12 يوليو 2024
صفقة القرن ووقاحة ترامب
رمى الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، خطة إملاءاته لتصفية القضية الفلسطينية في وجه الفلسطينيين. بمنطق "راعي الصفقات" كما وصف نفسه، وبصيغة البلطجي الذين يظن أنه لا يوجد من يجرؤ على الوقوف أمامه أو تحدّيه، قال لهم "هذه فرصتكم" تلقّفوها، وقّعوا على ما أمنّ عليكم به، وخذوا جائزة الترضية ملياراتٍ من الدولارات. أما إن عارضتم ما أريده فأنتم الخاسرون. صفّق له بكل قوة شريكه في رسم صفقة العار بنيامين نتنياهو، وعرب كثيرون، لم يخجل بعضهم من إرسال ممثلين له لحضور "احتفالية" سرقة حقوق الفلسطينيين، بينما امتنع آخرون عن الظهور في الصورة، وإن كانت مواقفهم العلنية، والتي تُقال في الغرف المغلقة، متماهيةً مع كل حرف ردّده ترامب.
يعمل الرئيس الأميركي على قاعدة "إن لم تستح فافعل ما شئت". يجاريه في الفجور قادة الاحتلال، وأولهم نتنياهو. يكذب هؤلاء ويصدّقون كذبتهم. بكل ثقةٍ، يخرجون على وسائل الإعلام، ويروّجون ما يسمونها "مكاسب فلسطينية"، بينما الحقيقة تؤكد عكس ذلك.
ما يعرضه ترامب على الفلسطينيين لا يمتّ لمفهوم الدولة بصلة، أو حتى الدويلة. هي مجرّد قطع من الأراضي المبعثرة التي نجت من نهب المستعمر. يريد تحويل الفلسطينيين إلى سجناء في أرضهم، غير قادرين على التنفس أو التحرّك إلا بإذن من الاحتلال. يأمرهم أن يرضوا بأبو ديس عاصمة بديلة، ويمنّ عليهم بأنه لن يمانع أن يطلقوا عليها اسم "القدس" تعويضا. يشطب حق ملايين اللاجئين في الشتات في العودة إلى أرضهم التي هجّروا منها. يشرّع الاستيطان على مصراعيه في الضفة الغربية والقدس. يفتح الأبواب أمام الترانسفير الديمغرافي، يحرم أهل الأرض من أي حقّ دفاع عن النفس، ومن أي سيادة جوية أو حتى على المياه، يحوّل الظالم والقاتل إلى ضحيةٍ يمنحه كل شيء، ثم يتحدّث بعد ذلك كله، وبكل ثقة، عن صفقة مغرية "وقد تكون أخيرة" وعن سلام آتٍ.
يعيث ترامب، الذي يخطّط لولاية رئاسية جديدة تمتد أربع سنوات إلى جانب نتنياهو الساعي إلى الحفاظ على موقعه رئيسا للحكومة، ولإنقاذ نفسه من التهم التي تلاحقه، فساداً في الأرض الفلسطينية المحتلة. يراهن أكثر من أي أحد آخر على حالة الوهن الرسمية العربية التي بلغ أقلها سوءاً بيانات مندّدة بالصفقة، وأوقحها ذلك التناغم مع ما يريده من الدول المطبّعة علانية مع الاحتلال، والمتهافتة عليه سراً. كما يدرك الرئيس الأميركي جيداً، بل يعول على العجز الأردني عن مواجهته، بعدما غرق هذا البلد في تبعيته الاقتصادية للولايات المتحدة.
اما الأوروبيون، فيعيشون في عالم آخر من التيه. تآكل دورهم إلى درجة انعدام تأثيرهم، وحتى تحوّل دول أوروبية عدة إلى الضفة الأخرى، لا ترى في مخطّطات ترامب سوءاً، بل فرصة "متكافئة" للمفاوضات بين المحتل وصاحب الحق والأرض.
