05 نوفمبر 2024
هل يمكن اجتثاث التدخل الإيراني في سورية؟
يبدو أن نظام الملالي الإيراني بات، في أيامنا هذه، في وضع لا يحسد عليه، وأقل ما يمكن وصفه أنه وضع حرج، خصوصا بعد حديث الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، عن ضرورة انسحاب كل القوات والمليشيات الأجنبية من سورية، خلال استدعائه بشار الأسد إلى سوتشي، وإبلاغه أوامر بضرورة النأي بنفسه عن النظام الإيراني، وعدم القيام بأي رد فعل حيال الضربات الإسرائيلية لمواقع الحرس الثوري والمليشيات الإيرانية في الأراضي السورية. والأهم هو تزامن أو تناغم حديث بوتين مع انسحاب إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب من الاتفاق النووي، وإعلان وزير الخارجية الأميركي، مايك بومبيو، تفاصيل الاستراتيجية الأميركية لمرحلة ما بعد هذا الانسحاب، والتي تضمنت 12 بنداً، ثلاثة منها تتعلق بالبرنامج النووي الإيراني، والباقية تتعلق بالنفوذ الإيراني في المنطقة، مع التلويح بتطبيق أقسى عقوبات في التاريخ على نظام الملالي في طهران.
ويظهر مما أعلنه بومبيو أن خطة تعامل الإدارة الأميركية الحالية مع إيران ستتمحور على ثلاثة مجالات، تبدأ بمجال اقتصادي من خلال فرض عقوبات اقتصادية ستلقي ظلالها الثقيلة على الاقتصاد الإيراني المتهالك وقطاع المال فيه، مع التهديد بأنها ستكون العقوبات الأقسى في التاريخ، ومستوى دبلوماسي سياسي، يعتمد على دفع حلفاء الولايات المتحدة وأصدقائها على التعاون من أجل الحدّ من تدخلات نظام الملالي الإيراني في المنطقة، والمطالبة بسحب قواته ومليشياته من سورية، والمستوى الثالث ينهض على الوقوف إلى جانب الشعب الإيراني وحراكه الاحتجاجي ضد ممارسات نظام الملالي وسياساته.
غير أن صيغة المطالب الأميركية من طهران جاءت على شكل اشتراطات وتهديدات، مثل
الانسحاب من سورية ووقف دعم حزب الله اللبناني، وعدم التدخل في شؤون العراق واليمن، والامتناع عن تهديد إسرائيل والسعودية، ووقف عمليات تخصيب اليورانيوم نهائياً، وإلغاء برامج تطوير الصواريخ البالستية، بما يفضي إلى إنهاء التدخلات الإقليمية التي اعتاش عليها نظام الملالي، ما يعني ببساطة إنهاء هذا النظام برمته.
وليست مصادفة أن يلتقي تقاطع المصالح ما بين روسيا والولايات المتحدة الأميركية وإسرائيل على انسحاب قوات نظام الملالي ومليشياته الطائفية والمتعدّدة الجنسيات من سورية، على الرغم من أن لكل طرف أجندته ودوافعه الخاصة المرتبطة بمصالحه، إذ تريد روسيا أن تكون القوة الوحيدة في سورية، ولا تريد لإيران أن تشكل منافساً حقيقياً لها على الأرض، وفي أي تسوية مقبلة، فيما تسعى الولايات المتحدة إلى الحدّ من النفوذ الإيراني في المنطقة ضمن مساعيها الضاغطة على نظام الملالي، بعد الانسحاب من الاتفاق النووي. أما إسرائيل، بوصفها مشروعاً احتلالياً استيطانياً، فلا تريد للمشروع الإيراني التوسعي أن يكون منافساً لها، ولذلك تعتبر تغلغل مليشيات نظام الملالي في سورية خطراً يهدّد أمنها، ووجهت ضربات عسكرية موجعة لمواقعه وقواعده فيها من دون أي رد فعل من منظومات الصواريخ الروسية، الأمر الذي يطرح أسئلة بشأن ما يقال من تحالف وتفاهم روسي إيراني في سورية، إذ يفسر الصمت الروسي رغبة موسكو في التخلص من التغلغل الإيراني، أو على الأقل تحجيمه، ويدخل ضمن تفاهماتٍ روسية أميركية إسرائيلية بشأن الوضع السوري.
