09 نوفمبر 2024
مخاطبة الكنيست بما يليق من احتقار
ما زالت المواقف العربية الرسمية تنتقد في المناسبات سلوك الاحتلال الإسرائيلي، ولكن بوتيرة أقل مما في الماضي. حتى إن المواقف التي تنتقد الاحتلال، بسبب قلتها وتباعد فترات صدورها، خبر قائم بذاته، هذا جنباً إلى جنب مع مظاهر تطبيع مع إسرائيل متنامية هنا وهناك في المشارق والمغارب. وعليه، جاءت مداخلة رئيس مجلس الأمة الكويتي، مرزوق الغانم، بمنزلة مفاجأة سارة، حين وبّخ الوفد الإسرائيلي المشارك في مؤتمر الاتحاد البرلماني الدولي، في اليوم الأخير لانعقاد المؤتمر في سانت بطرسبرغ الروسية، الأربعاء الماضي (18 أكتوبر/ تشرين الأول). لقد أدت كلمات التقريع، وبنبرتها القوية التي دعت وفد الاحتلال إلى مغادرة قاعة الاجتماعات، إلى خروج أعضاء هذا الوفد بالفعل، بعد أن أرتج عليهم الأمر، وفقد هؤلاء القدرة على التركيز الذهني "عليك أن تحمل حقائبك وتخرج من هذه القاعة، بعد أن رأيت ردة الفعل من كل البرلمانات الشريفة بالعالم.. اخرج الآن من القاعة إن كان لديك ذرة من الكرامة.. يا محتل يا قتلة الأطفال". وقد جاء التصفيق الحاشد لكلمات الغانم من وفود عديدة تزكية لموقفه، فلم يملك وفد الاحتلال، برئاسة نحمان شاي، أمام هذه العاصفة، سوى الخروج، وهو يجر أذيال الخيبة والخزي.
ما حدث ليس مجرد انتصار كلامي، أو ترديد هتافٍ حماسي، كما قد يطيب لبعض المتفيقهين القول، إذ يتعرّض الاحتلال للنقد من على منابر الأمم المتحدة ومنظماتها في عواصم العالم، بصورة شبه دائمة، ويهزأ المحتلون بصفاقةٍ دائمةٍ من هذه المواقف ومن تقارير المنظمة الدولية، والمنظمات الحقوقية والإنسانية. ما أضافه الغانم إلى سلسلة النقد الطويلة لتل أبيب، هو أنه تحدث باحتقار كامل للاحتلال. حين يتعلق الأمر باحتلال استيطاني عنصري ومتوحش،
يقوم على إدمان القتل والسرقة والكذب، فإنه من المنطقي والموضوعي أن يتسم النقد بنبرة ازدراء جلية. وكما هو الشأن لدى تناول النازية أو التطهير العرقي أو التمييز الديني. والغانم (49 عاماً) برلماني منتخب، وليس في موقع دبلوماسي أو رسمي. ومن حقه الحديث بصراحة ووضوح على طريقة البرلمانيين المنتخبين في قاعات البرلمانات، وحتى بانفعال. والمناسبة هي مؤتمر لبرلمانات 150 بلدا، لممثلي الشعوب المنتخبين، وهؤلاء يسمّون في العادة الأشياء بأسمائها بغير توريات ومجازات. والغانم بالذات قادم من برلمان بلاده المتمرّس بالأداء النيابي، وتمثيل الرأي العام منذ استقلال الإمارة/ الدولة في مطلع ستينيات القرن العشرين.
موقف الغانم الذي تحدث باسم برلمان بلاده طبع ختام المؤتمر بطابعه. وعلى هامشه أفضى لوسائل الإعلام رداً على سؤال صحافي بشأن وجود تنسيقٍ مع برلمانات دولية لاتخاذ إجراءات ضد الكنيست الإسرائيلي بأنه يأمل تعديل النظام الأساسي للاتحاد الدولي، بحيث يشمل عقوبات على كل من يخالف الاتحاد، مبيناً "هذا ما نسعى إليه وسيتحقق وفق تكتيك معين إن شاء الله".
وواقع الأمر أن فرض عقوبات على الكنيست الإسرائيلي هو أقل ما يتعين القيام به في مواجهة هذا البرلمان الذي يشرّع كل أشكال العنصرية ومصادرة الأرض والتنكيل الجماعي والاستيلاء على القدس العربية وبقية الأراضي المحتلة، علاوة على اعتقال أعضاء كثيرين في المجلس التشريعي الفلسطيني المنتخب. وقد استنكر قرار المؤتمر الخاص بالنواب الفلسطينيين رفض الوفد الإسرائيلي التجاوب مع الاتحاد، وامتناعه عن حضور جلسة استماع خاصة بظروف اعتقال النواب الأسرى، على الرغم من الطلبات المتكرّرة من اللجنة المعنية لوفد الكنيست بهذا الخصوص.
