09 نوفمبر 2024
حكمتيار في كابول
هل بقي حبلٌ لم يرقص عليه قلب الدين (أو غلب الدين؟) حكمتيار؟ ولكن، لم لا، فجغرافيا أفغانستان، وموقعها في إقليم التحالفات المتقلبة، يتطلبّان من ثعالب الميدانيْن، العسكري والسياسي، في هذا البلد العويص التعقيدات، تنويعَ الحبال والرَّقصات معاً، بحسب كل مقتضىً وحال، أما عند النجاح أو الخسران، الفلاح أو الفشل، فلكل مقامٍ مقال، ولكل دفٍّ إيقاع. ليست عودة حكمتيار إلى كابول الأسبوع الماضي، بعد عشرين عاماً من غيابه عنها، هارباً أولاً، ثم مقيماً في إيران، وتالياً مختبئاً عند الحدود الجبلية مع باكستان، هي مناسبة السؤال، وإنما أنها عودةٌ مرفقةٌ بتعويم صاحبها وإعادة إنتاجه، بعد اتفاق سلامٍ أبرمته معه حكومة الرئيس أشرف غني، قبل شهور، ساعدت في الوصول إليه الولايات المتحدة التي أزالت اسم حكمتيار من قائمة خارجيّتها للإرهابيين، وهو الذي كان بحسبها "إرهابياً عالمياً".
وأن يصل قلب الدين حكمتيار (70 عاماً) إلى كابول في موكبٍ من مائة سيارة، وبحماية مشدّدة، وأن يستقبله الرئيس غني وسلفه حميد كرزاي، وأركانٌ في السلطة، فذلك من كثيرٍ يعني أن تعويلاً ثقيلاً يتم على هذا الزعيم الأفغاني، البشتونيّ قبلياً، وغير المعتدل سنيّاً، والذي تمّت الاستجابة لطلبه الإفراج عن عناصر من الحزب الإسلامي الذي يتزّعمه، والباقي على سلاحه الكثير. والتعويل المرجّح هو أن يساهم هذا الحزب، وزعيمه التاريخي، في جهود إنهاء "طالبان"، إن لم ترعوِ، وتستجيب لمبادراتٍ محتملةٍ باتجاه التسوية والمصالحة معها، عدا عن مساهمةٍ مأمولةٍ في الحدّ من حضورٍ إيرانيٍّ منظورٍ في البلاد.
يعود قلب الدين حكمتيار إلى عاصمة بلاده نظيفاً من سمعة الإرهاب التي أحرزها بعد مآثره غير القليلة غير المنسيّة، وكان منها ضرب كابول نفسها، وكيفما اتفق، وإحداث دمارٍ فيها، مع التسبب بقتل آلاف المدنيين فيها، في غضون حربٍ أهليةٍ طاحنةٍ عقب جلاء السوفييت، وانهيار نظام نجيب الله، بين العامين 1992 و1994، كانت مليشيات الحزب الإسلامي فاعلاً رئيسياً فيها، قبل أن تظهر حركة طالبان مؤثّرةً بقوةٍ في المشهد الميداني، ما اضطر حكمتيار إلى التفاهم مع خصميْه في تلك المواجهات، الطاجيكيي الأرومة والمغتاليْن لاحقاً، برهان الدين ربّاني وأحمد شاه مسعود، صار بموجبه رئيس وزراء، قبل أن يهرُب ثلاثتهم مع سيطرة "طالبان" على العاصمة. ثم يتفرّغ حكمتيار إلى تنويع تحالفاته وعلاقاته وشبكاته، ويجدّد خصوماتِه وحروبَه المسلحة، واشتباكاته الكلامية مع باكستان وإيران حسب المستجدّات والطوارئ، كان من أبرزها محاربته قوات الأميركان في أفغانستان، وهو الحليف الوثيق للولايات المتحدة إبّان "الجهاد" ضد الغزو السوفياتي بعد 1978، ولعلّ حزبه، المنشقّ أصلاً عن تجمّعٍ مبكّرٍ ضمّه مع ربّاني، كان الأكثر حظوةً من أميركا والسعودية في التسليح والتمويل في تلك السنوات.
شرّق حكمتيار وغرّب كثيراً ضد الأميركان والباكستانيين والإيرانيين، في السنوات العشرين الماضية، ومع "طالبان" التي تربّى كثيرون من شبّانها الأوائل في حواضن حزبه، قبل أن يتمرّدوا ويصيروا، بدعمٍ باكستانيّ غير سري، القوة الأهم في أفغانستان، ثم يسيطروا على البلاد والعباد، ويتحالف معهم حكمتيار بعض الوقت في محاربة الغازي الأميركي وقوات التحالف الغربي، وحسب مصادر على درجةٍ من المصداقية، تعاون حكمتيار مع أسامة بن لادن و"القاعدة" للغرض نفسه. ومع محاربته سلطة الرئيس كرزاي طويلاً، لم يحرّم على نفسه بعض التعاون مع "طالبان" التي يستبق وصولَه إلى كابول بخطبةٍ ضدها، لأنها "قاتلة الأبرياء" (!)، في مجمّع حكوميٍّ، وهو القادم ليكون رقماً سياسياً في معادلة الحكم في البلاد، فيقيم التسوية المأمولة مع الحركة المنبوذة، أو ينخرط في طورٍ جديد من فصول الحرب المستدامة ضدّها.
