلا شهوراً). وتتحقّق في الذي تأتي عليه وسائط الإعلام هاته بعض عناصر الجاذبية التي تشدّ جمهوراً واسعاً، كما قصة أميرةٍ حاملٍ من غير زواج. .. قضى خورشيد في حادث سيارة غامض، شبهة القتل فيه ظاهرة، غير أن الفاعلين مجهولون، على ما تم تقييد القضية. كان في سيارته، ومعه زوجته اللبنانية وزميلته الممثلة (الراحلة بعد سنوات) مديحة كامل، طاردته سيارةٌ بقصد استهدافِه، فارتطمت سيارتُه بالرصيف ثم مات. بعد كثيرٍ من القيل والقال، وأحاديث شهودٍ غير قليلين، وتحقيقاتٍ مستفيضةٍ، انتهت القصة إلى الترحم على روح خورشيد الذي فاضت إلى بارئها وعمره 36 عاماً (لكنه تزوج أربع مرات!). ثم شاع وذاع إن "تدبيراً" ما وراء الحادث أجهز على العازف الشاب، يَشتبِه من يردّدون هذا في شخص صفوت الشريف أنه الذي فعلها، أياماً بعد ملاسنةٍ واجَهَه بها خورشيد، لمّا طلب منه أن "يكفّ شرّه" (عذراً للتعبير البلدي) عن سعاد حسني التي جاءت إفاداتٌ وفيرةٌ على أن صفوت الشريف، إبّان عمله في جهاز المخابرات المصرية، قبل أن يُقال منها في محاكمات 1968 بعد النكسة، كان قد جنّدها لإقامة علاقاتٍ حميمة (وجنسيةٍ على ما يقولون أو يتقوّلون، والله أعلم) مع أجانب ومصريين مستهدفين بالتجسّس عليهم.
وفي هذا المقطع من القصة الغامضة، والمثيرة لا ريب، ثمّة الجنس والنساء، ثمّة السلطة وجبروتُها. وصولاً إلى الحادثة التي تبعث حقاً على الريبة، وانتشلتها وفاة صفوت الشريف الأسبوع الماضي من عتاقتها (40 سنة فقط!)، لمّا أعلن أخو عمر خورشيد غير الشقيق، في صفحته في "فيسبوك"، ترحّماً جديداً عليه، وفتْح بيت عزاء فيه، في إشارة إلى أن أسرة العازف المعروف تُجدّد قبول العزاء به (ليس صحيحا إنه أول مرة)، بعد أن مات "قاتلُه"، بحسب ظلال ما ينطق به منشور الشقيق الذي استضافته فضائياتٌ مصرية، بمكالماتٍ هاتفيةٍ معه، ليستفيض في القصة كلها، وليذهب إلى "خراريف" أخرى متّصلةٍ بحدّوتة خورشيد والشريف، الصحيح منها وغير الصحيح، الحقيقي والمفتعل. وفي البال إن ثمّة خيوطاً غير قليلةٍ في مرويات الحكاية التي أخذ اللتّ والعجن فيها على "السوشيال ميديا" مدىً فادحاً، تأخذك (إذا كان لديك فائض من أوقات الفراغ) إلى ما استُعيد، في الأثناء، من قصصٍ وثرثراتٍ وفيرةٍ نشرتها وحكتها اعتماد خورشيد (زوجة والد عمر خورشيد) قبل سنوات، عن مخابرات صلاح نصر.
وإلى الدعاء من العلي القدير أن يُعاقب الظالم، كما طلب أخو خورشيد في منشوره، وأقواله التلفزيونية أيضا، وإلى الجنس والنساء، وإلى سلطة المخابرات وألغازها، ثمّة فيلم "العرّافة" (1981)، الذي أدّى فيه عمر خورشيد دور ضابط شرطة، يلاحقه ضابط مخابرات بسبب معاونته طالبة جامعية ناشطة سياسياً، ويتزوجها (تؤدّي دورها مديحة كامل، يا للمصادفة!)، قبل أن يقضي في حادث سيارة .. تشاء المصادفات أن تنتهي بحادث سيارةٍ مروعٍ حياة صاحبنا العازف الذي سمع منه جيمي كارتر ألحاناً، بصحبة أنور السادات وبيغن، لمّا عزف في البيت الأبيض في الاحتفال بتوقيع معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية في البيت الأبيض (1979). وقع الحادث بعد شهرين من مشاهدة الفيلم التجاري البالغ العادية.. ولكنه ليس عادياً الاستنفار الحادث في الصحافات المصرية بشأن حكايات صفوت الشريف (يحكون إنه مخطّط موقعة الجمل 2011) والمخابرات مع سعاد حسني، ومع عمر خورشيد ربما، فبواعث الإثارة غزيرةٌ هنا، فيها من ظلال السؤال: يا إلهي، الأميرة حامل.. من فعلها؟