19 أكتوبر 2024
لبنان.. التدجين أو الحرية
علّمنا لبنان أن التدجين ليس في حاجةٍ إلى جمهوريةٍ أو مملكةٍ أو حكم فيدرالي أو حكم مركزي، بل يكفي أن تحكم مجموعة من رجال الأعمال ورجال الدين وأمراء الحرب لإخضاع الناس وتدجينهم في قالب محدّد وموجّه. لا أحد في لبنان يمكنه الحصول على الحقيقة في أي ملف، سواء الطبابة أو التعليم أو الكهرباء أو الاقتصاد. كل ما يحصل هو بروز "حقيقتين" يتناوشهما الجمهور أو الجماهير اللبنانية، على ألا تكون هاتان "الحقيقتان" حقيقة أصلية. في لبنان، يمكن أن تجد "مثقفين"، أو مدّعي الثقافة، وبينهم محامون ومهندسون وأطباء، يستخدمون "تويتر"، فيتحولون إلى أرقام في جيش إلكتروني تابع لحزب أو زعيم، بما يعني قتل شخصيتهم، وتماهيها معهم. في الواقع، لبنان بلد "الآلات البشرية" التي تعتقد أن زعيمها محقٌّ في كل ما يقول، وأن الباقين كذابون. حسناً، الجميع كذّابون وزعيمكم أيضاً.
بات اللبنانيون مدجنين بشكل كبير، وهو تدجينٌ يسبق مرحلة الموت النهائي. وكعادة الكرة الأرضية وأدبيات التاريخ وجوهر العلم، كل نهاية بداية لشيء ما. لا يريد الحزبيون والموالون لزعيم أو حزب، ولا الذين استفادوا من قربهم من طبقةٍ سياسية للحصول على وظيفةٍ في الدولة، الخروج ممن دجّنهم، فهناك "الأمان" والخارج عنه "خوف". لا يريد هؤلاء الخوف من تلوث البحر. نعم، البحر اللبناني الذي كان من أبرز سمات البلاد تاريخياً، حتى أن حضارة نمت على شطآنه (الفينيقية)، بات أكبر حاضن للبيئة الملوثة وللبكتيريا، ولا يُمكن أن تأكل سمكه، ولا أن تسبح فيه. عملياً، بات لبنان بلداً منعزلاً عن البحر. لكن لا يهمّ "فزعيمي محق وزعيمك مخطئ".
إلى أين سيصل لبنان؟ أعتقد أن بلاداً بلغت نسبة البطالة فيها 36%، وأن 660 ألف شخص من القوى العاملة من دون عمل، ستُصبح ساحةً للاقتتال والجرائم الفردية، ولمَ لا مدخلاً للحرب الأهلية بنسخةٍ متجدّدة. ستسمعون الكثير عن لبنان بوجهه الأسود في المستقبل القريب. تكفيكم متابعة ما حدث في أثناء كأس العالم لكرة القدم من خلافات وإشكالات بين الشباب، بسبب منتخبات كروية. خلافات أدت إلى مقتل شخص وجرح عشرات. نعم، يا سادة، لم يعد لبنان وجهاً جميلاً ينام في حضنه من يحلم بالأمان، بل أصبح وطناً ننجو من الموت فيه كل يوم، استعداداً للنجاة في اليوم التالي.
هل تعتقدون أن من يمسّ السلطة، سواء الدولة أو حزب الله، قادر على معالجة ملف اقتصادي واحد؟ طبعاً لا. فباسم المحسوبية والطائفية والمناطقية والتبعية والمذهبية، بات لبنان وكراً لكل أنواع الموبقات، خصوصاً الموبقات الاجتماعية والاقتصادية. هل تعتقدون أن الدولة وحزب الله، يهمهما أن تتحسّن الحياة في لبنان بشكل عام؟ بالطبع لا، فإذا تحسّن الوضع، لن يبقى أحد تابعاً لهما، ولن يبقى من يؤيدهما، وستنحو الناس أكثر نحو تأمين مستقبلها اقتصادياً، والسعي نحو رفاهيتها. والرفاهية، يا سادة، ممنوعة في لبنان، كي لا ينقلب الشعب على السلطة وأحزابها.
