22 أكتوبر 2024
الأردن وأوراق الصراع
أثارت الأخبار، أخيرا، عن تأسيس الحرس الثوري الإيراني لواء 313 في منطقة أزرع، في محافظة درعا في الجنوب السوري، تساؤلاتٍ عن مدى استمرارية التفاهمات الروسية - الأميركية واستقرارها، أو ما يطلق عليه "اتفاق عمان" بين موسكو وواشنطن، أن تكون المحافظة ضمن المناطق منخفضة التصعيد.
لم ينجح الأردن، فقط، في جذب الطرفين الروسي والأميركي إلى توقيع الاتفاق، بل سبقه بشهور نجاح أكبر لـ"اتفاق جنتلمان" بين الملك عبدالله الثاني والرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، يقضي بهدنة عسكرية، واقعية، في جنوب سورية. وبالفعل، نجحت الخطة، فشهدت درعا هدوءاً نسبياً، تعكّر مراتٍ محدودة، لكنّه جعل هذه المنطقة خارج حسابات رقعة الصراع العسكري الدامي في سورية.
أخذ الأردن، أخيرا، يعتمد أكثر في رهانه على التفاهمات مع الروس، خصوصا مع اختلال ميزان القوى لصالح النظام والروس وإيران على أرض الواقع، وتغاضى المسؤولون الأردنيون عن وصول القوات السورية إلى بعض المناطق الحدودية، بذريعة أنّها (تلك المناطق) خارج دائرة التفاهمات الأميركية الروسية الأردنية في الجنوب الغربي، وما يسمى "المنطقة الحرام" التي أعلنت أميركا نفوذها عليها في الجنوب الشرقي من سورية، وتشمل مخيم الركبان ومنطقة التنف.
يتمثل الخطّ الأحمر الأردني المعلن بعدم وجود ما سمّاها المسؤولون الأردنيون "مليشيات طائفية" على حدوده الشمالية، مثل حزب الله والمليشيات العراقية والحرس الثوري الإيراني، وكذلك الأمر تنظيم داعش، وهو شرطٌ يؤكد مسؤولون أردنيون أنّ الروس قبلوه. في الأثناء، دفع الأردن الفصائل المسلحة القريبة منه إلى توجيه السلاح نحو "داعش"، وحصار جيش خالد بن الوليد المتكوّر في "حوض اليرموك" في أقصى الجنوب الغربي، المحاذي للقنيطرة في سورية، وحدّ كثيراً من دخول الأسلحة للمقاتلين، بالتزامن والتوازي مع تخلي المجتمع الدولي والأميركان بصورة شبه كاملة عن دعم القوات السورية المعارضة المحسوبة على الجيش الحرّ.
الآن، ومع العودة إلى الرهانات الأردنية على التفاهم مع الروس، يحمل تشكيل اللواء الجديد في منطقة أزرع على أسس طائفية ومذهبية، في جوهره، عملية إنتاج، أو بعبارة أدق، استنساخ نموذج المليشيات الموالية لإيران في مناطق مختلفة، وإن كان أعضاؤه من السكّان المحليين (للتحايل على التفاهمات الروسية – الأميركية - الأردنية)، فالنتيجة واحدة: أنّ الخط الأحمر الأردني، على الأغلب، سيُمسح مع وجود المليشيات المؤيدة لطهران.
قد ينظر بعضهم إلى أنّ هذا اللواء ما يزال في مكانٍ يبعد قرابة 30 كم عن الحدود الأردنية - السورية، ولا يمثّل اختراقاً مباشراً للتفاهمات الدولية والإقليمية، وقد يكون ذلك إلى الآن، لكنّه، في الوقت نفسه، يثير الهواجس الأردنية المزعجة في انتقال الصراع الطائفي والإقليمي إلى حدوده الشمالية، ومعناه أيضاً أنّ إيران أصبحت على حدودنا الشمالية، بصورةٍ شبه مباشرة، وفي حال استتب الأمر لها في العراق، بعد هزيمة "داعش"، ستكون بصورة غير مباشرة على حدود الأردن الشرقية.
أكثر من هذا وذاك، فإنّ الكابوس الأردني هو نجاح رئيس الوزراء العراقي السابق، نوري المالكي، بالعودة إلى الحكم، بعد الانتخابات المقبلة، بدعم إيراني، ما يعني أنّنا أمام تصعيد كبير في الأوضاع الإقليمية، وتراجع كبير في مؤشرات التفاؤل الأردنية بتحسّن البيئة الإقليمية المحيطة، وتخفيف الحصار الضمني المطبق على الأردن، منذ أعوام، عبر إغلاق الحدود العراقية والسورية.
قد يكون ما يحدث في درعا إشارة إلى أخبار سيئة مرتبطة بعملية التسخين الجارية للأزمة الإيرانية - السعودية، وما قد ينجم عنها من إعادة إشعال جبهاتٍ وحروبٍ بالوكالة، وتوترات جديدة، في وقتٍ تخلّى الأردن، بصورة كبيرة، عن أغلب أوراقه، والمقصود فصائل فاعلة من الجيش الحرّ السوري، في الجنوب، واسترخى قليلاً مع تسليمه بدور روسي حاسم، لكبح جماح الطموح الإيراني وحزب الله في الجنوب.
لم يكن الاسترخاء الأردني فقط على صعيد ورقة "الجيش الحرّ" التي كانت تمثّل كرتاً مهماً في يد المسؤولين، بل حتى في تغلب فرضية "الاستقرار الإقليمي"، مع نهاية دولة داعش، على "مخيلة" المسؤولين الأردنيين، والانفتاح على العراق، والتلميح بانفتاح على النظام السوري، ثم تأتي هذه التطورات في الجنوب السوري، المصحوبة بتسخين إقليمي، لتعيد خلط أوراق المسؤولين الأردنيين، إن بقيت هنالك أوراق مؤثّرة فعلاً.
