27 سبتمبر 2018
ترامب صديق بوتين
أثار نجاح دونالد ترامب في انتخابات الرئاسة الأميركية تكهناتٍ عن تطور العلاقات الأميركية الروسية، خصوصاً وأن ترامب كان يصرّح، في أثناء حملته الانتخابية، عن ضرورة التقارب مع روسيا، ومن ثم أثيرت أحاديث كثيرة عن "تدخل" روسيا في الانتخابات الأميركية لمصلحة ترامب. وبالتالي، كان يبدو أن الخلافات القديمة خلال فترة حكم سلفه، باراك أوباما، في طريقها إلى أن تطوى.
لكن، بعد أسابيع من استلام دونالد ترامب الرئاسة، بات التشكك يحكم ذلك. فقد أتى بعدد من كبار مسؤولي إدارته من التيار المعارض لروسيا، كما أعلن أن هدف إدارته هو: أميركا أولاً. ولهذا، زاد من ميزانية الدفاع بشكل كبير، وأعاد التأكيد على أهمية الحلف الأطلسي، على الرغم من أنه كان يريد تجاوزه، ولم يخفف العقوبات المفروضة على روسيا إلى الآن. وهو الأمر الذي أزعج روسيا، وجعلها تتشكك فيما يمكن أن تؤول إليه العلاقات الأميركية الروسية.
لم ينضج الأمر بعد، وما زال هناك وقت لترقب مآل العلاقات، بالضبط لأن كلاً منهما يشعر بالحاجة إلى الآخر لأسباب مختلفة. لكن روسيا التي تعتقد أنها التي جاءت بترامب إلى البيت الأبيض تريد منه أن يقبل بمنظورها العالمي، والذي ينطلق من أحقية روسيا في قيادة العالم، وحاجتها الكبيرة لتوسيع سيطرتها العالمية، ومن ثم تسهيل الظروف العالمية التي تسمح بتطور اقتصادها المضعضع والمنهك. وهي تفترض أن على أميركا قبول سيطرتها على أوكرانيا، والإقرار بضمها شبه جزيرة القرم، وكذلك ربما تحكمها بأوروبا. وأيضاً الإقرار بدورها السوري، على الرغم من أن ذلك متحقق منذ عهد أوباما أصلاً، وبالطريقة التي تعمل عليها لإنهاء الصراع هناك، وهو ما يحظى ببعض الاختلاف، كما يبدو.
ربما كانت روسيا تنظر إلى ترامب أداة لها، بعد أن اعتبرت أنها من أوصله إلى البيت الأبيض، وأن عليه أن يقرّ بكل ما تريد، لكن ترامب ليس أميركا، وأيضاً ليس من رأسمالي أميركي يقبل أن تعطي أميركا القياد لغيرها. فأزمة أميركا الاقتصادية التي سببت ضعفها لا تدفعها إلى التنازل بهذا القدْر، على الرغم من أنها تراجعت عن منظورها الهيمني الشامل بعد الأزمة المالية، لكنها تريد دوراً محورياً بتعاضد دول أخرى، ربما كانت روسيا من الدول المفضلة هنا. فهي لا تريد أن تنتهي هيمنتها الاقتصادية العالمية، وهي ما زالت القوة الاقتصادية والعسكرية الأولى، بل تريد إشراك دولٍ أخرى وهي تتلمس "الخطر الصيني"، وتريد تحقيق تحالفٍ يحدّ من قدرة هذا البلد الذي بات يملك ثاني اقتصاد عالمي، ويخزّن تريليونات الدولارات، احتياطي وسندات خزينة أميركية. كما أنها تريد موضعة موقعها الاقتصادي العالمي، بما يسمح بإنعاش اقتصادها الذي يعاني من تراجع في الإنتاج الصناعي، واختلال في الميزان التجاري، وعجز مستدام في الموازنة، وأيضاً مديونية باتت أكبر من دخلها القومي. وهنا، لا تريد أن يحلّ محلها أحد، على الرغم من أن بإمكانها التخلي عن بعض المناطق، كما قرّرت بخصوص "الشرق الأوسط"، وربما مناطق أخرى، حيث يطغى على طابع استثمارات رأسمالييها النشاط في النفط والمضاربات والمديونية والتقنيات الحديثة وتصدير السلاح.
وأيضاً، لا تملك روسيا للتصدير سوى السلاح، وقد باتت الدولة الثانية في العالم بعد أميركا في ذلك، وتريد التحكم بالنفط والغاز، بعد أن بات اقتصادها يعتمد عليهما. ولدى رأسمالييها تراكم مالي تحقق بعد نهب "أملاك الدولة"، والاستثمار في النفط والغاز والمضاربات، سيكون معنياً بالبحث عن أسواق سبقته إليها أميركا. وبالتالي، مصالح الرأسماليات متناقضة بشكل شديد، لأن الرأسماليات الأميركية والروسية تنشط في الحقول الاقتصادية ذاتها. وإذا كان يبدو لكل من الإدارات الأميركية والروسية أن الصين هي "المنافس الجدّي"، أو "الخطر المحتمل"، فإن مصالح الرأسماليات سوف تبقي الوضع في حالة توتر. والمشكلة أن أميركا لا تقبل هيمنة روسيا، وروسيا لا تستطيع التطور والاستقرار بدون هذه الهيمنة.
