06 نوفمبر 2024
بين ملكي المافيات والمليشيات
ثمّة توافق لافت، لا تخطئه العين، بين حدثيْن تزامنا في وقت واحد، واستفزّا المتابع: توديع فيتوريو كازامونيكا، كبير عرابي إيطاليا وأكثرهم شهرة، ويطلق عليه أتباعه لقب "ملك روما"، واستقبال نوري المالكي رجل إيران الأول، وملك مليشيات القتل والسرقة والفساد في عراق ما بعد "التحرير"، و"مختار العصر" كما يحلو لأنصاره أن يسموه، وكما طلع أتباع كازامونيكا، وهم يودعونه إلى القبر، بشعار "أنت غزوت روما، والآن تغزو الفردوس"، فقد طلع حزب الدعوة ببيان يشيد فيه بمنجزات أمينه العام، وبـ "نزاهته ووطنيته وإخلاصه وتفانيه، من أجل العراق"، حتى أصبح "بطلاً قومياً" لم يقدر للعرب أن ينجبوا مثله منذ زمن الرسالة، ووصل الأمر بأحد أعضاء كتلته البرلمانية أن يشبهه بالنبي الكريم محمد (ص)، وأن يقرن مسؤوليته عن سقوط الموصل بمسؤولية رسول الله عن تخلي المسلمين عن جبل أحد.
وبعيداً عن هذا الهذيان، قريباً من واقعتي التوديع والاستقبال، تشابه كازامونيكا والمالكي، حتى في محطات عديدة في سيرتيهما. وكلاهما نشآ وتربيا في بيئة تستدعي العنف والجريمة، فقد تزعم كازامونيكا واحدة من أكبر المافيات التي عرفتها إيطاليا، وتعامل مع سياسيين وعسكريين نافذين، ورجال قضاء وإدارة، وإعلاميين وصحافيين، ومارس عمليات ابتزاز وغسيل أموال وفساد، وترأس شبكة اتجار بالمخدرات، وارتكب أو ساعد على ارتكاب جرائم قتل واغتيال، واتسع نفوذه في روما إلى درجة تأثيره على مفاصل مهمة في الدولة. لكن، سرعان ما وقع رجاله في الفخ، وهناك اليوم أكثر من 60 من أعوانه وراء القضبان، ينتظرون مصيرهم.
تشبه حال المالكي حال كازامونيكا، وإن اختلفت في بعض التفاصيل، فقد حكم المالكي البلاد ثماني سنوات عجاف، أهلك فيها الحرث والنسل، قاد أبرياء إلى المشانق، وأشرف على مليشيات القتل والجريمة المنظمة، مستثمراً خبرته السابقة إبّان كان مسؤولاً عن الجناح الإرهابي لحزب الدعوة، سلم ثلث مساحة العراق إلى "داعش" بدم بارد، شارك في تغطية عمليات الفساد والإفساد، وعقود الأعمال والاستثمار، وألحق ببلاده خسارة مئات مليارات الدولارات، ولا يزال عديد من شركائه هاربين من العدالة.
يتشابهان، أيضاً، في تنشأتهما العملية، وفي مصدر دعمهما، فقد قيل، إن كازامونيكا أصبح عرّاباً بعد أن رشحته المافيا الأميركية، وسرعان ما لمع نجمه وسط عالم المافيات الأسود، وتجاوز حتى خطط صانعيه ومكائدهم، ليقيم مملكته الخاصة التي لم تشمل جنوب إيطاليا، حيث معقل المافيات الرئيسي، اقتحم روما العاصمة، وحصل على نفوذ فيها. وأصبح المالكي، هو الآخر رئيساً للحكومة بتوصية أميركية، فقد ذكر السفير الأميركي السابق في بغداد، زلماي خليل زاد، أن ضابط الارتباط في وكالة الاستخبارات الأميركية، هو الذي رشح المالكي ليكون رئيساً للوزراء، وهو سأل المالكي، وهما على مائدة عشاء، ما إذا خطر في باله أن يكون رئيساً للوزراء. دهش المالكي، لكن الأميركيين، بحسب مجلة نيويوركر، كانوا قد حسموا الأمر، تضيف المجلة، أن إسناد الحكومة إلى المالكي للمرة الثانية تم في قم، بترشيح من قاسم سليماني، وعلى مائدة عشاء أيضاً. في تلك الساعة، نقل المالكي مواقع أقدامه من واشنطن إلى طهران.
طريف ما ننقله عن الاثنين، أن موكب وداع الأول يشبه، من حيث الفخامة والإثارة، موكب استقبال الثاني. تحولت الحصون السود الستة التي كانت تجر عربة كازامونيكا السوداء، والمطعمة بالذهب، لدى المالكي إلى سيارات مرسيدس سوداء مدرعة. والحناجر التي هتفت لملك المافيات كان هناك ما يشبهها في استقبال المالكي، وقد هتفت له، وهددت خصومه بالموت. إلى جانب ذلك، حملت مشاهد الموكبين التي تناقلتها الفضائيات دلالات صادمة ومرّة كثيرة. وكما قالت البرلمانية الإيطالية، سيليستا كوستانتينا، إن تنظيم موكب تشييع كازامونيكا على هذا النحو "بمثابة رسالة من رجال المافيات إلى الإيطاليين جميعاً بأنهم أقوياء ولا يزالون هنا"، فإن محللين عديدين اعتبروا الاستقبال الذي حظي به المالكي، عند عودته من طهران، بمثابة رسالة إلى العراقيين بأنه قوي ولا يزال هنا.
