11 سبتمبر 2024
جزائريون يطبّعون بـ "ببراءة ثقافية"!
نشر الشاب الفلسطيني محمد شراب فيلماً تسجيلياً قصيراً على "فيسبوك"، جمع فيه آراءً في غزة عن سر رفع الشباب الفلسطيني علم الجزائر في الانتفاضة الجارية. جاء رد الغزيين معبرا عن رغبتهم في استنساخ تجربة الثورة الجزائرية. تزاحمت ردود فعل الجزائريين على هذا الفيلم بمشاعر جيّاشة من التعاطف والتضامن. ولكن، في زحمة المشاعر الطيبة تأتي المنغّصات.
وقع اللاعب الدولي الجزائري، ياسين براهيمي، في نهاية نوفمبر/تشرين الثاني 2012 رفقة 61 لاعبا دولياً على عريضة تندّد بالقصف والحصار الإسرائيلي على قطاع غزة. وانتظر الجزائريون أن يكرر لاعب فريق "بورتو" البرتغالي ذلك، هذه المرة، بمقاطعته اللعب ضد نادي "مكابي تل أبيب". خاب أملهم في مقاطعة براهيمي المباراة مع الفريق الإسرائيلي. وفي ظل الانتهاكات الصهيونية للمسجد الأقصى وجرائم القتل ضد الفلسطينيين، ورّطه مدرب يعرف قيمته الإضافية في الملعب، لأن يكون أول جزائري يتبارى ضد فريق إسرائيلي. وما كنت أتمنى لهذا الأسمر الطيب الذي أدخل البهجة على جماهير الكرة العربية في مونديال البرازيل أن يتورّط في لعبة أمم أكبر منه، ولو بقي الأمر على مستوى البساط الأخضر، كما يقول المعلقون الرياضيون، لكان في الأمر سعة.
كما أن جزائرياً آخر يبدو أنه "دخل التاريخ" كأول عربي يؤلف رواية تتعاطف مع ضحايا المحرقة اليهودية، ففي دفاعه عن ضحايا "الهولوكوست" في روايته الجديدة "شيؤول"، يتقمص أنور بن مالك شخصية "كارل"، شاب يهودي يُساق إلى "غرف الغاز". يُحاول الكاتب تبريرَ موقفه باتهام العرب ببقائهم لصيقي ما سماها "حروب الشرق الأوسط"، أدت، في نظره، إلى إشاعة انطباع لدى الغرب بأن هؤلاء لا يعترفون بالمحرقة اليهودية، والتي استغلها الصهاينة في احتلال فلسطين، وجلب عطف الأمم الغربية وتكوين عقدة نقص لديهم. وتضيع في الأثناء لدى بن مالك الإبادة الإسرائيلية للفلسطينيين، حتى تضطر مذيعة "فرانس 24" أن تسأله بسخرية مكنية عن سر تماهيه مع شخصية "كارل"، وكأن أجداده هم الذين أُبيدوا في هذه المحرقة.
لا يختلف عاقلان عن إدانتهما النازية، والعبثية التي قادت إلى قتل أبرياء كثيرين، بغض النظر عن ديانتهم أو عرقهم، ولا يحسن الاكتراث، كثيراً، بادعاءات هذا الروائي (العاطفية)، إلا من باب ما يطرقه، منذ سنوات، مع كتّابٍ قادوا حملة أدبية روائية، تتناول تاريخ حرب التحرير الجزائرية من منظور فرنسي. من هنا، تبدأ الشكوك في نيات هذا الكاتب، فمحاولاته الاقتراب من المسافة بين الضحية والجلاد على أمل إقامة (مصالحة بين ذاكرتين وشعبين وسياستين يربطهما حوض البحر الأبيض المتوسط)، تندرج في إطار مشروع أطلقه الرئيس الفرنسي السابق، نيكولا ساركوزي، وسانده في ذلك اللوبي اليهودي في فرنسا، على أمل الدفع باتجاه القبول بزعم قديم مفاده وجود مزايا للاستعمار الفرنسي على الشعب الجزائري. والنتيجة تناسي المحرقات والفظائع التي مارسها "الاستدمار" الفرنسي، كما وصفه المفكر الجزائري، نايت آيت بلقاسم، رحمه الله، ومن ثم البكاء على أطلال الوجود اليهودي في الجزائر والمطالبة بعودته، وتأليب بقايا الأقدام السوداء والمستوطنين الفرنسيين القدامى للمطالبة بعقاراتهم، وأرزاقهم التي تركوها سنة 1962.
