27 سبتمبر 2018
النظم تحارب الأصولية؟
كل الضجة تقوم على محاربة "التطرّف" و"الأصولية"، والنظم هي التي تُعلي من هذا الشعار، حيث تجد أنها التي تواجه "التطرّف"، وهي تقيم حربها على الإرهاب، انطلاقاً من أنه يمثّل تطرّفاً في الدين وأصولية "مقيتة"، وأنه خطر على المجتمع، وهو "الآفة" التي تنتشر مخلِّفة الإرهاب. النظم هي مَنْ يقول ذلك، وتوجّه إعلامها المنضبط لكي يزيد من جرعة الهجوم على الإرهاب وداعميه، وعلى الأصولية والتطرّف، ولكي يدعو إلى "تحديث الإسلام" و"تطوير الدين".
تقوم النظم بذلك كله، في المشرق والمغرب، حيث باتت تعتبر أن الحرب على التطرّف هدفها الأول، وأن المعركة ضد الإرهاب هي "أم المعارك"، المعركة التي يجب حشد كل الشعب من أجلها، ليكون كل طرح مشكلاتٍ أخرى، مثل البطالة والجوع والفقر، تشويشاً من "عملاء"، ومتآمرين.
تُظهر هذه الصورة أن النظم هي في غاية الحداثة، والعلمانية والحرية والديمقراطية، وكل مستحضرات الغرب. وتريد النظم أن تقول ذلك، أو تريد أن تظهر كذلك. لكن، في الواقع، لا شيء من ذلك كله، على العكس، فمن "يحارب التطرّف" يعمّم أيديولوجية متطرّفة، ويؤسس كل الظروف التي تسمح بنشوء التطرف، وتستغل مخابراتها ذلك كله لتوجيه التطرّف والإرهاب، فبعد موجة التحرّر التي انكسرت سنة 1967 إثر هزيمة حزيران، وبعد الفورة النفطية، باتت الأصولية الدينية هي الأيديولوجية التي تعمّمها النظم، بعد أن اشتغلت بجدّ لتدمير التعليم، وأدت سياسة الخصخصة إلى رمي الجزء الأكبر من الشعب في البطالة والفقر، وأغرقته بـ "الوعي التقليدي". باتت مواجهة فكر التحرّر والعدالة تقتضي أن تعمّم النظم أيديولوجيةً أصولية، أيديولوجية تعمّم ما هو رجعي وقروسطي، وما يُغرق في ماضٍ جاهلي. يظهر ذلك في الخطاب العام لهذه النظم، وفي دور "المؤسسات الدينية"، وفي مناهج التعليم، والإعلام. وحتى بالسماح لمجموعات سلفية في ممارسة دورها.
بالتالي، الأيديولوجية الأصولية (المتطرّفة) هي أيديولوجية الدولة أصلاً، وهي أداتها في تشويه الوعي المجتمعي، وتفكيك البنى المجتمعية، وكذلك في تجهيل الشعب، فهي بذلك تستطيع أن تحكم كما تعتقد، وتستطيع أن تتلاعب بالشعوب كما تريد، وتلعب بـ "الإرهاب" كلما أرادت. وإذا كانت ترفض حكماً أصولياً إسلامياً نجدها تطبّق مثله، وربما أسوأ. حيث تحكم "بما ينافي الحياء العام"، و بـ "إهانة الذات الإلهية"، وبالفطور في رمضان، وتسمح للمجموعات السلفية بأن تفرض هيمنتها، وتطبّق شريعتها. إنها ترفض النظم الأصولية، لكنها تطبّق نظاماً أصولياً، ليبدو أن الخلاف مع الأصولية ليس على الأيديولوجية، حيث يظهر التوافق كبيراً هنا، بل على المصالح والامتيازات، فكلها أصولية، النظم والمجموعات، لكنها تختلف في المصالح والأدوار فقط، وهي مع التخلف وفرض قيم قروسطية، لكن كلاً منها يريد الهيمنة.
ليست الشعوب هي المتخلفة والمتطرّفة، بل النظم ومفرزاتها من مجموعات أصولية. ولا شك في أن النظم تريد الهيمنة الأيديولوجية عبر إسلام أصولي، كي تمنع تمرّد الشعوب التي تعاني من البطالة والفقر والتهميش، وهي تستغلّ وضع بعض هذه الشعوب، لممارسة القتل والتدمير، ومن ثم تقول إنها تحارب الإرهاب، لكي تغطي على المشكلات الحقيقية تلك.
إذن، التطرّف والإرهاب صناعة، وهي صناعةٌ تخدم هيمنة النظم، وتهدف إلى تحقيق استمراريتها لكي تمارس النهب والإفقار والتهميش. وبالتالي، لمواجهة أيديولوجية التطرّف التي تتمظهر في مجموعات مصنَّعة، لا بدّ من مواجهة النظم نفسها، وكشف لعبها بالدين، وميلها إلى تعميم الأصولية تحت مسمى "وعي الشعب"، هذا الشعب الذي يريد التحرّر والتطور، ويريد أصلاً القدرة على العيش، وهي المسائل التي تحرمه النظم منها، لكي تراكم الطبقة المسيطرة الثروة.