لكن، بعد أسابيع من استلام دونالد ترامب الرئاسة، بات التشكك يحكم ذلك. فقد أتى بعدد من كبار مسؤولي إدارته من التيار المعارض لروسيا، كما أعلن أن هدف إدارته هو: أميركا أولاً. ولهذا، زاد من ميزانية الدفاع بشكل كبير، وأعاد التأكيد على أهمية الحلف الأطلسي، على الرغم من أنه كان يريد تجاوزه، ولم يخفف العقوبات المفروضة على روسيا إلى الآن. وهو الأمر الذي أزعج روسيا، وجعلها تتشكك فيما يمكن أن تؤول إليه العلاقات الأميركية الروسية.
لم ينضج الأمر بعد، وما زال هناك وقت لترقب مآل العلاقات، بالضبط لأن كلاً منهما يشعر بالحاجة إلى الآخر لأسباب مختلفة. لكن روسيا التي تعتقد أنها التي جاءت بترامب إلى البيت الأبيض تريد منه أن يقبل بمنظورها العالمي، والذي ينطلق من أحقية روسيا في قيادة العالم، وحاجتها الكبيرة لتوسيع سيطرتها العالمية، ومن ثم تسهيل الظروف العالمية التي تسمح بتطور اقتصادها المضعضع والمنهك. وهي تفترض أن على أميركا قبول سيطرتها على أوكرانيا، والإقرار بضمها شبه جزيرة القرم، وكذلك ربما تحكمها بأوروبا. وأيضاً الإقرار بدورها السوري، على الرغم من أن ذلك متحقق منذ عهد أوباما أصلاً، وبالطريقة التي تعمل عليها لإنهاء الصراع هناك، وهو ما يحظى ببعض الاختلاف، كما يبدو.
ربما كانت روسيا تنظر إلى ترامب أداة لها، بعد أن اعتبرت أنها من أوصله إلى البيت الأبيض، وأن عليه أن يقرّ بكل ما تريد، لكن ترامب ليس أميركا، وأيضاً ليس من رأسمالي أميركي يقبل أن تعطي أميركا القياد لغيرها. فأزمة أميركا الاقتصادية التي سببت ضعفها لا تدفعها إلى التنازل بهذا القدْر، على الرغم من أنها تراجعت عن منظورها الهيمني الشامل بعد الأزمة المالية، لكنها تريد دوراً محورياً بتعاضد دول أخرى، ربما كانت روسيا من الدول المفضلة هنا. فهي لا تريد أن تنتهي هيمنتها الاقتصادية العالمية، وهي ما زالت القوة الاقتصادية والعسكرية الأولى، بل تريد إشراك دولٍ أخرى وهي تتلمس "الخطر الصيني"، وتريد تحقيق تحالفٍ يحدّ من قدرة هذا البلد الذي بات يملك ثاني اقتصاد عالمي، ويخزّن تريليونات الدولارات، احتياطي وسندات خزينة أميركية. كما أنها تريد موضعة موقعها الاقتصادي العالمي، بما يسمح بإنعاش اقتصادها الذي يعاني من تراجع في الإنتاج الصناعي، واختلال في الميزان التجاري، وعجز مستدام في الموازنة، وأيضاً مديونية باتت أكبر من دخلها القومي. وهنا، لا تريد أن يحلّ محلها أحد، على الرغم من أن بإمكانها التخلي عن بعض المناطق، كما قرّرت بخصوص "الشرق الأوسط"، وربما مناطق أخرى، حيث يطغى على طابع استثمارات رأسمالييها النشاط في النفط والمضاربات والمديونية والتقنيات الحديثة وتصدير السلاح.
وأيضاً، لا تملك روسيا للتصدير سوى السلاح، وقد باتت الدولة الثانية في العالم بعد أميركا في ذلك، وتريد التحكم بالنفط والغاز، بعد أن بات اقتصادها يعتمد عليهما. ولدى رأسمالييها تراكم مالي تحقق بعد نهب "أملاك الدولة"، والاستثمار في النفط والغاز والمضاربات، سيكون معنياً بالبحث عن أسواق سبقته إليها أميركا. وبالتالي، مصالح الرأسماليات متناقضة بشكل شديد، لأن الرأسماليات الأميركية والروسية تنشط في الحقول الاقتصادية ذاتها. وإذا كان يبدو لكل من الإدارات الأميركية والروسية أن الصين هي "المنافس الجدّي"، أو "الخطر المحتمل"، فإن مصالح الرأسماليات سوف تبقي الوضع في حالة توتر. والمشكلة أن أميركا لا تقبل هيمنة روسيا، وروسيا لا تستطيع التطور والاستقرار بدون هذه الهيمنة.