وأيضاً، كما أكد رئيس الحزب الديمقراطي الإيطالي، ماتيو أورفيني، أن رسالة عرابي المافيات لن تمر، وروما لن يهزمها الذين يريدونها أن تكون ساحة مفتوحة لعرابي المافيات، فإن شباب العراق الذين يواصلون تظاهراتهم المفتوحة، ليل نهار، مصممون على أن لا تمر رسالة المالكي البائسة والشريرة في آن، وبغداد لن يهزمها لا هو، ولا أعوانه من رجال المليشيات السوداء الذين يريدونها ساحة مفتوحة لهم.
وبعيداً عن هذا الهذيان، قريباً من واقعتي التوديع والاستقبال، تشابه كازامونيكا والمالكي، حتى في محطات عديدة في سيرتيهما. وكلاهما نشآ وتربيا في بيئة تستدعي العنف والجريمة، فقد تزعم كازامونيكا واحدة من أكبر المافيات التي عرفتها إيطاليا، وتعامل مع سياسيين وعسكريين نافذين، ورجال قضاء وإدارة، وإعلاميين وصحافيين، ومارس عمليات ابتزاز وغسيل أموال وفساد، وترأس شبكة اتجار بالمخدرات، وارتكب أو ساعد على ارتكاب جرائم قتل واغتيال، واتسع نفوذه في روما إلى درجة تأثيره على مفاصل مهمة في الدولة. لكن، سرعان ما وقع رجاله في الفخ، وهناك اليوم أكثر من 60 من أعوانه وراء القضبان، ينتظرون مصيرهم.
تشبه حال المالكي حال كازامونيكا، وإن اختلفت في بعض التفاصيل، فقد حكم المالكي البلاد ثماني سنوات عجاف، أهلك فيها الحرث والنسل، قاد أبرياء إلى المشانق، وأشرف على مليشيات القتل والجريمة المنظمة، مستثمراً خبرته السابقة إبّان كان مسؤولاً عن الجناح الإرهابي لحزب الدعوة، سلم ثلث مساحة العراق إلى "داعش" بدم بارد، شارك في تغطية عمليات الفساد والإفساد، وعقود الأعمال والاستثمار، وألحق ببلاده خسارة مئات مليارات الدولارات، ولا يزال عديد من شركائه هاربين من العدالة.
يتشابهان، أيضاً، في تنشأتهما العملية، وفي مصدر دعمهما، فقد قيل، إن كازامونيكا أصبح عرّاباً بعد أن رشحته المافيا الأميركية، وسرعان ما لمع نجمه وسط عالم المافيات الأسود، وتجاوز حتى خطط صانعيه ومكائدهم، ليقيم مملكته الخاصة التي لم تشمل جنوب إيطاليا، حيث معقل المافيات الرئيسي، اقتحم روما العاصمة، وحصل على نفوذ فيها. وأصبح المالكي، هو الآخر رئيساً للحكومة بتوصية أميركية، فقد ذكر السفير الأميركي السابق في بغداد، زلماي خليل زاد، أن ضابط الارتباط في وكالة الاستخبارات الأميركية، هو الذي رشح المالكي ليكون رئيساً للوزراء، وهو سأل المالكي، وهما على مائدة عشاء، ما إذا خطر في باله أن يكون رئيساً للوزراء. دهش المالكي، لكن الأميركيين، بحسب مجلة نيويوركر، كانوا قد حسموا الأمر، تضيف المجلة، أن إسناد الحكومة إلى المالكي للمرة الثانية تم في قم، بترشيح من قاسم سليماني، وعلى مائدة عشاء أيضاً. في تلك الساعة، نقل المالكي مواقع أقدامه من واشنطن إلى طهران.
طريف ما ننقله عن الاثنين، أن موكب وداع الأول يشبه، من حيث الفخامة والإثارة، موكب استقبال الثاني. تحولت الحصون السود الستة التي كانت تجر عربة كازامونيكا السوداء، والمطعمة بالذهب، لدى المالكي إلى سيارات مرسيدس سوداء مدرعة. والحناجر التي هتفت لملك المافيات كان هناك ما يشبهها في استقبال المالكي، وقد هتفت له، وهددت خصومه بالموت. إلى جانب ذلك، حملت مشاهد الموكبين التي تناقلتها الفضائيات دلالات صادمة ومرّة كثيرة. وكما قالت البرلمانية الإيطالية، سيليستا كوستانتينا، إن تنظيم موكب تشييع كازامونيكا على هذا النحو "بمثابة رسالة من رجال المافيات إلى الإيطاليين جميعاً بأنهم أقوياء ولا يزالون هنا"، فإن محللين عديدين اعتبروا الاستقبال الذي حظي به المالكي، عند عودته من طهران، بمثابة رسالة إلى العراقيين بأنه قوي ولا يزال هنا.
وأيضاً، كما أكد رئيس الحزب الديمقراطي الإيطالي، ماتيو أورفيني، أن رسالة عرابي المافيات لن تمر، وروما لن يهزمها الذين يريدونها أن تكون ساحة مفتوحة لعرابي المافيات، فإن شباب العراق الذين يواصلون تظاهراتهم المفتوحة، ليل نهار، مصممون على أن لا تمر رسالة المالكي البائسة والشريرة في آن، وبغداد لن يهزمها لا هو، ولا أعوانه من رجال المليشيات السوداء الذين يريدونها ساحة مفتوحة لهم.