ولا يقف الأمر عند هذا الحد، فالمشروع أكبر من ذلك، ويستدعي التمهيد إلى تطبيع العلاقة بين الجزائر وإسرائيل في إطار مشروع "حوار دول المتوسط" الموؤود الذي ابتدعه ساركوزي، وسرعان ما تم دفنه، لعدم تجاوب الجزائر معه. وإن كانت دول عربية أخرى قد طبلت له بداعي المنفعة الاقتصادية، والذي لا تمل أصوات فرنسية (وجزائرية) من محاولة إعادة نفخ الروح فيه كلما أتاحت لها الظروف ذلك.
ليس دكتور الرياضيات وصاحب الروايات العديدة، أنور بن مالك، وحده في المسعى التوافقي بين الذاكرة الاستعمارية الفرنسية والراهن الجزائري، فقد آزره كتاب فرنسيون، من أمثال لوران موفينيي وجون ميشال غيناسيا ومارك بريسون وغيرهم. وليس منسية الاحتفالية التي عاد بها الكاتب الجزائري، بوعلام صنصال، من زيارته إلى إسرائيل في صيف 2012، وعبّر عنها بقوله إنه، فعلاً، رجع منها "غنياً وسعيداً". هو يزور إسرائيل باستمرار، يمجدها ويُزين قبحها، يكتب بالزجاج المكسور على الجلد الفلسطيني وجعاً آخر. يحتفي المجلس التمثيلي للجمعيات اليهودية في فرنسا بصنصال، فيزيد هو قائلاً إنه لا يرى سبباً في مقاطعة إسرائيل.
ويُعد المغني فرحات مهني حصان طروادة إسرائيليا بامتياز، يزورهم باستمرار، يمولون مشاريعه، ويدفعونه إلى المطالبة باستقلال منطقة القبائل الجزائرية، فيتبنى الموضوع بسعادة غامرة، يُجند أزلامه داخل الجزائر. يُزيحون اللغة العربية من اللافتات الرسمية وفي الشوارع، يستبدلون الحرف العربي باللاتيني، ويرفعون علمهم على واجهات المساكن والمباني. يحذّر الوطنيون من مغبة هذا الفعل الذي يقف وراءه اللوبي الصهيوني واليمين الفرنسي المتطرف، وبتواطؤ داخلي من بعض الأطراف. يرفع ابن الشهيد البطل عبد الرحمن ميرة أصيل منطقة القبائل تحذيراته إلى السلطات الأمنية في الجزائر، والتي ترد، ببساطة مريبة، بأن الأمر لا يعدو أن يكون مجرد "شغب محدود".
ولأن الرواية ليست إلا جزءاً من مشروع كبير، دخلت فنون أخرى معترك التطبيع، فقد نضطر إلى تسمية المخرج الجزائري، مرزاق علواش، "سيد الشجاعة" أو "مسيو كوراج"، عطفاً على عنوان فيلمه "مدام كوراج" (سيدة الشجاعة)، والذي شارك به، أخيراً، في مهرجان الأفلام الدولي في حيفا. ومشاركات علواش في المهرجانات السينمائية الإسرائيلية تعددت منذ 1994 بفيلم "عمر ڤتلاتو"، وسنة 1998 بفيلم "الجزائر بيروت". وقد أدمن علواش المشاركة في المهرجانات، سواء في داخل إسرائيل، أو التي تمولها دولة الاحتلال في بلدان أخرى. وبينما يسوق المدافعون عن فكرة المشاركة ضمن فعاليات المهرجانات في الأراضي المحتلة حجة "البراءة الثقافية" لتسويق أدائهم التطبيعي مع إسرائيل، فإنهم يقدمون، أيضاً، تبريرات عن فرصة فك العزلة عن المشهد الثقافي لـ"عرب 48"، إلا أن الأمر لا يعدو أن يكون تطبيعاً ثقافياً مع إسرائيل، وكسراً للحاجز النفسي، من أجل الذهاب بعيداً في التطبيع التدريجي مع دولة الاحتلال.
