12 يوليو 2024
دهاء ترامب
تخلّص الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، من صداع محاولة عزله. بُرّئ في مجلس الشيوخ من تهمتي عرقلة عمل الكونغرس وإساءة استخدام السلطة. سقوط محاولة الإطاحة لم يكن مفاجئاً حتى لمن يريدون التخلّص من ترامب. كان الديمقراطيون يدركون جيداً حدود مناورتهم، وأنه لن يكتب لها النجاح، بمجرّد انتقالها من مجلس النواب، الخاضع لهيمنتهم، إلى مجلس الشيوخ المسيطر عليه جمهورياً. وكذلك كان الرئيس الأميركي يعلم باطمئنان مسار الأحداث. ولكن كان لكل منهما حساباته الخاصة على أبواب الانتخابات الرئاسية. حاول الديمقراطيون استنزاف شعبية ترامب إلى أقصى حد ممكن، علّه يصل إلى موعد الانتخابات منهَكاً ومحاصراً. أما الرئيس فأجاد، طوال الأشهر الماضية، استغلال القضية، ولعب دور الضحية. وصف "مطاردة الساحرات" الذي كرّر استخدامه عند الحديث عند محاولة عزله، جرّاء فضيحة "أوكرانيا غيت" لم يكن يصبّ إلا في سياق خدمته هدفه الأهم، استعطاف الأميركيين.
على الرغم من ذلك، يبقى "نصر" ترامب جزئياً. شظايا الاتهامات ستلاحقه طويلاً، سواء أعيد انتخابه لولاية ثانية أو خسر الانتخابات الرئاسية. مشهد الانقسام الأميركي، تحديداً الجمهوري الديمقراطي، ليس جديداً في السياسة الأميركية، لكنه لم يكن فاقعاً على هذا النحو طوال السنوات الأخيرة. وهو ما حاول الأخير تداركه جزئياً، في خطاب حال الاتحاد، الأخير في ولايته الرئاسية الحالية، وإن لم يعلن ذلك صراحة. ونظرة سريعة على الخطاب، وأخرى أكثر تفصيلاً بشأن الكلمات الأساسية التي تكررت فيه، تُظهران ذلك.
اختار ترامب تصوير نفسه "منقذاً" للولايات المتحدة بكل فئاتها، وأنه من عمل على تحويل شعاره "اجعل أميركا عظيمة مرة أخرى" إلى أمر واقع عبر "إعادة بناء" الولايات المتحدة، اقتصادياً وعسكرياً وسياسياً، داخلياً وخارجياً. حتى إنه استخدم تعبير "استعادة القيادة الأميركية في جميع أنحاء العالم". لم يستطع ترامب مرة أخرى تجاوز هوسه بالمقارنات والأرقام، دقيقة كانت أو مضخمة كما جرت العادة. لكن الأهم أنه لم يغفل مخاطبة أي فئة عمرية أو شريحة اجتماعية، يمكن أن تصب أصواتها لمصلحته في خطابه، بمن في ذلك الأميركيون الأفارقة، بحديثه عن تمرير مشروع قانون إصلاح العدالة الجنائية في الولايات المتحدة الذي يعد أكثر الملفات الشائكة أهمية.
حتى في ملف السياسة الخارجية، لم تكن القضايا التي توقف عندها الأبرز، بل تلك اللهجة الاستعلائية التي تعمّد استخدامها. قال حرفياً في معرض استعراض "إنجاز" تصفية الجنرال الإيراني قاسم سليماني: "رسالتنا هي أنك لن تفلت من العدالة الأميركية. إذا هاجمت مواطنينا، فإنك تخسر حياتك".
لا يجب الاستهانة باستراتيجية ترامب في المواجهة وتفضيله التركيز على السياسة المحلية و"الإنجازات"، والتعالي ضد غير الأميركيين أو خصومه، سواء في خطاب حال الاتحاد أو في غيره.
يتوجه ترامب في كل حديث له إلى الناخب الأميركي، الذي سيذهب في نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل، للتصويت في الانتخابات الرئاسية، لا غير.
