09 نوفمبر 2024
للفلسطينيين مكتبة وطنية
بدئ العام الماضي في بناء مقرّ جديد لمكتبة إسرائيل الوطنية، قرب مبنى الكنيست، وجاء في الأخبار أن كلفته مائتا مليون دولار، وكانت هذه المكتبة قد أخذت اسمها هذا في العام 2008، بعد أسماء أخرى لها، منذ كانت نواتها في الجامعة العبرية في عشرينيات القرن الماضي. أما يوم 28 الشهر الماضي (أغسطس/ آب)، فأعلن الفلسطينيون عن مشروع إقامة المكتبة الوطنية الفلسطينية في مبنى في مشارف بلدة سردا قرب رام الله، كان مقرّرا تخصيصه قصرا لاستقبال ضيوف الرئاسة من زعماء العالم، بقرارٍ من الرئيس محمود عباس، أعطى للمكتبة صفةً اعتبارية مالية وإدارية، ولتكون مؤسسةً وطنية فلسطينية. والمشروع، كما شرح عنه وزير الثقافة الفلسطيني، إيهاب بسيسو، وكما أوجزت عنه تقارير صحافية، طموحٌ واستراتيجي، بأهدافه ومشروعاته، وبرؤيته الثقافية الوطنية، ذات البعد الكفاحي الخاص بالضرورة. وصدوراً عن هذا الاعتبار، يصير واجباً أخلاقياً أن يُساند هذا المشروع، وأن تُتابع مراحل تنفيذه المرتقبة باهتمامٍ خاص، وأن تأتلف مؤسساتٌ ومنظماتٌ وهيئاتٌ فلسطينية في الوطن والشتات من أجل نجاحه، ليتحقق ويصير واحدا من عناوين وحدة فلسطين، أرضاً وشعباً ونضالاً. والبديهي أن "المكتبة الوطنية الفلسطينية" أمرٌ لا يتعلق بسلطةٍ وطنية ولا بمنظمة التحرير ولا بفصيل أو حركة أو جبهة، وإنما بشعبٍ له تغريبته العظيمة، ودربه الطويل في مسار التحرّر والتحرير، وفي غضون مسيرته المعلومة الشواهد والوقائع والمحطات الكفاحية، أبدع كثيراً، وأنجز وفيراً من آداب ومعارف وعلوم وفنون وتراث.
يحسن التذكير بأن قرار إنشاء المكتبة يعود إلى العام 1996، باسم "دار الكتب الوطنية"، وتجدّد في العام 2015، ومن مهماتها أن تجمع التراث الإبداعي الفلسطيني وتحفظه، وأن تستردّ الإرث الثقافي الفلسطيني الذي نهبه المحتل الإسرائيلي، واستولى عليه في نكبة 1948 ونكسة 1967، وفي اجتياح بيروت في 1982، أمثلة. كما ستتولى المكتبة، في واحدٍ من طموحاتها المعلنة قبل أيام، إنشاء المكتبة الوطنية الرقمية الفلسطينية. ولأن لكل دولةٍ مكتبة وطنية، وإنْ بتسمياتٍ متنوعةٍ، فإن هذه المكتبات تحسب من عناوين كل دولةٍ ورمزيّاتها. وأن يصير للفلسطينيين مكتبتهم الوطنية فإن لرمزية هذا الأمر ومضمونه جوانبهما الوجدانية، غير أنه لا يحسن التوقف عند البعد المعنوي في هذا المعطى، بل الأكثر إلحاحاً أن تذهب الجهود إلى تدعيم الفكرة، والمضي بها إلى أن تصبح إنجازاً يُشار إليه شاهداً جديداً على قدرة الفلسطينيين على تنزيل شعاراتهم وآمالهم حقائق ماثلةً ووقائع حاضرة، و"إنجازاً ثقافياً سيادياً"، بحسب ما قالت وزارة الثقافة الفلسطينية، وليصير في الوسع أن تُخاض معركةٌ كبرى من أجل استرداد ما نهبته إسرائيل من الفلسطينيين، من ممتلكاتهم من موروثاتٍ ومكتباتٍ وألبوماتٍ وأوراق وصحف ووثائق ومخطوطات ومؤلفات وأفلام، كان من المفارقات أن صحيفة هآرتس العبرية نبشت، قبل سنوات، قضية هذه السرقات التي ارتكبها الاحتلال الإسرائيلي في نكبة 1948، ثم نبشت، في يوليو/ تموز الماضي، قضية سرقة إسرائيل، في غضون اجتياحها بيروت، محتويات مركز الأبحاث الفلسطيني التابع لمنظمة التحرير، وقصّة استرداد بعض هذه المحتويات طويلة، جاء عليها كاتب هذه السطور في مقالٍ سابق. ومن مفارقاتٍ في الموضوع أن وزارة الحرب الإسرائيلية تحتفظ بكثير من هذه المنهوبات التي لن يكون هيّناً على القائمين على مشروع المكتبة الوطنية الفلسطينية أن يستعيدوها، فالاستحواذ والسرقة من شمائل إسرائيل المشهودة، و"التنازل" عما تستولي عليه مكرمةٌ منها لا تستحسن الإتيان بها، ومعلومٌ أنها صنّفت مسروقاتٍ فلسطينية، من كتب وصحف وألبومات، "ممتلكاتٍ متروكة".