يُرعب الحديث عن التطبيع مع إسرائيل الفنانين والكتاب الجزائريين، فقد اعتبر مخرجون وفنانون أن مشاركة مرزاق علواش، بفيلمه "مدام كوراج"، في مهرجان حيفا السينمائي، استفزازاً لمشاعر الجزائريين والفلسطينيين معاً، مُؤكدين أن المخرج خالف موقف الجزائر التاريخي في عدم التطبيع مع إسرائيل. ومنهم من ذهب إلى حد القول "علواش ليس منا". ولكن الجدل الذي يُصاحب مثل هذه المشاركات لا يفتأ يتّقد حتى يخبو. تستاء السلطات الرسمية الجزائرية، وتتحدث عن إجراءات تأديبية بشأن هؤلاء المطبعين. مع تأكيد وزير الثقافة، عز الدين ميهوبي، على إدراج أحكام جديدة في عقود تمويل الأعمال السينمائية ذات الإنتاج المشترك، تمنح "حق النظر" في مشاركة تلك الأعمال في المهرجانات الدولية.
أعلن، في مايو/أيار الماضي، عن مشاركة الفيلم الجزائري الفرنسي "الوهراني" في منافسات مهرجان البحر المتوسّط في إسدود. حينها، لم يُخفِ المخرج إلياس سالم سعادته بمشاركة عمله في المهرجان، ووصفها بالحدث المهم، قبل أن يعود ويسحبه، في اللحظة الأخيرة، بعد أن قوبلت خطوته باستياء وانتقادات من الرأي العام الجزائري ووزارة الثقافة التي ندّدت بتصرّفه.
العامل المشترك بين كل المطبعين مع إسرائيل أنهم يعيشون في فرنسا، وهذا ليس اتهاماً، لكن الدور الذي يلعبه المجلس التمثيلي للجمعيات اليهودية في فرنسا في تجنيد المثقفين والفنانين لم يعد خافياً. وفي وقت تُنظمُ فيه دعوات عالمية إلى المقاطعة الأكاديمية والثقافية مع إسرائيل، يتمادى جزائريون في المشاركة في مهرجانات تعزز الاحتلال الإسرائيلي، ضاربين بذلك موقف الشعب والدولة الجزائريين من الكيان الصهيوني.
وقع اللاعب الدولي الجزائري، ياسين براهيمي، في نهاية نوفمبر/تشرين الثاني 2012 رفقة 61 لاعبا دولياً على عريضة تندّد بالقصف والحصار الإسرائيلي على قطاع غزة. وانتظر الجزائريون أن يكرر لاعب فريق "بورتو" البرتغالي ذلك، هذه المرة، بمقاطعته اللعب ضد نادي "مكابي تل أبيب". خاب أملهم في مقاطعة براهيمي المباراة مع الفريق الإسرائيلي. وفي ظل الانتهاكات الصهيونية للمسجد الأقصى وجرائم القتل ضد الفلسطينيين، ورّطه مدرب يعرف قيمته الإضافية في الملعب، لأن يكون أول جزائري يتبارى ضد فريق إسرائيلي. وما كنت أتمنى لهذا الأسمر الطيب الذي أدخل البهجة على جماهير الكرة العربية في مونديال البرازيل أن يتورّط في لعبة أمم أكبر منه، ولو بقي الأمر على مستوى البساط الأخضر، كما يقول المعلقون الرياضيون، لكان في الأمر سعة.
كما أن جزائرياً آخر يبدو أنه "دخل التاريخ" كأول عربي يؤلف رواية تتعاطف مع ضحايا المحرقة اليهودية، ففي دفاعه عن ضحايا "الهولوكوست" في روايته الجديدة "شيؤول"، يتقمص أنور بن مالك شخصية "كارل"، شاب يهودي يُساق إلى "غرف الغاز". يُحاول الكاتب تبريرَ موقفه باتهام العرب ببقائهم لصيقي ما سماها "حروب الشرق الأوسط"، أدت، في نظره، إلى إشاعة انطباع لدى الغرب بأن هؤلاء لا يعترفون بالمحرقة اليهودية، والتي استغلها الصهاينة في احتلال فلسطين، وجلب عطف الأمم الغربية وتكوين عقدة نقص لديهم. وتضيع في الأثناء لدى بن مالك الإبادة الإسرائيلية للفلسطينيين، حتى تضطر مذيعة "فرانس 24" أن تسأله بسخرية مكنية عن سر تماهيه مع شخصية "كارل"، وكأن أجداده هم الذين أُبيدوا في هذه المحرقة.
