03 نوفمبر 2024
السبسي من الحيرة إلى الغضب
ينتظر الجميع في تونس ما سيفعله رئيس الدولة، الباجي السبسي، قريبا، وذلك في وقت ضاقت به الحيل، وكلما أعاد خلط الأوراق جاءت الحصيلة مخالفةً توقعاته وأمانيه، وهو ما جعله سريع الغضب.
آخر علامات الغضب عندما جمع مستشاريه، وتوجه إليهم بالقول "من يريد مغادرة القصر يمكنه أن يفعل ذلك". يعود السبب، حسبما قيل، إلى العلاقات الجيدة التي تربط بعض مستشاريه برئيس الحكومة، يوسف الشاهد. وبقدر ما كانت هذه العلاقة مفيدةً في مرحلة الانسجام بين قرطاج والقصبة بقدر ما أصبحت اليوم مثيرةً للشبهة، وقد يفسّرها بعضهم بنوع من "التآمر" على رئيس الدولة، أي أن السحر بدأ ينقلب على الساحر.
الأزمة قائمة ومستمرة ومستفحلة. والبحث جار عمن سيدفع الفاتورة بمفرده، أو بمعية من يسندونه.
طلب السبسي من رئيس الحكومة أن يستقيل، لكن الأخير رفض، من دون أن يعلن عن ذلك صراحة. ويعود الرفض إلى اعتبارات عديدة، منها اعتقاده أن رئيس الدولة يريد أن يحمّله أزمة الحكم التي هي مسؤولية جماعية، وليست مسؤوليته وحده. بل يرى الشاهد أنه يتقدّم في معالجة المشكلة الاقتصادية، ويواجه الفساد، في حين أن آخرين، ومنهم نجل الرئيس "يفرّغون" حزب نداء تونس (الحاكم) من كوادره، ويحاربون رئيس الحكومة من دون هوادة، ويعمّقون الفراغ حول رئيس الدولة.
عامل آخر قد يكون وراء رفض الشاهد الاستقالة، هو طموحه الشخصي نحو الترشّح للانتخابات الرئاسية المقبلة، حيث بدأت تغريه النسب العالية التي يحصل عليها في استطلاعات الرأي الخاصة بالسياسيين، فهو ضمن الخمسة الأوائل من الذين يحظون بثقة التونسيين، على الرغم من الانتقادات الشديدة الموجهة إلى الحكومة.
عندما يتمرّد الشاهد على رئيس الدولة، ويرفض الاستقالة، يضع الرئيس في مأزق متعدد الأبعاد، فالسبسي يخشى التوجه إلى البرلمان، ليطلب سحب الثقة من رئيس الحكومة، وهو يعلم أن حركة النهضة ضده، كما أن جزءا من كتلة حزب نداء تونس ليس مضمونا، لأنه خرج عن طوع نجله، المدير التنفيذي للحزب، وانقلب عليه.
لم يعد السبسي يطمئن لرجال ونساء عديدين محيطين به، والمعلوم أن من أخطر المراحل التي يمر بها رجل الدولة في أي بلد، هي عندما يتسرّب الشك لديه في المحيطين به، أو في معظمهم. ويبدو أن الرئيس التونسي بدأ يعيش هذه المرحلة الحسّاسة والخطيرة.
في هذا السياق، عاد السبسي إلى دفاتره القديمة، وأخذ يستعين بمن بقوا مخلصين له، حتى ولو ظلمهم في لحظةٍ من لحظات إدارته السلطة. ومن هؤلاء رئيس الحكومة السابق، الحبيب الصيد، الذي عينه أخيرا مستشارا له في رئاسة الجمهورية. هذا الرجل المعروف بنظافته وإخلاصه للدولة، واحترامه سي الباجي، على الرغم من أنه ذهب ضحية الرئيس، لأسباب متعددة، من أهمها رفضه الاستجابة لرغبات كثيرة لنجل الرئيس.
تساءل كثيرون عن الخلفيات السياسية لهذا التعيين، لكن الأقرب إلى الواقع أن الدافع الرئيسي لذلك حاجة السبسي لرجال يثق بهم خلال هذه اللحظات الحرجة التي اختلط فيها الحابل بالنابل، وبدا المركب يغرق بمن فيه.
وعاد شخص آخر من بعيد إلى أحضان حزب نداء تونس الذي استنزفته الشقوق، ومزقته الأهواء والطموحات الفردية. هذا الذي فاجأ الجميع بعودته هو رضا بالحاج، المدير السابق لديوان رئيس الجمهورية، وهو الذي دخل في صراع مع السبسي الابن، ووقف ضد ما كان يصفه بتدخل العائلة في الشأن العام، من أجل تمرير مشروع توريث الحكم، وسبق له أن انشق وأسس حزبا، لكنه أعاد خلط الأوراق، ليجد نفسه يلعب دور المساند الأول لنجل الرئيس، في محاولةٍ لإنقاذ حزبٍ يعاني من الشيخوخة المبكرة، بحجة قطع الطريق أمام حركة النهضة.
أصبح المشهد التونسي مثل كيس الساحر، في كل مرة يفاجأ جمهوره بشيء غير متوقع، ثم يعيده إلى مخبئه، ليخرج شيئا قديما بعد تغيير شكله. المهم أن تستمر اللعبة، ولا ينفضّ الجمهور من حوله، لكن المؤكد أن العرض لن يستمر طويلا، حيث اقتربت ساعة النهاية ليحلّ مشهد جديد.
