مسؤولية الرئيس بعيداً عن حديقة الحيوان
أن تحكم، من دون الحاجة إلى الكذب أو المنظرة أو كاميرا مربوطة بكرسي الباسكلاته أمام الكلية الحربية، فأنت لست في حاجة للبسبسة للقرود بالفول السوداني أو الموز، فقط أنت في حاجةٍ للعدل وتبادل السلطة ومشاركة الجميع في الثروة لكل المواطنين، وفقا لإمكاناتهم وملكاتهم الحقيقية، ولست في حاجةٍ للبدل المعطّرة التي تصفق في شرم الشيخ، ولست في حاجة إلى النياشين في المناسبات الوطنية، ولست في حاجة إلى أن تبيع نفسك كما تقول من أجل عيون شعبك، ولست في حاجة إلى الدموع أمام عيون الكاميرا، أو تأكل فولا مدمسا وطعمية وجرجيرا مع المساكين تحت الكباري المحروسة من الفجر بفوهات البنادق والمخبرين.
أن تحكم فأنت لست في حاجة إلى "حساسين وأعشابه الطبية"، أو فاتن حمامة أو رجاء الجدّاوي أو أحمد موسي وبقراته، ولست في حاجةٍ إلى زجاجٍ سميكٍ مضادّ للرصاص يفصلك عن عيون شعبك "نور عينيك"، ولست في حاجةٍ إلى باسكلاته بمشاركة ليلى علوي أو يسرا من الفجر، ولست في حاجةٍ إلى مخبرين يرتدون جلابيب مقاولين أو بياعي موز أو بليلة أو فول أو نبق أو دوم أو قصب.
أن تحكم فلا بد أن تنسى موضوع الألف عربة خضار للشباب التي يتم ركنها وربطها بسلاسل، بعد أن لا يبيع الشاب خضاره، ويعود إلى المقهى، لأن تجارك الكبار يبتلعون السوق من الغيطان أصلا.
أن تحكم فأنت في حاجةٍ لتجهيز ألف مصنع من المصانع، المتوقفة من سنوات بسبب الضرائب المتراكمة والديون، وإحلال مصانع الجيش مكانها، أن تحكم، باعتبارك رجل سلام لا حرب، فأنت لستَ في حاجة للأسلحة المشتراة بالمليارات من دون حرب، بل أنت في حاجةٍ فقط لأسلحة خفيفة رشيقة، تخص المخبرين لمنع التظاهرات، وفي حاجةٍ للمسك لزبيبة الصلاة، ونحن في سنة جديدة يلزمها الصلاح والصلاة والتقوى، وحكم بصوتك تساعد المواطنين على الصبر بعد غرامة دفع الكمامة (50 جنيهاً)، ولست بحاجةٍ أصلا للمستشفيات أو توفير العلاج لأن الموت أصلا بيد الله، بل في حاجة لخمسين سجنا جديدا للسنة الجديدة لزيادة الفنادق السبع نجوم في منطقة الشرق الأوسط "كما قال جماعة حقوق إنسانك".
أن تحكُم فأنت لست في حاجةٍ إلى أن تأخذ المساكين في حضنك إن اقتربوا من سيارتك تحت الكباري، بل هم في حاجةٍ لتخفيف ثمن تذكرة المترو أو الأتوبيس عن كاهلهم، بعدما صاروا سجناء غرفهم بسبب زيادة أسعار المواصلات عليهم وعلى أولادهم.
أن تحكم فأنت لستَ في حاجةٍ لأن تأكل الفول المدمس مع المساكين في "العصافرة" أو حتى "بولاق أبو العلا"، بل أنت في حاجةٍ إلى حصتك من مياه النيل غير منقوصة، بعدما حصل "أبي أحمد على نوبل للسلام" وانتهت لعبة "كيلو بامية"، "بالفسّاية". وإن أردت أن تسأل عن حقيقة "لعبة الفسّاية"، فأرسل وائل الأبراشي، شفاه الله، بطاقم إعداده إلى مركز سمالوط وقراه، كي تعرف حقيقة اللعبة من أصولها.
أن تحكم فأنت في حاجة للعلم "لا إلى طبطبات وسيم السيسي على الحكم من ورق البردي القديم"، وطلبة المدارس يرمون كتب الحكومة من البلكونات من أول يوم، ويكتفون بحقن الدروس الخصوصية". أن تحكم فأنت لست في حاجةٍ إلى فساتين مكشوفة في مهرجانات السينما، سواء ببطانة أم بغير بطانة، ولست في حاجة إلى موتوسيكل سما المصري أمام لجان الانتخابات، ولا إلى عودة مرتضي منصور إلى ميداليات نادي الزمالك ونياشينه، ولا إلى أبقار أحمد موسى، ولا إلى برانس علي جمعة الخضراء والبرتقالي والبنفسجي، ولا إلى برتقال وقلنسوات الشيخ خالد الجندي، ولا إلى بقايا أهل السلف، وحبات بركاتهم وبخورهم وزوجاتهم أمام اللجان بالمسك والأطفال، ولا حتى إلى "إيزيس وسيم السيسي أو سيد القمني"، ولا حتى لأدعية أخناتون للشمس، ولا إلى أغاني عبد الحليم أو شادية. في الغرب، مثل كل هذه الأشياء سابقة الذكر كلها، تودع فقط في الأرشيف للذكرى الجميلة، لا لحكم البلاد والسيطرة على الشعوب من خلال حديقة الحيوان بالفول السوداني وحبّات الموز والكاميرا.