لا يختلف عاقلان عن إدانتهما النازية، والعبثية التي قادت إلى قتل أبرياء كثيرين، بغض النظر عن ديانتهم أو عرقهم، ولا يحسن الاكتراث، كثيراً، بادعاءات هذا الروائي (العاطفية)، إلا من باب ما يطرقه، منذ سنوات، مع كتّابٍ قادوا حملة أدبية روائية، تتناول تاريخ حرب التحرير الجزائرية من منظور فرنسي. من هنا، تبدأ الشكوك في نيات هذا الكاتب، فمحاولاته الاقتراب من المسافة بين الضحية والجلاد على أمل إقامة (مصالحة بين ذاكرتين وشعبين وسياستين يربطهما حوض البحر الأبيض المتوسط)، تندرج في إطار مشروع أطلقه الرئيس الفرنسي السابق، نيكولا ساركوزي، وسانده في ذلك اللوبي اليهودي في فرنسا، على أمل الدفع باتجاه القبول بزعم قديم مفاده وجود مزايا للاستعمار الفرنسي على الشعب الجزائري. والنتيجة تناسي المحرقات والفظائع التي مارسها "الاستدمار" الفرنسي، كما وصفه المفكر الجزائري، نايت آيت بلقاسم، رحمه الله، ومن ثم البكاء على أطلال الوجود اليهودي في الجزائر والمطالبة بعودته، وتأليب بقايا الأقدام السوداء والمستوطنين الفرنسيين القدامى للمطالبة بعقاراتهم، وأرزاقهم التي تركوها سنة 1962.
ولا يقف الأمر عند هذا الحد، فالمشروع أكبر من ذلك، ويستدعي التمهيد إلى تطبيع العلاقة بين الجزائر وإسرائيل في إطار مشروع "حوار دول المتوسط" الموؤود الذي ابتدعه ساركوزي، وسرعان ما تم دفنه، لعدم تجاوب الجزائر معه. وإن كانت دول عربية أخرى قد طبلت له بداعي المنفعة الاقتصادية، والذي لا تمل أصوات فرنسية (وجزائرية) من محاولة إعادة نفخ الروح فيه كلما أتاحت لها الظروف ذلك.
ليس دكتور الرياضيات وصاحب الروايات العديدة، أنور بن مالك، وحده في المسعى التوافقي بين الذاكرة الاستعمارية الفرنسية والراهن الجزائري، فقد آزره كتاب فرنسيون، من أمثال لوران موفينيي وجون ميشال غيناسيا ومارك بريسون وغيرهم. وليس منسية الاحتفالية التي عاد بها الكاتب الجزائري، بوعلام صنصال، من زيارته إلى إسرائيل في صيف 2012، وعبّر عنها بقوله إنه، فعلاً، رجع منها "غنياً وسعيداً". هو يزور إسرائيل باستمرار، يمجدها ويُزين قبحها، يكتب بالزجاج المكسور على الجلد الفلسطيني وجعاً آخر. يحتفي المجلس التمثيلي للجمعيات اليهودية في فرنسا بصنصال، فيزيد هو قائلاً إنه لا يرى سبباً في مقاطعة إسرائيل.
