رئيس يمني على الهامش
عندما غادر رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني، رشاد العليمي، إلى السعودية في 14 يوليو/ تموز الحالي، نشرت وكالة الأنباء اليمنية (سبأ) بنسختها التي تديرها الحكومة خبراً يفيد بأن الهدف من زيارته "إجراء محادثات رفيعة على هامش أعمال القمة العربية الأميركية التي تستضيفها مدينة جدة، بحضور الرئيس الأميركي وقادة دول مجلس التعاون ومصر والعراق والأردن". وترافق ذلك مع ترويج دوائر مقرّبة من العليمي أنه سيلتقي الرئيس الأميركي جو بايدن. ولم يكن اليمنيون يتصوّرون أن العليمي سينتقل إلى جدة ليحظى فقط بلقاء وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، في الوقت الذي كانت تعقد فيه قمة أميركية مع قادة دول مجلس التعاون الخليجي إلى جانب حضور الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ورئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي وملك الأردن عبد الله الثاني. فعندما يحضر الرؤساء في مكان واحد، يجتمعون بعضهم ببعض، ولا يلتقي رئيس دولة بوزير خارجية فقط حتى لو كان الأميركي.
وبعد ذلك، لم تنفع كل التبريرات التي صيغت، من قبيل أن المهم ما خرجت به القمة بشأن اليمن، وليس ما إذا كان العليمي قد حضرها، في احتواء الغضب مما جرى. حتى إن ما نشرته "سبأ" عن عودة العليمي إلى عدن بعد إجرائه "مشاوراتٍ على هامش أعمال القمم العربية الأميركية" شملت محادثاتٍ مع مسؤولين أميركيين، تحوّل إلى مادة للانتقاد والسخرية والسخط. مع العلم أن الغضب تركّز على العليمي، وليس على بايدن، على اعتبار أن دائرة رئيس مجلس القيادة هو من صوّر أنه ذاهب للقاء الرئيس الأميركي وليس العكس، حتى إن هناك من روّج أنّ اللقاء المتوهم بين الرجلين سيمتد على 15 دقيقة.
ما جرى دالُّ على أكثر من صعيد. أولاً، يبدو من الواضح أن الولايات المتحدة لا ترى أن العليمي في موقع الرئيس، بل رئيس مجلس القيادة الذي فوّضه الرئيس عبد ربه منصور هادي بالإكراه، قبل أن يختفي عن السمع، وإن كان ذلك لا يمنعها من التعامل مع العليمي بحكم موقعه أمرا واقعا.
ثانياً، أن العليمي غير قادر على فرض نفسه رئيسا شرعيا، على عكس هادي الذي كان أقله يستمد وجوده من المبادرة الخليجية وآلياتها التنفيذية والانتخابات التي جرت في 2012 وإن كانت شكلية. وثالثاً: لا يبدو أن السعودية كانت لها أي مصلحة في تأمين حضور العليمي في القمة أو ترتيب لقاء بينه وبين بايدن، وذلك يمكن ردّه إلى حسابات عدة، تتعلق بتقاسم النفوذ داخل مجلس القيادة، تحديداً مع الإمارات.
وفي المحصلة، سافر العليمي إلى السعودية رئيسا لمجلس القيادة يفترض أنه يمثل الشرعية اليمنية بوجه انقلاب الحوثيين، لكنه عاد منها رئيسا على الهامش لا يستطيع أن يفرض حضوره بين الرؤساء والملوك والأمراء. وليست هذه الانتكاسة الدبلوماسية عملياً سوى تتمة للانتكاسات السياسية التي يواجهها العليمي منذ تسلمه منصبه. وباستثناء جمع الأضداد، من معارضي الحوثيين، في مجلس القيادة، فإن الأخير لم يحقق أي إنجازات على الأرض، لا خدماتياً للمواطنين، ولا عسكرياً على صعيد توحيد الكيانات المسلحة وضمّها تحت مظلة الجيش الوطني، ولا سياسياً حتى. وإذا كانت الهدنة التي بدأ سريانها في 2 إبريل/ نيسان الماضي، ثم مددت في 2 يونيو/ حزيران شهرين، قد ساعدت على احتواء الموقف العسكري وسمحت للعليمي بفترة هدوء نسبي ركّز خلالها على محاولة ترتيب البيت السياسي، من دون نجاحات كبيرة، فإن بقاء أقل من أسبوعين على انتهاء الهدنة وتزايد الشكوك حول صمودها وإمكانية تمديدها مجدّداً، خصوصاً بعد موقف الحوثيين، سيضيفان مزيداً من المتاعب للعليمي، وسيضعانه، في حال تجدّد المعارك، أمام اختبار إضافي؛ عسكري هذه المرّة. وسيجد نفسه، على الأرجح، كما كان هادي، أقلّ حيلة.