غير أن واقع الحال يكشف أن التغلغل الإيراني في المنطقة العربية كان يتم تحت مرأى ساسة الولايات المتحدة الأميركية، بل وأحياناً بتسهيل منهم، خصوصاً بعد الغزو الأميركي للعراق عام 2003 والسياسات الهوجاء لإدارة الرئيس الأميركي الأسبق جورج بوش الابن، حتى أن الفترة الذهبية للتغلغل الإيراني تمتّ برعاية إدارة الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما، الذي لم يكن يكترث مطلقاً لهذا التغلغل وازدياد نفوذه في كل دول المنطقة، وليس في سورية والعراق ولبنان واليمن فقط، بل وصمت أوباما عما جرى في سورية أكثر من سبع سنوات، خاض خلالها نظام الملالي معركة الدفاع عن نظام الأسد الإجرامي ضد غالبية السوريين وثورتهم. ولذلك فإن السؤال الذي يطرح، في هذا السياق، هو كيف يمكن أن يتحقق انسحاب نظام الملالي من سورية، خصوصاً بعدما تغلغل فيها إلى مختلف مفاصل النظام والمجتمع، وصرف كثيراً من المال والرجال فيها، وبات بحاجة إلى عملية اجتثاث واسعة؟
وبشأن الوضع في سورية، فإنه خلال سنوات التدخل العسكري المباشر لنظام الملالي دفاعاً عن نظام الأسد، تغلغلت أذرع إيران الأخطبوطية في مختلف مفاصل هذا النظام، وفي المجتمع
السوري أيضاً، حيث زجت إيران بضباط وخبراء من الجيش الإيراني ومن الحرس الثوري، وخصوصاً فيلق القدس، إلى درجة بات معها قائد هذا الفيلق، قاسم سليماني، يظهر في معظم المعارك التي شنها تحالف نظام الملالي جنباً إلى جنب مع مليشيات النظام الأسدي والنظام الروسي الذي زجّ ضباطه ومستشاريه العسكريين، مع دكّ مقاتلاته الحربية وقاذفاته وصواريخه الاستراتيجية أماكن فصائل المعارضة السورية، وقصف مختلف مرافق البنى التحتية للمناطق التي كانت تحت سيطرتها.
وتفيد تقارير موثوقة بأن عدد مرتزقة نظام الملالي ومليشياته المتعدّدة الجنسيات بلغ أكثر من سبعين ألفاً، فضلاً عن مليشيات حزب الله اللبناني. ولعل الأخطر في تغلغل نظام الملالي هو عمليات شراء الأراضي والمساكن في العاصمة دمشق، وسواها من المدن والبلدات السورية التي يقوم بها تجار إيرانيون، إلى جانب منح النظام هويات سورية لبعض أفراد وعائلات المليشيات وإسكانهم محل السوريين المهجرين قسرياً، وخصوصاً في المعضمية وداريا والزبداني وسواها، إلى جانب عمليات التشيع وبناء الحوزات والحسينيات في معظم المدن والبلدات السورية، فضلاً عن تغلغل نظام الملالي في أجهزة الاستخبارات السورية ووحدات جيش النظام، ما يعني أن تغلغل نظام الملالي كان يتمّ ضمن مشروع توسعي استيطاني، له وجوده متعددة، وبحاجة إلى عمليات اجتثاث واسعة. والسؤال هو كيف يمكن اجتثاث هذا التغلغل؟
ويظهر مما أعلنه بومبيو أن خطة تعامل الإدارة الأميركية الحالية مع إيران ستتمحور على ثلاثة مجالات، تبدأ بمجال اقتصادي من خلال فرض عقوبات اقتصادية ستلقي ظلالها الثقيلة على الاقتصاد الإيراني المتهالك وقطاع المال فيه، مع التهديد بأنها ستكون العقوبات الأقسى في التاريخ، ومستوى دبلوماسي سياسي، يعتمد على دفع حلفاء الولايات المتحدة وأصدقائها على التعاون من أجل الحدّ من تدخلات نظام الملالي الإيراني في المنطقة، والمطالبة بسحب قواته ومليشياته من سورية، والمستوى الثالث ينهض على الوقوف إلى جانب الشعب الإيراني وحراكه الاحتجاجي ضد ممارسات نظام الملالي وسياساته.