يقتضي ذلك كله تغيير نظام التعليم جذرياً، وتحييد المؤسسات الدينية، ومنع استخدام الدين في السياسة. ما يعني تغيير النظم نفسها لهذا السبب أيضاً، فالنظم ليست حديثة ولا علمانية كما تدّعي، ونحتاج إلى نظم علمانية ومدنية وديمقراطية.
تقوم النظم بذلك كله، في المشرق والمغرب، حيث باتت تعتبر أن الحرب على التطرّف هدفها الأول، وأن المعركة ضد الإرهاب هي "أم المعارك"، المعركة التي يجب حشد كل الشعب من أجلها، ليكون كل طرح مشكلاتٍ أخرى، مثل البطالة والجوع والفقر، تشويشاً من "عملاء"، ومتآمرين.
تُظهر هذه الصورة أن النظم هي في غاية الحداثة، والعلمانية والحرية والديمقراطية، وكل مستحضرات الغرب. وتريد النظم أن تقول ذلك، أو تريد أن تظهر كذلك. لكن، في الواقع، لا شيء من ذلك كله، على العكس، فمن "يحارب التطرّف" يعمّم أيديولوجية متطرّفة، ويؤسس كل الظروف التي تسمح بنشوء التطرف، وتستغل مخابراتها ذلك كله لتوجيه التطرّف والإرهاب، فبعد موجة التحرّر التي انكسرت سنة 1967 إثر هزيمة حزيران، وبعد الفورة النفطية، باتت الأصولية الدينية هي الأيديولوجية التي تعمّمها النظم، بعد أن اشتغلت بجدّ لتدمير التعليم، وأدت سياسة الخصخصة إلى رمي الجزء الأكبر من الشعب في البطالة والفقر، وأغرقته بـ "الوعي التقليدي". باتت مواجهة فكر التحرّر والعدالة تقتضي أن تعمّم النظم أيديولوجيةً أصولية، أيديولوجية تعمّم ما هو رجعي وقروسطي، وما يُغرق في ماضٍ جاهلي. يظهر ذلك في الخطاب العام لهذه النظم، وفي دور "المؤسسات الدينية"، وفي مناهج التعليم، والإعلام. وحتى بالسماح لمجموعات سلفية في ممارسة دورها.
بالتالي، الأيديولوجية الأصولية (المتطرّفة) هي أيديولوجية الدولة أصلاً، وهي أداتها في تشويه الوعي المجتمعي، وتفكيك البنى المجتمعية، وكذلك في تجهيل الشعب، فهي بذلك تستطيع أن تحكم كما تعتقد، وتستطيع أن تتلاعب بالشعوب كما تريد، وتلعب بـ "الإرهاب" كلما أرادت. وإذا كانت ترفض حكماً أصولياً إسلامياً نجدها تطبّق مثله، وربما أسوأ. حيث تحكم "بما ينافي الحياء العام"، و بـ "إهانة الذات الإلهية"، وبالفطور في رمضان، وتسمح للمجموعات السلفية بأن تفرض هيمنتها، وتطبّق شريعتها. إنها ترفض النظم الأصولية، لكنها تطبّق نظاماً أصولياً، ليبدو أن الخلاف مع الأصولية ليس على الأيديولوجية، حيث يظهر التوافق كبيراً هنا، بل على المصالح والامتيازات، فكلها أصولية، النظم والمجموعات، لكنها تختلف في المصالح والأدوار فقط، وهي مع التخلف وفرض قيم قروسطية، لكن كلاً منها يريد الهيمنة.
ليست الشعوب هي المتخلفة والمتطرّفة، بل النظم ومفرزاتها من مجموعات أصولية. ولا شك في أن النظم تريد الهيمنة الأيديولوجية عبر إسلام أصولي، كي تمنع تمرّد الشعوب التي تعاني من البطالة والفقر والتهميش، وهي تستغلّ وضع بعض هذه الشعوب، لممارسة القتل والتدمير، ومن ثم تقول إنها تحارب الإرهاب، لكي تغطي على المشكلات الحقيقية تلك.
إذن، التطرّف والإرهاب صناعة، وهي صناعةٌ تخدم هيمنة النظم، وتهدف إلى تحقيق استمراريتها لكي تمارس النهب والإفقار والتهميش. وبالتالي، لمواجهة أيديولوجية التطرّف التي تتمظهر في مجموعات مصنَّعة، لا بدّ من مواجهة النظم نفسها، وكشف لعبها بالدين، وميلها إلى تعميم الأصولية تحت مسمى "وعي الشعب"، هذا الشعب الذي يريد التحرّر والتطور، ويريد أصلاً القدرة على العيش، وهي المسائل التي تحرمه النظم منها، لكي تراكم الطبقة المسيطرة الثروة.
يقتضي ذلك كله تغيير نظام التعليم جذرياً، وتحييد المؤسسات الدينية، ومنع استخدام الدين في السياسة. ما يعني تغيير النظم نفسها لهذا السبب أيضاً، فالنظم ليست حديثة ولا علمانية كما تدّعي، ونحتاج إلى نظم علمانية ومدنية وديمقراطية.