09 نوفمبر 2024
يحدث في الإمارات
نشرت بعض الصحافة، أخيرا، تقريرا، موجزه أن بعض حكام إمارات دولة الإمارات اجتمعوا إلى ولي عهد أبوظبي، محمد بن زايد، الحاكم الفعلي والأقوى في البلاد، وأن نائب رئيس الدولة، رئيس الحكومة، وزير الدفاع، حاكم دبي (مناصبه الأربعة)، محمد بن راشد، تحدّث فيه باستياءٍ شديدٍ عن سياسة بلاده الخارجية، وطالب بتغييراتٍ عاجلةٍ فيها، وانتقد بغضبٍ إنفاق ملايين الدولارات في تدخلاتٍ عسكريةٍ إماراتيةٍ في غير بلد، مشيراً إلى ليبيا، حيث الرهان على خليفة حفتر العاجز عن إنجاز شيء، وإلى اليمن. وانكتب أن الرجل أبدى، في الاجتماع، قلقه صراحةً من أن تتأثر دبي (وعموم الإمارات) من أي سلوكٍ عسكريٍ قد تُقدم عليه إيران، إذا ما تدحرجت الأزمة الأميركية معها إلى مواجهاتٍ حربية، وبقيت السياسة الإماراتية مصطفّةً ضد الجار الإيراني.
نقطة الضعف الوحيدة في التقرير أن وكالة أنباء الأناضول، التركية الحكومية، هي التي طيّرته، غير أن نقاط القوة فيه وفيرة، فالكلام المنسوب لحاكم دبي (رئيس الحكومة أيضا) مقنعٌ تماما، ذلك أن واحدَنا لا يحتاج إلى دماغ أينشتاين حتى يُعاين الأرطال الغريزة لفشل خيارات الإمارات ورهاناتها، سياسيا وعسكريا وإعلاميا وميدانيا، في عدة ملفاتٍ ورّطت أبوظبي نفسها فيها، وأن هذه الأرطال ما تنفكّ تتراكم شهرا بعد شهر. فضلا عن أن من غير المستبعد أن محمد بن راشد استشعر جدّية التهديد الذي لمّح إليه أمين عام حزب الله، حسن نصرالله، لمّا قال إن "مدن الزجاج الإماراتية" لن تكون في منجاةٍ من الضربات الإيرانية، إذا وقعت الواقعة. وإلى هذا كله، وغيره كثير، ثمّة الأثمانُ المقلقة التي تضطرّ دبي إلى دفعها في غضون التوترات الإقليمية الراهنة، في الخليج، والتي تتحمّل قسطا غزيرا منها دولة الإمارات، بسياساتها الخارجية المغامرة التي يطبخها ولي عهد أبوظبي. وهذه وكالة بلومبيرغ، الأميركية المختصّة، تذيع أن التدابير التي اتخذتها أخيرا حكومة دبي من أجل تحفيز الاقتصاد لم تحقق أثرا ناجعا كبيرا، ففنادق الإمارة، ومعظمها ذات فخامة، تشهد هذا العام أسوأ أداء لها منذ العام 2009، وتم أخيرا تسريح خمسمائة وظيفة منها، ما لا يعود إلى الركود المستحكم في نمو قطاع السياحة وحسب، وإنما أيضا إلى الصورة الشديدة السلبية التي صارت تنطبع بها دولة الإمارات أخيرا، لمليون سببٍ وسبب. ولا يُغفل أن المعرض العالمي الكبير "إكسبو 2020" ستستضيفه دبي العام المقبل.
