01 يونيو 2017
الفلوجة... الحكم الطائفي
فشلت الطبقة السياسية التي جاء بها الاحتلال الأميركي للعراق فشلاً مضاعفاً. فشلت في ما هو إيجابي، أي صياغة نظام سياسي وطني، يوحّد قوميات العراق وأديانه وطوائفه. وفشلت، مرة أخرى، في إيجاد "النظام الأقل سوءاً"، أي نظام محاصصة طائفي، يشعر العراقيون بأنه يمثلهم، وهو بديل عن الحرب الأهلية، لا غير.
ما يحدث في العراق نوع تقليدي من الحكم الطائفي، حين تحتكر طائفةٌ واحدةٌ الحكم، وتحتكر منافع الدولة لها، وتهمّش الآخرين. وفي الصورة القصوى العراقية، تقوم بتصفيتهم على أسس طائفية. قد يوظّف هذا النظام الطائفي سياسيين من طوائف أخرى، من أجل رفع العتب. والإشكال سيبقى في العراق إشكالاً مع السنّة العرب، فهم الطبقة المهمّشة، ومناطقهم هي المدمرة.
فحتى مع تهميش الكرد في عملية بغداد السياسية، واحتفاظهم بمناصب شكلية وتشريفية، إلا أن الأمر هامشي بالنسبة لهم. فالمناطق الكردية تتمتع بحكم ذاتي واسع منذ أول التسعينيات، وأكثر استقراراً من الناحيتين، الأمنية والاقتصادية، ومحمية من خلال "البشمركة" الكردية والعلاقات مع الولايات المتحدة، وبالتالي، تمت ترجمة التهميش على هيئة ما يشبه الاستقلال، وهو حلم الأكراد الكبير منذ عقود.
الأوضاع في المناطق السنية العراقية مختلفة تماما. فمن ناحية، رفضت جل هذه المناطق، وفي مقدمتها الفلوجة، العملية السياسية برمتها التي جاء بها الاحتلال الأميركي. وتمت ترجمة الرفض في مقاومة عسكرية للاحتلال، وممانعة للدخول في العملية السياسية، والتي كانت محميةً من المليشيات منذ البداية، قبل فتوى السيستاني وظهور مسمّى الحشد الشعبي بسنوات. ففيلق بدر، والذي أُنشئ في الثمانينيات إيرانياً خالصاً من ناحية الولاء، وقاتل ضد الجيش العراقي آنذاك، هو نفسه الذي ارتدى زي "قوات مكافحة الإرهاب"، برعاية أميركية، وبدأ بمواجهة المقاومة العراقية في 2005، وتم توثيق هذا ببرنامج وثائقي شهير، أنتجته صحيفة "ذاغارديان" وقناة "بي بي سي". أما التيار الصدري، والذي كان جزءاً من العملية السياسية في بغداد، فكانت له مليشياته (جيش المهدي) والتي كانت فاعلاً رئيسيا في التصفيات الطائفية التي عصفت في المجتمع العراقي بين 2005 و2007.
لا يمكن، بأي حال، الحديث عن العمليات في الفلوجة اليوم، من دون الحديث عن سياق الحكم الطائفي في بغداد، وحكم المليشيات، والتصفيات الطائفية، فالأمر يتعلق تحديداً بهذا الأمر، لا بتنظيم الدولة الإسلامية (داعش) ومكافحة الإرهاب، والذي بات يوفر غطاءً دولياً للتصفيات الطائفية. ولا علاقة للسياق الذي رفضت فيه الفلوجة حكم بغداد بوجود "داعش" أو الإرهاب. فالمدينة رفضت العملية السياسية التي جاء بها المحتل الأميركي، وقاومتها عسكريا منذ البداية. وخاضت الولايات المتحدة حربين على المدينة.
ووجود "داعش" في الفلوجة، هو نتيجة للفشل في بغداد. ومحاولات قتال التنظيم، من خلال مليشيات الحشد الشعبي الطائفية تكريس لفشل بغداد السياسي، وليس حلاً للأزمة التي لن تحلّ إلا بتغيير العملية السياسية برمتها في العراق، على أسس وطنية.
الإرهاب في العراق نتيجة لمشكلة أكبر في بغداد، قادت إلى عمليةٍ سياسيةٍ لم تسع يوماً إلى دمج السنة، على الرغم من الفرصة التاريخية التي دمرها رئيس الوزراء العراقي السابق، نوري المالكي، عندما استمر في تهميش السنة العرب، بعد هزيمة العشائر لتنظيم القاعدة في 2007. ويلخص أحد قادة الحشد الشعبي، أوس الخفاجي، من مليشيا أبو الفضل العباس، هذا السياق، عندما قال، مع بدء العمليات العسكرية في الفلوجة، لمسلحيه: "الفلوجة منبع الإرهاب، منذ 2004 إلى يومنا هذا، ما فيها شيخ عشائر إلا ما ندر آدمي، ما بيها إنسان وطني، ما بيها إنسان دين ملتزم (ملتزم دينيا) حتى بالمذهب السني، فالآن فرصتنا لتطهير العراق باستئصال ورم الفلوجة".