أُرجئت الانتخابات النيابية الأفغانية من أجل أن يتأهل حزب قلب الدين حكمتيار للتنافس فيها، أو على الأصح لنيْل حصةٍ مقرّرةٍ له فيها، ما يعني أن الرجل المعفوّ عنه حديثاً سيكون عنواناً ظاهراً في خريطة السلطة الهشّة في البلاد، ما ينبئ بأن مشهداً، غير مكتمل الملامح بعد، سيستجدّ في المتاهة الأفغانية. غير أن المحارب العتيق، والحليف طوراً لحكمتيار، والأزهري التعليم، عبد رب الرسول سياف (73 عاماً)، ينبئ بأن الأمور تسير إلى الأسوأ، ويَخشى أن يحصل لأفغانستان ما يحصل في سورية (!).
وأن يصل قلب الدين حكمتيار (70 عاماً) إلى كابول في موكبٍ من مائة سيارة، وبحماية مشدّدة، وأن يستقبله الرئيس غني وسلفه حميد كرزاي، وأركانٌ في السلطة، فذلك من كثيرٍ يعني أن تعويلاً ثقيلاً يتم على هذا الزعيم الأفغاني، البشتونيّ قبلياً، وغير المعتدل سنيّاً، والذي تمّت الاستجابة لطلبه الإفراج عن عناصر من الحزب الإسلامي الذي يتزّعمه، والباقي على سلاحه الكثير. والتعويل المرجّح هو أن يساهم هذا الحزب، وزعيمه التاريخي، في جهود إنهاء "طالبان"، إن لم ترعوِ، وتستجيب لمبادراتٍ محتملةٍ باتجاه التسوية والمصالحة معها، عدا عن مساهمةٍ مأمولةٍ في الحدّ من حضورٍ إيرانيٍّ منظورٍ في البلاد.
يعود قلب الدين حكمتيار إلى عاصمة بلاده نظيفاً من سمعة الإرهاب التي أحرزها بعد مآثره غير القليلة غير المنسيّة، وكان منها ضرب كابول نفسها، وكيفما اتفق، وإحداث دمارٍ فيها، مع التسبب بقتل آلاف المدنيين فيها، في غضون حربٍ أهليةٍ طاحنةٍ عقب جلاء السوفييت، وانهيار نظام نجيب الله، بين العامين 1992 و1994، كانت مليشيات الحزب الإسلامي فاعلاً رئيسياً فيها، قبل أن تظهر حركة طالبان مؤثّرةً بقوةٍ في المشهد الميداني، ما اضطر حكمتيار إلى التفاهم مع خصميْه في تلك المواجهات، الطاجيكيي الأرومة والمغتاليْن لاحقاً، برهان الدين ربّاني وأحمد شاه مسعود، صار بموجبه رئيس وزراء، قبل أن يهرُب ثلاثتهم مع سيطرة "طالبان" على العاصمة. ثم يتفرّغ حكمتيار إلى تنويع تحالفاته وعلاقاته وشبكاته، ويجدّد خصوماتِه وحروبَه المسلحة، واشتباكاته الكلامية مع باكستان وإيران حسب المستجدّات والطوارئ، كان من أبرزها محاربته قوات الأميركان في أفغانستان، وهو الحليف الوثيق للولايات المتحدة إبّان "الجهاد" ضد الغزو السوفياتي بعد 1978، ولعلّ حزبه، المنشقّ أصلاً عن تجمّعٍ مبكّرٍ ضمّه مع ربّاني، كان الأكثر حظوةً من أميركا والسعودية في التسليح والتمويل في تلك السنوات.
شرّق حكمتيار وغرّب كثيراً ضد الأميركان والباكستانيين والإيرانيين، في السنوات العشرين الماضية، ومع "طالبان" التي تربّى كثيرون من شبّانها الأوائل في حواضن حزبه، قبل أن يتمرّدوا ويصيروا، بدعمٍ باكستانيّ غير سري، القوة الأهم في أفغانستان، ثم يسيطروا على البلاد والعباد، ويتحالف معهم حكمتيار بعض الوقت في محاربة الغازي الأميركي وقوات التحالف الغربي، وحسب مصادر على درجةٍ من المصداقية، تعاون حكمتيار مع أسامة بن لادن و"القاعدة" للغرض نفسه. ومع محاربته سلطة الرئيس كرزاي طويلاً، لم يحرّم على نفسه بعض التعاون مع "طالبان" التي يستبق وصولَه إلى كابول بخطبةٍ ضدها، لأنها "قاتلة الأبرياء" (!)، في مجمّع حكوميٍّ، وهو القادم ليكون رقماً سياسياً في معادلة الحكم في البلاد، فيقيم التسوية المأمولة مع الحركة المنبوذة، أو ينخرط في طورٍ جديد من فصول الحرب المستدامة ضدّها.
أُرجئت الانتخابات النيابية الأفغانية من أجل أن يتأهل حزب قلب الدين حكمتيار للتنافس فيها، أو على الأصح لنيْل حصةٍ مقرّرةٍ له فيها، ما يعني أن الرجل المعفوّ عنه حديثاً سيكون عنواناً ظاهراً في خريطة السلطة الهشّة في البلاد، ما ينبئ بأن مشهداً، غير مكتمل الملامح بعد، سيستجدّ في المتاهة الأفغانية. غير أن المحارب العتيق، والحليف طوراً لحكمتيار، والأزهري التعليم، عبد رب الرسول سياف (73 عاماً)، ينبئ بأن الأمور تسير إلى الأسوأ، ويَخشى أن يحصل لأفغانستان ما يحصل في سورية (!).