في الوسع أن يجتهد المعلق المتعجّل، كما صاحب هذه الكلمات، ويقول إن الانعطافات التي يبدو أن أبوظبي تتّجه إليها، من قبيل الانسحاب العسكري الواسع من اليمن، والتفاهمات الأمنية الموقّعة أخيرا مع إيران، بعد جولات حوار معلنة، بمشاركاتٍ عسكرية الطابع، تدلّ على أن دولة الإمارات ماضيةٌ إلى "تموقعٍ" مختلفٍ نوعا ما عما انتهجته في السنوات الخمس الأخيرة. وليست المفاجآت في هذا المسار كله مستبعدة، سيما وأن ثمّة شيئا من خيبة الأمل في دونالد ترامب صار يغشى الحاكمين في أبوظبي، وسيما أنه لا مؤشراتٍ تُنبئ عن "إنجازاتٍ" ميدانية ٍقد يحققها خليفة حفتر في ليبيا. وسيما أن الطموحات (أو الأوهام على الأصح) إياها في تونس والسودان والصومال أخفقت، وقد خيّل لمحمد بن زايد ومعاونيه، أنها قيد التحقق، لجهة تابعية الحكم التامة في هذه البلدان (وغيرها) لمنظور أبوظبي المعلوم، والذي يقوم على إبعاد كل أصحاب نزوعٍ إسلاميٍّ من الخرائط السياسية في هذا البلد وذاك. أما الهمّةُ الماثلةُ لدى ناس الإعلام الخائب (والكاريكاتيري أحيانا)، في الإمارات والعربية السعودية، وحواشيهم في غير مطرح، في تأكيدهم "متانة" العلاقات بين البلديْن الحليفيْن، فلا تعني غير أمرٍ وحيد، أن "شيئا ما" يحدث في هذه العلاقات، يستوجب هذا الإطناب عن متانتها. وربما يماثل هذا الحال إلحاح محمد بن راشد، في أشعارٍ نشرَها أخيرا، على تأكيد قوة أخوّته مع محمد بن زايد، ومساندة الأخير له، ما قد يبيح الظن أن "أمرا ما" استوجب هذا الكلام الكثير.
لم تأت السطور أعلاه على الفشل المريع، السياسي والإعلامي والقانوني و..، والذي تحصده أبوظبي، في سعيها إلى انتصارٍ مظفّر في أزمة الحصار الذي قادته على دولة قطر. ليس هناك ما يستدعي، في السياق المتحدّث عنه هنا، تأكيد المؤكّد، ولا إيضاح البديهيّ المنظور قدّام كل صاحب عينيْن.
في الوسع أن يجتهد المعلق المتعجّل، كما صاحب هذه الكلمات، ويقول إن الانعطافات التي يبدو أن أبوظبي تتّجه إليها، من قبيل الانسحاب العسكري الواسع من اليمن، والتفاهمات الأمنية الموقّعة أخيرا مع إيران، بعد جولات حوار معلنة، بمشاركاتٍ عسكرية الطابع، تدلّ على أن دولة الإمارات ماضيةٌ إلى "تموقعٍ" مختلفٍ نوعا ما عما انتهجته في السنوات الخمس الأخيرة. وليست المفاجآت في هذا المسار كله مستبعدة، سيما وأن ثمّة شيئا من خيبة الأمل في دونالد ترامب صار يغشى الحاكمين في أبوظبي، وسيما أنه لا مؤشراتٍ تُنبئ عن "إنجازاتٍ" ميدانية ٍقد يحققها خليفة حفتر في ليبيا. وسيما أن الطموحات (أو الأوهام على الأصح) إياها في تونس والسودان والصومال أخفقت، وقد خيّل لمحمد بن زايد ومعاونيه، أنها قيد التحقق، لجهة تابعية الحكم التامة في هذه البلدان (وغيرها) لمنظور أبوظبي المعلوم، والذي يقوم على إبعاد كل أصحاب نزوعٍ إسلاميٍّ من الخرائط السياسية في هذا البلد وذاك. أما الهمّةُ الماثلةُ لدى ناس الإعلام الخائب (والكاريكاتيري أحيانا)، في الإمارات والعربية السعودية، وحواشيهم في غير مطرح، في تأكيدهم "متانة" العلاقات بين البلديْن الحليفيْن، فلا تعني غير أمرٍ وحيد، أن "شيئا ما" يحدث في هذه العلاقات، يستوجب هذا الإطناب عن متانتها. وربما يماثل هذا الحال إلحاح محمد بن راشد، في أشعارٍ نشرَها أخيرا، على تأكيد قوة أخوّته مع محمد بن زايد، ومساندة الأخير له، ما قد يبيح الظن أن "أمرا ما" استوجب هذا الكلام الكثير.
لم تأت السطور أعلاه على الفشل المريع، السياسي والإعلامي والقانوني و..، والذي تحصده أبوظبي، في سعيها إلى انتصارٍ مظفّر في أزمة الحصار الذي قادته على دولة قطر. ليس هناك ما يستدعي، في السياق المتحدّث عنه هنا، تأكيد المؤكّد، ولا إيضاح البديهيّ المنظور قدّام كل صاحب عينيْن.