لكل هذه الأسباب، يقع عبء مواجهة هذا المخطط على الفلسطينيين وحدهم. للمرة الأولى منذ زمن الانقسام، يجتمع الفلسطينيون، بمختلف انتماءاتهم، ويخرجون بموقف جامع رفضاً للصفقة. لكن وحدة الكلمة، على أهميتها وضرورتها، غير كافية. تحتاج القضية الفلسطينية اليوم إلى أفعالٍ، وليس فقط تهديدات تصدر من الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، أو غيره، حفظها الفلسطينيون عن ظهر قلب، ورأوها تتبخر بعد ساعات من ترديدها. ستكون أمام الفلسطينيين مرحلة صعبة لإجهاض تنفيذ ما تبقى من هذه المؤامرة، بعدما مُرّر الجزء اليسير منها طوال السنوات الماضية على الأرض. وحدهم سيختارون الوسيلة التي يريدونها، والتي يظنون أنها الأنجع لتحقيق هدفهم. أما العبء الأكبر والتحدّي الأصعب فسيكون على السلطة، لأنها الأكثر ارتباطاً بالاحتلال.
ما يعرضه ترامب على الفلسطينيين لا يمتّ لمفهوم الدولة بصلة، أو حتى الدويلة. هي مجرّد قطع من الأراضي المبعثرة التي نجت من نهب المستعمر. يريد تحويل الفلسطينيين إلى سجناء في أرضهم، غير قادرين على التنفس أو التحرّك إلا بإذن من الاحتلال. يأمرهم أن يرضوا بأبو ديس عاصمة بديلة، ويمنّ عليهم بأنه لن يمانع أن يطلقوا عليها اسم "القدس" تعويضا. يشطب حق ملايين اللاجئين في الشتات في العودة إلى أرضهم التي هجّروا منها. يشرّع الاستيطان على مصراعيه في الضفة الغربية والقدس. يفتح الأبواب أمام الترانسفير الديمغرافي، يحرم أهل الأرض من أي حقّ دفاع عن النفس، ومن أي سيادة جوية أو حتى على المياه، يحوّل الظالم والقاتل إلى ضحيةٍ يمنحه كل شيء، ثم يتحدّث بعد ذلك كله، وبكل ثقة، عن صفقة مغرية "وقد تكون أخيرة" وعن سلام آتٍ.
يعيث ترامب، الذي يخطّط لولاية رئاسية جديدة تمتد أربع سنوات إلى جانب نتنياهو الساعي إلى الحفاظ على موقعه رئيسا للحكومة، ولإنقاذ نفسه من التهم التي تلاحقه، فساداً في الأرض الفلسطينية المحتلة. يراهن أكثر من أي أحد آخر على حالة الوهن الرسمية العربية التي بلغ أقلها سوءاً بيانات مندّدة بالصفقة، وأوقحها ذلك التناغم مع ما يريده من الدول المطبّعة علانية مع الاحتلال، والمتهافتة عليه سراً. كما يدرك الرئيس الأميركي جيداً، بل يعول على العجز الأردني عن مواجهته، بعدما غرق هذا البلد في تبعيته الاقتصادية للولايات المتحدة.
اما الأوروبيون، فيعيشون في عالم آخر من التيه. تآكل دورهم إلى درجة انعدام تأثيرهم، وحتى تحوّل دول أوروبية عدة إلى الضفة الأخرى، لا ترى في مخطّطات ترامب سوءاً، بل فرصة "متكافئة" للمفاوضات بين المحتل وصاحب الحق والأرض.
لكل هذه الأسباب، يقع عبء مواجهة هذا المخطط على الفلسطينيين وحدهم. للمرة الأولى منذ زمن الانقسام، يجتمع الفلسطينيون، بمختلف انتماءاتهم، ويخرجون بموقف جامع رفضاً للصفقة. لكن وحدة الكلمة، على أهميتها وضرورتها، غير كافية. تحتاج القضية الفلسطينية اليوم إلى أفعالٍ، وليس فقط تهديدات تصدر من الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، أو غيره، حفظها الفلسطينيون عن ظهر قلب، ورأوها تتبخر بعد ساعات من ترديدها. ستكون أمام الفلسطينيين مرحلة صعبة لإجهاض تنفيذ ما تبقى من هذه المؤامرة، بعدما مُرّر الجزء اليسير منها طوال السنوات الماضية على الأرض. وحدهم سيختارون الوسيلة التي يريدونها، والتي يظنون أنها الأنجع لتحقيق هدفهم. أما العبء الأكبر والتحدّي الأصعب فسيكون على السلطة، لأنها الأكثر ارتباطاً بالاحتلال.