ويُعد المغني فرحات مهني حصان طروادة إسرائيليا بامتياز، يزورهم باستمرار، يمولون مشاريعه، ويدفعونه إلى المطالبة باستقلال منطقة القبائل الجزائرية، فيتبنى الموضوع بسعادة غامرة، يُجند أزلامه داخل الجزائر. يُزيحون اللغة العربية من اللافتات الرسمية وفي الشوارع، يستبدلون الحرف العربي باللاتيني، ويرفعون علمهم على واجهات المساكن والمباني. يحذّر الوطنيون من مغبة هذا الفعل الذي يقف وراءه اللوبي الصهيوني واليمين الفرنسي المتطرف، وبتواطؤ داخلي من بعض الأطراف. يرفع ابن الشهيد البطل عبد الرحمن ميرة أصيل منطقة القبائل تحذيراته إلى السلطات الأمنية في الجزائر، والتي ترد، ببساطة مريبة، بأن الأمر لا يعدو أن يكون مجرد "شغب محدود".
ولأن الرواية ليست إلا جزءاً من مشروع كبير، دخلت فنون أخرى معترك التطبيع، فقد نضطر إلى تسمية المخرج الجزائري، مرزاق علواش، "سيد الشجاعة" أو "مسيو كوراج"، عطفاً على عنوان فيلمه "مدام كوراج" (سيدة الشجاعة)، والذي شارك به، أخيراً، في مهرجان الأفلام الدولي في حيفا. ومشاركات علواش في المهرجانات السينمائية الإسرائيلية تعددت منذ 1994 بفيلم "عمر ڤتلاتو"، وسنة 1998 بفيلم "الجزائر بيروت". وقد أدمن علواش المشاركة في المهرجانات، سواء في داخل إسرائيل، أو التي تمولها دولة الاحتلال في بلدان أخرى. وبينما يسوق المدافعون عن فكرة المشاركة ضمن فعاليات المهرجانات في الأراضي المحتلة حجة "البراءة الثقافية" لتسويق أدائهم التطبيعي مع إسرائيل، فإنهم يقدمون، أيضاً، تبريرات عن فرصة فك العزلة عن المشهد الثقافي لـ"عرب 48"، إلا أن الأمر لا يعدو أن يكون تطبيعاً ثقافياً مع إسرائيل، وكسراً للحاجز النفسي، من أجل الذهاب بعيداً في التطبيع التدريجي مع دولة الاحتلال.
يُرعب الحديث عن التطبيع مع إسرائيل الفنانين والكتاب الجزائريين، فقد اعتبر مخرجون وفنانون أن مشاركة مرزاق علواش، بفيلمه "مدام كوراج"، في مهرجان حيفا السينمائي، استفزازاً لمشاعر الجزائريين والفلسطينيين معاً، مُؤكدين أن المخرج خالف موقف الجزائر التاريخي في عدم التطبيع مع إسرائيل. ومنهم من ذهب إلى حد القول "علواش ليس منا". ولكن الجدل الذي يُصاحب مثل هذه المشاركات لا يفتأ يتّقد حتى يخبو. تستاء السلطات الرسمية الجزائرية، وتتحدث عن إجراءات تأديبية بشأن هؤلاء المطبعين. مع تأكيد وزير الثقافة، عز الدين ميهوبي، على إدراج أحكام جديدة في عقود تمويل الأعمال السينمائية ذات الإنتاج المشترك، تمنح "حق النظر" في مشاركة تلك الأعمال في المهرجانات الدولية.
أعلن، في مايو/أيار الماضي، عن مشاركة الفيلم الجزائري الفرنسي "الوهراني" في منافسات مهرجان البحر المتوسّط في إسدود. حينها، لم يُخفِ المخرج إلياس سالم سعادته بمشاركة عمله في المهرجان، ووصفها بالحدث المهم، قبل أن يعود ويسحبه، في اللحظة الأخيرة، بعد أن قوبلت خطوته باستياء وانتقادات من الرأي العام الجزائري ووزارة الثقافة التي ندّدت بتصرّفه.
العامل المشترك بين كل المطبعين مع إسرائيل أنهم يعيشون في فرنسا، وهذا ليس اتهاماً، لكن الدور الذي يلعبه المجلس التمثيلي للجمعيات اليهودية في فرنسا في تجنيد المثقفين والفنانين لم يعد خافياً. وفي وقت تُنظمُ فيه دعوات عالمية إلى المقاطعة الأكاديمية والثقافية مع إسرائيل، يتمادى جزائريون في المشاركة في مهرجانات تعزز الاحتلال الإسرائيلي، ضاربين بذلك موقف الشعب والدولة الجزائريين من الكيان الصهيوني.