آخر علامات الغضب عندما جمع مستشاريه، وتوجه إليهم بالقول "من يريد مغادرة القصر يمكنه أن يفعل ذلك". يعود السبب، حسبما قيل، إلى العلاقات الجيدة التي تربط بعض مستشاريه برئيس الحكومة، يوسف الشاهد. وبقدر ما كانت هذه العلاقة مفيدةً في مرحلة الانسجام بين قرطاج والقصبة بقدر ما أصبحت اليوم مثيرةً للشبهة، وقد يفسّرها بعضهم بنوع من "التآمر" على رئيس الدولة، أي أن السحر بدأ ينقلب على الساحر.
الأزمة قائمة ومستمرة ومستفحلة. والبحث جار عمن سيدفع الفاتورة بمفرده، أو بمعية من يسندونه.
طلب السبسي من رئيس الحكومة أن يستقيل، لكن الأخير رفض، من دون أن يعلن عن ذلك صراحة. ويعود الرفض إلى اعتبارات عديدة، منها اعتقاده أن رئيس الدولة يريد أن يحمّله أزمة الحكم التي هي مسؤولية جماعية، وليست مسؤوليته وحده. بل يرى الشاهد أنه يتقدّم في معالجة المشكلة الاقتصادية، ويواجه الفساد، في حين أن آخرين، ومنهم نجل الرئيس "يفرّغون" حزب نداء تونس (الحاكم) من كوادره، ويحاربون رئيس الحكومة من دون هوادة، ويعمّقون الفراغ حول رئيس الدولة.
عامل آخر قد يكون وراء رفض الشاهد الاستقالة، هو طموحه الشخصي نحو الترشّح للانتخابات الرئاسية المقبلة، حيث بدأت تغريه النسب العالية التي يحصل عليها في استطلاعات الرأي الخاصة بالسياسيين، فهو ضمن الخمسة الأوائل من الذين يحظون بثقة التونسيين، على الرغم من الانتقادات الشديدة الموجهة إلى الحكومة.
عندما يتمرّد الشاهد على رئيس الدولة، ويرفض الاستقالة، يضع الرئيس في مأزق متعدد الأبعاد، فالسبسي يخشى التوجه إلى البرلمان، ليطلب سحب الثقة من رئيس الحكومة، وهو يعلم أن حركة النهضة ضده، كما أن جزءا من كتلة حزب نداء تونس ليس مضمونا، لأنه خرج عن طوع نجله، المدير التنفيذي للحزب، وانقلب عليه.
لم يعد السبسي يطمئن لرجال ونساء عديدين محيطين به، والمعلوم أن من أخطر المراحل التي يمر بها رجل الدولة في أي بلد، هي عندما يتسرّب الشك لديه في المحيطين به، أو في معظمهم. ويبدو أن الرئيس التونسي بدأ يعيش هذه المرحلة الحسّاسة والخطيرة.
في هذا السياق، عاد السبسي إلى دفاتره القديمة، وأخذ يستعين بمن بقوا مخلصين له، حتى ولو ظلمهم في لحظةٍ من لحظات إدارته السلطة. ومن هؤلاء رئيس الحكومة السابق، الحبيب الصيد، الذي عينه أخيرا مستشارا له في رئاسة الجمهورية. هذا الرجل المعروف بنظافته وإخلاصه للدولة، واحترامه سي الباجي، على الرغم من أنه ذهب ضحية الرئيس، لأسباب متعددة، من أهمها رفضه الاستجابة لرغبات كثيرة لنجل الرئيس.
تساءل كثيرون عن الخلفيات السياسية لهذا التعيين، لكن الأقرب إلى الواقع أن الدافع الرئيسي لذلك حاجة السبسي لرجال يثق بهم خلال هذه اللحظات الحرجة التي اختلط فيها الحابل بالنابل، وبدا المركب يغرق بمن فيه.
وعاد شخص آخر من بعيد إلى أحضان حزب نداء تونس الذي استنزفته الشقوق، ومزقته الأهواء والطموحات الفردية. هذا الذي فاجأ الجميع بعودته هو رضا بالحاج، المدير السابق لديوان رئيس الجمهورية، وهو الذي دخل في صراع مع السبسي الابن، ووقف ضد ما كان يصفه بتدخل العائلة في الشأن العام، من أجل تمرير مشروع توريث الحكم، وسبق له أن انشق وأسس حزبا، لكنه أعاد خلط الأوراق، ليجد نفسه يلعب دور المساند الأول لنجل الرئيس، في محاولةٍ لإنقاذ حزبٍ يعاني من الشيخوخة المبكرة، بحجة قطع الطريق أمام حركة النهضة.
أصبح المشهد التونسي مثل كيس الساحر، في كل مرة يفاجأ جمهوره بشيء غير متوقع، ثم يعيده إلى مخبئه، ليخرج شيئا قديما بعد تغيير شكله. المهم أن تستمر اللعبة، ولا ينفضّ الجمهور من حوله، لكن المؤكد أن العرض لن يستمر طويلا، حيث اقتربت ساعة النهاية ليحلّ مشهد جديد.