لم ينجح الأردن، فقط، في جذب الطرفين الروسي والأميركي إلى توقيع الاتفاق، بل سبقه بشهور نجاح أكبر لـ"اتفاق جنتلمان" بين الملك عبدالله الثاني والرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، يقضي بهدنة عسكرية، واقعية، في جنوب سورية. وبالفعل، نجحت الخطة، فشهدت درعا هدوءاً نسبياً، تعكّر مراتٍ محدودة، لكنّه جعل هذه المنطقة خارج حسابات رقعة الصراع العسكري الدامي في سورية.
أخذ الأردن، أخيرا، يعتمد أكثر في رهانه على التفاهمات مع الروس، خصوصا مع اختلال ميزان القوى لصالح النظام والروس وإيران على أرض الواقع، وتغاضى المسؤولون الأردنيون عن وصول القوات السورية إلى بعض المناطق الحدودية، بذريعة أنّها (تلك المناطق) خارج دائرة التفاهمات الأميركية الروسية الأردنية في الجنوب الغربي، وما يسمى "المنطقة الحرام" التي أعلنت أميركا نفوذها عليها في الجنوب الشرقي من سورية، وتشمل مخيم الركبان ومنطقة التنف.
يتمثل الخطّ الأحمر الأردني المعلن بعدم وجود ما سمّاها المسؤولون الأردنيون "مليشيات طائفية" على حدوده الشمالية، مثل حزب الله والمليشيات العراقية والحرس الثوري الإيراني، وكذلك الأمر تنظيم داعش، وهو شرطٌ يؤكد مسؤولون أردنيون أنّ الروس قبلوه. في الأثناء، دفع الأردن الفصائل المسلحة القريبة منه إلى توجيه السلاح نحو "داعش"، وحصار جيش خالد بن الوليد المتكوّر في "حوض اليرموك" في أقصى الجنوب الغربي، المحاذي للقنيطرة في سورية، وحدّ كثيراً من دخول الأسلحة للمقاتلين، بالتزامن والتوازي مع تخلي المجتمع الدولي والأميركان بصورة شبه كاملة عن دعم القوات السورية المعارضة المحسوبة على الجيش الحرّ.
الآن، ومع العودة إلى الرهانات الأردنية على التفاهم مع الروس، يحمل تشكيل اللواء الجديد في منطقة أزرع على أسس طائفية ومذهبية، في جوهره، عملية إنتاج، أو بعبارة أدق، استنساخ نموذج المليشيات الموالية لإيران في مناطق مختلفة، وإن كان أعضاؤه من السكّان المحليين (للتحايل على التفاهمات الروسية – الأميركية - الأردنية)، فالنتيجة واحدة: أنّ الخط الأحمر الأردني، على الأغلب، سيُمسح مع وجود المليشيات المؤيدة لطهران.
قد ينظر بعضهم إلى أنّ هذا اللواء ما يزال في مكانٍ يبعد قرابة 30 كم عن الحدود الأردنية - السورية، ولا يمثّل اختراقاً مباشراً للتفاهمات الدولية والإقليمية، وقد يكون ذلك إلى الآن، لكنّه، في الوقت نفسه، يثير الهواجس الأردنية المزعجة في انتقال الصراع الطائفي والإقليمي إلى حدوده الشمالية، ومعناه أيضاً أنّ إيران أصبحت على حدودنا الشمالية، بصورةٍ شبه مباشرة، وفي حال استتب الأمر لها في العراق، بعد هزيمة "داعش"، ستكون بصورة غير مباشرة على حدود الأردن الشرقية.
أكثر من هذا وذاك، فإنّ الكابوس الأردني هو نجاح رئيس الوزراء العراقي السابق، نوري المالكي، بالعودة إلى الحكم، بعد الانتخابات المقبلة، بدعم إيراني، ما يعني أنّنا أمام تصعيد كبير في الأوضاع الإقليمية، وتراجع كبير في مؤشرات التفاؤل الأردنية بتحسّن البيئة الإقليمية المحيطة، وتخفيف الحصار الضمني المطبق على الأردن، منذ أعوام، عبر إغلاق الحدود العراقية والسورية.
قد يكون ما يحدث في درعا إشارة إلى أخبار سيئة مرتبطة بعملية التسخين الجارية للأزمة الإيرانية - السعودية، وما قد ينجم عنها من إعادة إشعال جبهاتٍ وحروبٍ بالوكالة، وتوترات جديدة، في وقتٍ تخلّى الأردن، بصورة كبيرة، عن أغلب أوراقه، والمقصود فصائل فاعلة من الجيش الحرّ السوري، في الجنوب، واسترخى قليلاً مع تسليمه بدور روسي حاسم، لكبح جماح الطموح الإيراني وحزب الله في الجنوب.
لم يكن الاسترخاء الأردني فقط على صعيد ورقة "الجيش الحرّ" التي كانت تمثّل كرتاً مهماً في يد المسؤولين، بل حتى في تغلب فرضية "الاستقرار الإقليمي"، مع نهاية دولة داعش، على "مخيلة" المسؤولين الأردنيين، والانفتاح على العراق، والتلميح بانفتاح على النظام السوري، ثم تأتي هذه التطورات في الجنوب السوري، المصحوبة بتسخين إقليمي، لتعيد خلط أوراق المسؤولين الأردنيين، إن بقيت هنالك أوراق مؤثّرة فعلاً.