لم يوفر الوزير إيهاب بسيسو تفاصيل أوفى عن المشروع، وكلفته، وإن أفاد بأن استشاراتٍ قد تمت بخصوص مراحله، في ما يتصل بالمخططات الإنشائية والتصميمات والشؤون القانونية، غير أن الرهان يبقى قائماً من أجل أن يعرف هذا الطموح الفلسطيني الكبير سبيله إلى الإنجاز المشرّف، والذي لا بد يحتاج عوناً عربياً، ومواظبةً من الصحافة الثقافية العربية في تشجيعه وإسناده بما يلزم من متابعةٍ، ومن تعيين أوجه القصور والتباطؤ إن حضرت.
يحسن التذكير بأن قرار إنشاء المكتبة يعود إلى العام 1996، باسم "دار الكتب الوطنية"، وتجدّد في العام 2015، ومن مهماتها أن تجمع التراث الإبداعي الفلسطيني وتحفظه، وأن تستردّ الإرث الثقافي الفلسطيني الذي نهبه المحتل الإسرائيلي، واستولى عليه في نكبة 1948 ونكسة 1967، وفي اجتياح بيروت في 1982، أمثلة. كما ستتولى المكتبة، في واحدٍ من طموحاتها المعلنة قبل أيام، إنشاء المكتبة الوطنية الرقمية الفلسطينية. ولأن لكل دولةٍ مكتبة وطنية، وإنْ بتسمياتٍ متنوعةٍ، فإن هذه المكتبات تحسب من عناوين كل دولةٍ ورمزيّاتها. وأن يصير للفلسطينيين مكتبتهم الوطنية فإن لرمزية هذا الأمر ومضمونه جوانبهما الوجدانية، غير أنه لا يحسن التوقف عند البعد المعنوي في هذا المعطى، بل الأكثر إلحاحاً أن تذهب الجهود إلى تدعيم الفكرة، والمضي بها إلى أن تصبح إنجازاً يُشار إليه شاهداً جديداً على قدرة الفلسطينيين على تنزيل شعاراتهم وآمالهم حقائق ماثلةً ووقائع حاضرة، و"إنجازاً ثقافياً سيادياً"، بحسب ما قالت وزارة الثقافة الفلسطينية، وليصير في الوسع أن تُخاض معركةٌ كبرى من أجل استرداد ما نهبته إسرائيل من الفلسطينيين، من ممتلكاتهم من موروثاتٍ ومكتباتٍ وألبوماتٍ وأوراق وصحف ووثائق ومخطوطات ومؤلفات وأفلام، كان من المفارقات أن صحيفة هآرتس العبرية نبشت، قبل سنوات، قضية هذه السرقات التي ارتكبها الاحتلال الإسرائيلي في نكبة 1948، ثم نبشت، في يوليو/ تموز الماضي، قضية سرقة إسرائيل، في غضون اجتياحها بيروت، محتويات مركز الأبحاث الفلسطيني التابع لمنظمة التحرير، وقصّة استرداد بعض هذه المحتويات طويلة، جاء عليها كاتب هذه السطور في مقالٍ سابق. ومن مفارقاتٍ في الموضوع أن وزارة الحرب الإسرائيلية تحتفظ بكثير من هذه المنهوبات التي لن يكون هيّناً على القائمين على مشروع المكتبة الوطنية الفلسطينية أن يستعيدوها، فالاستحواذ والسرقة من شمائل إسرائيل المشهودة، و"التنازل" عما تستولي عليه مكرمةٌ منها لا تستحسن الإتيان بها، ومعلومٌ أنها صنّفت مسروقاتٍ فلسطينية، من كتب وصحف وألبومات، "ممتلكاتٍ متروكة".
لم يوفر الوزير إيهاب بسيسو تفاصيل أوفى عن المشروع، وكلفته، وإن أفاد بأن استشاراتٍ قد تمت بخصوص مراحله، في ما يتصل بالمخططات الإنشائية والتصميمات والشؤون القانونية، غير أن الرهان يبقى قائماً من أجل أن يعرف هذا الطموح الفلسطيني الكبير سبيله إلى الإنجاز المشرّف، والذي لا بد يحتاج عوناً عربياً، ومواظبةً من الصحافة الثقافية العربية في تشجيعه وإسناده بما يلزم من متابعةٍ، ومن تعيين أوجه القصور والتباطؤ إن حضرت.