وطالب القرار بالإفراج الفوري عن كل من النائبين مروان البرغوثي وأحمد سعدات، وإلى حين تحقق ذلك، طالب بتحسين ظروف اعتقالهما ومنحهما الحق بالزيارة، وتوفير معلوماتٍ رسمية من الجانب الإسرائيلي حولهما. وبما يتعلق بالنواب الآخرين، استنكر المؤتمر، في قراره، لجوء إسرائيل إلى عقاب النواب الفلسطينيين، من خلال اعتقالهم العشوائي والمتكرّر ووضعهم قيد الاعتقال الإداري من دون سند قانوني، والاعتماد دائما على ما يسمى الملف السري. وطالب سلطات الاحتلال بتقديم نسخةٍ عن لائحة الاتهام التي تتم محاكمة النواب على أساسها، مطالبا بإطلاق سراحهم فورا. ووفي تصريحات لاحقة، شدد رئيس مجلس الأمة الكويتي على ضرورة طرد البرلمان الإسرائيلي من الاتحاد البرلماني الدولي.
ويذكر هنا أن الاتحاد البرلماني الدولي الذي أنشئ في العام 1989 يضم ست مجموعات عمل ذات تقسيم جغرافي، من بينها المجموعة العربية. ويفترض أن تتّحد مواقف أعضاء هذه
المجموعة، بمن في ذلك النواب المصريون والأردنيون، باتجاه اتخاذ موقف حازم من برلمان دولة الاحتلال، فالبرلمانيون العرب ليسوا ممثلين للحكومات، ولا ناطقين باسمها، ولا مقيدين بالتزاماتها، بل هم ممثلون لشعوبهم. وكان رئيس مجلس النواب الأردني، عاطف الطراونة، قد ألقى كلمة قوية أمام المؤتمر 137، قال فيها إن "غياب السلام عن منطقتنا يجعل عناوين المؤتمر أشبه بالأحلام، فغياب العدالة عن القضية الفلسطينية واستمرار الاحتلال الإسرائيلي بوحشيته وتهديده المستمر لأقدس المقدسات ومصادرة الأرض يجعل الحديث عن القيم الإنسانية هدرا من الكلام لا طائل منه".
وسبق لرئيس مجلس الأمة الكويتي أن دعا في العام 2015 أعضاء البرلمانات العربية إلى التفكير جديًّا، وبصورة عملية، بإنجاح تحرّك عربي لطرد إسرائيل من عضوية الاتحاد البرلماني الدولي، بقوله: "لا يشرّفنا كعرب، ولا تشرّفنا حتى العضوية في الاتحاد البرلماني الدولي، إن لم ننجح في تحقيق عمل يكون له صداه، ولا يوجد عمل بالنسبة لنا كبرلمانيين وكأعضاء في الاتحاد البرلماني الدولي، غير محاولة طرد الكيان الصهيوني من الاتحاد البرلماني الدولي".
والبادي أن هذا الطموح الواقعي والمشروع لم ينل ما يستحقه من توافق وتنسيق بين المجموعة البرلمانية أولاً، ثم مع بقية المجموعات البرلمانية في الاتحاد الدولي ثانيا، ثم مع رئاسة المؤتمر ثالثا، وهو ما يستحق مكاشفة الرأي العام بشأنه من طرف الوفود العربية. ولعل مداخلة الغانم التي استغرقت نحو دقيقة فقط ، بما انطوت عليه من غضب وسخط في وجه وفد الكنيست، جاءت تعويضا آنيا ومؤقتا عن عدم التقدم إلى الأمام في مشروع تعديل النظام الأساسي للاتحاد الدولي باتجاه التضمين على فرض عقوباتٍ لمن يخالف ميثاق الاتحاد (الكنيست)، خطوة نحو طرد برلمان العنصريين الصهاينة من هذا المحفل الدولي.