فحتى المليشيات الطائفية تتعامل مع العمليات في الفلوجة، باعتبارها أوسع من محاربة الإرهاب. لكن، من منظورها المحتكر السلطة، وتدرك أنها تستخدم "داعش" شماعة، لمواصلة تهميش السنة.
ما يحدث في العراق نوع تقليدي من الحكم الطائفي، حين تحتكر طائفةٌ واحدةٌ الحكم، وتحتكر منافع الدولة لها، وتهمّش الآخرين. وفي الصورة القصوى العراقية، تقوم بتصفيتهم على أسس طائفية. قد يوظّف هذا النظام الطائفي سياسيين من طوائف أخرى، من أجل رفع العتب. والإشكال سيبقى في العراق إشكالاً مع السنّة العرب، فهم الطبقة المهمّشة، ومناطقهم هي المدمرة.
فحتى مع تهميش الكرد في عملية بغداد السياسية، واحتفاظهم بمناصب شكلية وتشريفية، إلا أن الأمر هامشي بالنسبة لهم. فالمناطق الكردية تتمتع بحكم ذاتي واسع منذ أول التسعينيات، وأكثر استقراراً من الناحيتين، الأمنية والاقتصادية، ومحمية من خلال "البشمركة" الكردية والعلاقات مع الولايات المتحدة، وبالتالي، تمت ترجمة التهميش على هيئة ما يشبه الاستقلال، وهو حلم الأكراد الكبير منذ عقود.
الأوضاع في المناطق السنية العراقية مختلفة تماما. فمن ناحية، رفضت جل هذه المناطق، وفي مقدمتها الفلوجة، العملية السياسية برمتها التي جاء بها الاحتلال الأميركي. وتمت ترجمة الرفض في مقاومة عسكرية للاحتلال، وممانعة للدخول في العملية السياسية، والتي كانت محميةً من المليشيات منذ البداية، قبل فتوى السيستاني وظهور مسمّى الحشد الشعبي بسنوات. ففيلق بدر، والذي أُنشئ في الثمانينيات إيرانياً خالصاً من ناحية الولاء، وقاتل ضد الجيش العراقي آنذاك، هو نفسه الذي ارتدى زي "قوات مكافحة الإرهاب"، برعاية أميركية، وبدأ بمواجهة المقاومة العراقية في 2005، وتم توثيق هذا ببرنامج وثائقي شهير، أنتجته صحيفة "ذاغارديان" وقناة "بي بي سي". أما التيار الصدري، والذي كان جزءاً من العملية السياسية في بغداد، فكانت له مليشياته (جيش المهدي) والتي كانت فاعلاً رئيسيا في التصفيات الطائفية التي عصفت في المجتمع العراقي بين 2005 و2007.
لا يمكن، بأي حال، الحديث عن العمليات في الفلوجة اليوم، من دون الحديث عن سياق الحكم الطائفي في بغداد، وحكم المليشيات، والتصفيات الطائفية، فالأمر يتعلق تحديداً بهذا الأمر، لا بتنظيم الدولة الإسلامية (داعش) ومكافحة الإرهاب، والذي بات يوفر غطاءً دولياً للتصفيات الطائفية. ولا علاقة للسياق الذي رفضت فيه الفلوجة حكم بغداد بوجود "داعش" أو الإرهاب. فالمدينة رفضت العملية السياسية التي جاء بها المحتل الأميركي، وقاومتها عسكريا منذ البداية. وخاضت الولايات المتحدة حربين على المدينة.
ووجود "داعش" في الفلوجة، هو نتيجة للفشل في بغداد. ومحاولات قتال التنظيم، من خلال مليشيات الحشد الشعبي الطائفية تكريس لفشل بغداد السياسي، وليس حلاً للأزمة التي لن تحلّ إلا بتغيير العملية السياسية برمتها في العراق، على أسس وطنية.
الإرهاب في العراق نتيجة لمشكلة أكبر في بغداد، قادت إلى عمليةٍ سياسيةٍ لم تسع يوماً إلى دمج السنة، على الرغم من الفرصة التاريخية التي دمرها رئيس الوزراء العراقي السابق، نوري المالكي، عندما استمر في تهميش السنة العرب، بعد هزيمة العشائر لتنظيم القاعدة في 2007. ويلخص أحد قادة الحشد الشعبي، أوس الخفاجي، من مليشيا أبو الفضل العباس، هذا السياق، عندما قال، مع بدء العمليات العسكرية في الفلوجة، لمسلحيه: "الفلوجة منبع الإرهاب، منذ 2004 إلى يومنا هذا، ما فيها شيخ عشائر إلا ما ندر آدمي، ما بيها إنسان وطني، ما بيها إنسان دين ملتزم (ملتزم دينيا) حتى بالمذهب السني، فالآن فرصتنا لتطهير العراق باستئصال ورم الفلوجة".
فحتى المليشيات الطائفية تتعامل مع العمليات في الفلوجة، باعتبارها أوسع من محاربة الإرهاب. لكن، من منظورها المحتكر السلطة، وتدرك أنها تستخدم "داعش" شماعة، لمواصلة تهميش السنة.