مَن تابع كيف خطط ترامب لحملته الرئاسية في 2016، عدد السنوات التي انتظرها كي يترشح، بعد أن كان يفكر في الأمر سنوات، الاستراتيجيات الدقيقة التي استخدمها عبر شركة كامبريدج أناليتيكا، لاستهداف الناخبين في كل ولاية من خلال "فيسبوك"، والتأثير في خياراتهم في يوم الاقتراع، يدرك أن الرئيس الجمهوري ليس أبله، أو من يستسلم بسهولة أو من يتخذ قرارات عشوائية.
بعد وقتٍ قصيرٍ من تبرئته، نشر ترامب على "تويتر"، ملعبه السياسي المفضل لإطلاق المواقف ومقارعة الخصوم وجذب الناخبين، مقطع فيديو يمهد فيه بأنه سيعاد انتخابه إلى ما لا نهاية. حصد هذا المقطع أكثر من 31 مليون مشاهدة وأكثر من 14 ألف تعليق في أقل من 10 دقائق. الرسالة واضحة. جرى التخلص من ورقة ابتزاز الديمقراطيين، وبات بالإمكان التفرّغ لمعركة إعادة الانتخاب بكثير من الهدوء والتخطيط.
اختار ترامب تصوير نفسه "منقذاً" للولايات المتحدة بكل فئاتها، وأنه من عمل على تحويل شعاره "اجعل أميركا عظيمة مرة أخرى" إلى أمر واقع عبر "إعادة بناء" الولايات المتحدة، اقتصادياً وعسكرياً وسياسياً، داخلياً وخارجياً. حتى إنه استخدم تعبير "استعادة القيادة الأميركية في جميع أنحاء العالم". لم يستطع ترامب مرة أخرى تجاوز هوسه بالمقارنات والأرقام، دقيقة كانت أو مضخمة كما جرت العادة. لكن الأهم أنه لم يغفل مخاطبة أي فئة عمرية أو شريحة اجتماعية، يمكن أن تصب أصواتها لمصلحته في خطابه، بمن في ذلك الأميركيون الأفارقة، بحديثه عن تمرير مشروع قانون إصلاح العدالة الجنائية في الولايات المتحدة الذي يعد أكثر الملفات الشائكة أهمية.
حتى في ملف السياسة الخارجية، لم تكن القضايا التي توقف عندها الأبرز، بل تلك اللهجة الاستعلائية التي تعمّد استخدامها. قال حرفياً في معرض استعراض "إنجاز" تصفية الجنرال الإيراني قاسم سليماني: "رسالتنا هي أنك لن تفلت من العدالة الأميركية. إذا هاجمت مواطنينا، فإنك تخسر حياتك".
لا يجب الاستهانة باستراتيجية ترامب في المواجهة وتفضيله التركيز على السياسة المحلية و"الإنجازات"، والتعالي ضد غير الأميركيين أو خصومه، سواء في خطاب حال الاتحاد أو في غيره.
يتوجه ترامب في كل حديث له إلى الناخب الأميركي، الذي سيذهب في نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل، للتصويت في الانتخابات الرئاسية، لا غير.
مَن تابع كيف خطط ترامب لحملته الرئاسية في 2016، عدد السنوات التي انتظرها كي يترشح، بعد أن كان يفكر في الأمر سنوات، الاستراتيجيات الدقيقة التي استخدمها عبر شركة كامبريدج أناليتيكا، لاستهداف الناخبين في كل ولاية من خلال "فيسبوك"، والتأثير في خياراتهم في يوم الاقتراع، يدرك أن الرئيس الجمهوري ليس أبله، أو من يستسلم بسهولة أو من يتخذ قرارات عشوائية.
بعد وقتٍ قصيرٍ من تبرئته، نشر ترامب على "تويتر"، ملعبه السياسي المفضل لإطلاق المواقف ومقارعة الخصوم وجذب الناخبين، مقطع فيديو يمهد فيه بأنه سيعاد انتخابه إلى ما لا نهاية. حصد هذا المقطع أكثر من 31 مليون مشاهدة وأكثر من 14 ألف تعليق في أقل من 10 دقائق. الرسالة واضحة. جرى التخلص من ورقة ابتزاز الديمقراطيين، وبات بالإمكان التفرّغ لمعركة إعادة الانتخاب بكثير من الهدوء والتخطيط.