ما حدث ليس مجرد انتصار كلامي، أو ترديد هتافٍ حماسي، كما قد يطيب لبعض المتفيقهين القول، إذ يتعرّض الاحتلال للنقد من على منابر الأمم المتحدة ومنظماتها في عواصم العالم، بصورة شبه دائمة، ويهزأ المحتلون بصفاقةٍ دائمةٍ من هذه المواقف ومن تقارير المنظمة الدولية، والمنظمات الحقوقية والإنسانية. ما أضافه الغانم إلى سلسلة النقد الطويلة لتل أبيب، هو أنه تحدث باحتقار كامل للاحتلال. حين يتعلق الأمر باحتلال استيطاني عنصري ومتوحش،
موقف الغانم الذي تحدث باسم برلمان بلاده طبع ختام المؤتمر بطابعه. وعلى هامشه أفضى لوسائل الإعلام رداً على سؤال صحافي بشأن وجود تنسيقٍ مع برلمانات دولية لاتخاذ إجراءات ضد الكنيست الإسرائيلي بأنه يأمل تعديل النظام الأساسي للاتحاد الدولي، بحيث يشمل عقوبات على كل من يخالف الاتحاد، مبيناً "هذا ما نسعى إليه وسيتحقق وفق تكتيك معين إن شاء الله".
وواقع الأمر أن فرض عقوبات على الكنيست الإسرائيلي هو أقل ما يتعين القيام به في مواجهة هذا البرلمان الذي يشرّع كل أشكال العنصرية ومصادرة الأرض والتنكيل الجماعي والاستيلاء على القدس العربية وبقية الأراضي المحتلة، علاوة على اعتقال أعضاء كثيرين في المجلس التشريعي الفلسطيني المنتخب. وقد استنكر قرار المؤتمر الخاص بالنواب الفلسطينيين رفض الوفد الإسرائيلي التجاوب مع الاتحاد، وامتناعه عن حضور جلسة استماع خاصة بظروف اعتقال النواب الأسرى، على الرغم من الطلبات المتكرّرة من اللجنة المعنية لوفد الكنيست بهذا الخصوص.
وطالب القرار بالإفراج الفوري عن كل من النائبين مروان البرغوثي وأحمد سعدات، وإلى حين تحقق ذلك، طالب بتحسين ظروف اعتقالهما ومنحهما الحق بالزيارة، وتوفير معلوماتٍ رسمية من الجانب الإسرائيلي حولهما. وبما يتعلق بالنواب الآخرين، استنكر المؤتمر، في قراره، لجوء إسرائيل إلى عقاب النواب الفلسطينيين، من خلال اعتقالهم العشوائي والمتكرّر ووضعهم قيد الاعتقال الإداري من دون سند قانوني، والاعتماد دائما على ما يسمى الملف السري. وطالب سلطات الاحتلال بتقديم نسخةٍ عن لائحة الاتهام التي تتم محاكمة النواب على أساسها، مطالبا بإطلاق سراحهم فورا. ووفي تصريحات لاحقة، شدد رئيس مجلس الأمة الكويتي على ضرورة طرد البرلمان الإسرائيلي من الاتحاد البرلماني الدولي.
ويذكر هنا أن الاتحاد البرلماني الدولي الذي أنشئ في العام 1989 يضم ست مجموعات عمل ذات تقسيم جغرافي، من بينها المجموعة العربية. ويفترض أن تتّحد مواقف أعضاء هذه
وسبق لرئيس مجلس الأمة الكويتي أن دعا في العام 2015 أعضاء البرلمانات العربية إلى التفكير جديًّا، وبصورة عملية، بإنجاح تحرّك عربي لطرد إسرائيل من عضوية الاتحاد البرلماني الدولي، بقوله: "لا يشرّفنا كعرب، ولا تشرّفنا حتى العضوية في الاتحاد البرلماني الدولي، إن لم ننجح في تحقيق عمل يكون له صداه، ولا يوجد عمل بالنسبة لنا كبرلمانيين وكأعضاء في الاتحاد البرلماني الدولي، غير محاولة طرد الكيان الصهيوني من الاتحاد البرلماني الدولي".
والبادي أن هذا الطموح الواقعي والمشروع لم ينل ما يستحقه من توافق وتنسيق بين المجموعة البرلمانية أولاً، ثم مع بقية المجموعات البرلمانية في الاتحاد الدولي ثانيا، ثم مع رئاسة المؤتمر ثالثا، وهو ما يستحق مكاشفة الرأي العام بشأنه من طرف الوفود العربية. ولعل مداخلة الغانم التي استغرقت نحو دقيقة فقط ، بما انطوت عليه من غضب وسخط في وجه وفد الكنيست، جاءت تعويضا آنيا ومؤقتا عن عدم التقدم إلى الأمام في مشروع تعديل النظام الأساسي للاتحاد الدولي باتجاه التضمين على فرض عقوباتٍ لمن يخالف ميثاق الاتحاد (الكنيست)، خطوة نحو طرد برلمان العنصريين الصهاينة من هذا المحفل الدولي.