غير أن صيغة المطالب الأميركية من طهران جاءت على شكل اشتراطات وتهديدات، مثل
وليست مصادفة أن يلتقي تقاطع المصالح ما بين روسيا والولايات المتحدة الأميركية وإسرائيل على انسحاب قوات نظام الملالي ومليشياته الطائفية والمتعدّدة الجنسيات من سورية، على الرغم من أن لكل طرف أجندته ودوافعه الخاصة المرتبطة بمصالحه، إذ تريد روسيا أن تكون القوة الوحيدة في سورية، ولا تريد لإيران أن تشكل منافساً حقيقياً لها على الأرض، وفي أي تسوية مقبلة، فيما تسعى الولايات المتحدة إلى الحدّ من النفوذ الإيراني في المنطقة ضمن مساعيها الضاغطة على نظام الملالي، بعد الانسحاب من الاتفاق النووي. أما إسرائيل، بوصفها مشروعاً احتلالياً استيطانياً، فلا تريد للمشروع الإيراني التوسعي أن يكون منافساً لها، ولذلك تعتبر تغلغل مليشيات نظام الملالي في سورية خطراً يهدّد أمنها، ووجهت ضربات عسكرية موجعة لمواقعه وقواعده فيها من دون أي رد فعل من منظومات الصواريخ الروسية، الأمر الذي يطرح أسئلة بشأن ما يقال من تحالف وتفاهم روسي إيراني في سورية، إذ يفسر الصمت الروسي رغبة موسكو في التخلص من التغلغل الإيراني، أو على الأقل تحجيمه، ويدخل ضمن تفاهماتٍ روسية أميركية إسرائيلية بشأن الوضع السوري.
غير أن واقع الحال يكشف أن التغلغل الإيراني في المنطقة العربية كان يتم تحت مرأى ساسة الولايات المتحدة الأميركية، بل وأحياناً بتسهيل منهم، خصوصاً بعد الغزو الأميركي للعراق عام 2003 والسياسات الهوجاء لإدارة الرئيس الأميركي الأسبق جورج بوش الابن، حتى أن الفترة الذهبية للتغلغل الإيراني تمتّ برعاية إدارة الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما، الذي لم يكن يكترث مطلقاً لهذا التغلغل وازدياد نفوذه في كل دول المنطقة، وليس في سورية والعراق ولبنان واليمن فقط، بل وصمت أوباما عما جرى في سورية أكثر من سبع سنوات، خاض خلالها نظام الملالي معركة الدفاع عن نظام الأسد الإجرامي ضد غالبية السوريين وثورتهم. ولذلك فإن السؤال الذي يطرح، في هذا السياق، هو كيف يمكن أن يتحقق انسحاب نظام الملالي من سورية، خصوصاً بعدما تغلغل فيها إلى مختلف مفاصل النظام والمجتمع، وصرف كثيراً من المال والرجال فيها، وبات بحاجة إلى عملية اجتثاث واسعة؟
وبشأن الوضع في سورية، فإنه خلال سنوات التدخل العسكري المباشر لنظام الملالي دفاعاً عن نظام الأسد، تغلغلت أذرع إيران الأخطبوطية في مختلف مفاصل هذا النظام، وفي المجتمع
وتفيد تقارير موثوقة بأن عدد مرتزقة نظام الملالي ومليشياته المتعدّدة الجنسيات بلغ أكثر من سبعين ألفاً، فضلاً عن مليشيات حزب الله اللبناني. ولعل الأخطر في تغلغل نظام الملالي هو عمليات شراء الأراضي والمساكن في العاصمة دمشق، وسواها من المدن والبلدات السورية التي يقوم بها تجار إيرانيون، إلى جانب منح النظام هويات سورية لبعض أفراد وعائلات المليشيات وإسكانهم محل السوريين المهجرين قسرياً، وخصوصاً في المعضمية وداريا والزبداني وسواها، إلى جانب عمليات التشيع وبناء الحوزات والحسينيات في معظم المدن والبلدات السورية، فضلاً عن تغلغل نظام الملالي في أجهزة الاستخبارات السورية ووحدات جيش النظام، ما يعني أن تغلغل نظام الملالي كان يتمّ ضمن مشروع توسعي استيطاني، له وجوده متعددة، وبحاجة إلى عمليات اجتثاث واسعة. والسؤال هو كيف يمكن اجتثاث هذا التغلغل؟