يبدو من سير الأمور أن هناك مسعًى إلى تدجين كل من لم يُدجّن في لبنان، وتسخيره ليصبح رقماً في عدّاد شعبية حزب أو زعيم. يبدو من سير الأمور أننا مدعوون جميعاً لنكون خرفاناً في قطعان، تقول "نعم" لزعيمها، ولا تعلم معنى "لا". يبدو من سير الأمور في وطن الأرز أن هناك من يسعى إلى استغلالنا في عبودية متكرّرة باسم الحرية، كي لا ننتفض. حسناً تقريباً نصف الشعب اللبناني بات مدجّناً، ويبقى النصف الآخر. الخيارات محدودة أمامنا، التدجين أو الحرية. وبلاد نادت بالحرية طوال تاريخيْها، القديم والحديث، لا يمكنها أن تتحوّل موئلاً للعبودية مهما حصل. مرّ غزاة كثيرون على لبنان، ومنهم حكامه. وكما رحل الغزاة، على الحكام أن يرحلوا يوماً ما.
بات اللبنانيون مدجنين بشكل كبير، وهو تدجينٌ يسبق مرحلة الموت النهائي. وكعادة الكرة الأرضية وأدبيات التاريخ وجوهر العلم، كل نهاية بداية لشيء ما. لا يريد الحزبيون والموالون لزعيم أو حزب، ولا الذين استفادوا من قربهم من طبقةٍ سياسية للحصول على وظيفةٍ في الدولة، الخروج ممن دجّنهم، فهناك "الأمان" والخارج عنه "خوف". لا يريد هؤلاء الخوف من تلوث البحر. نعم، البحر اللبناني الذي كان من أبرز سمات البلاد تاريخياً، حتى أن حضارة نمت على شطآنه (الفينيقية)، بات أكبر حاضن للبيئة الملوثة وللبكتيريا، ولا يُمكن أن تأكل سمكه، ولا أن تسبح فيه. عملياً، بات لبنان بلداً منعزلاً عن البحر. لكن لا يهمّ "فزعيمي محق وزعيمك مخطئ".
إلى أين سيصل لبنان؟ أعتقد أن بلاداً بلغت نسبة البطالة فيها 36%، وأن 660 ألف شخص من القوى العاملة من دون عمل، ستُصبح ساحةً للاقتتال والجرائم الفردية، ولمَ لا مدخلاً للحرب الأهلية بنسخةٍ متجدّدة. ستسمعون الكثير عن لبنان بوجهه الأسود في المستقبل القريب. تكفيكم متابعة ما حدث في أثناء كأس العالم لكرة القدم من خلافات وإشكالات بين الشباب، بسبب منتخبات كروية. خلافات أدت إلى مقتل شخص وجرح عشرات. نعم، يا سادة، لم يعد لبنان وجهاً جميلاً ينام في حضنه من يحلم بالأمان، بل أصبح وطناً ننجو من الموت فيه كل يوم، استعداداً للنجاة في اليوم التالي.
هل تعتقدون أن من يمسّ السلطة، سواء الدولة أو حزب الله، قادر على معالجة ملف اقتصادي واحد؟ طبعاً لا. فباسم المحسوبية والطائفية والمناطقية والتبعية والمذهبية، بات لبنان وكراً لكل أنواع الموبقات، خصوصاً الموبقات الاجتماعية والاقتصادية. هل تعتقدون أن الدولة وحزب الله، يهمهما أن تتحسّن الحياة في لبنان بشكل عام؟ بالطبع لا، فإذا تحسّن الوضع، لن يبقى أحد تابعاً لهما، ولن يبقى من يؤيدهما، وستنحو الناس أكثر نحو تأمين مستقبلها اقتصادياً، والسعي نحو رفاهيتها. والرفاهية، يا سادة، ممنوعة في لبنان، كي لا ينقلب الشعب على السلطة وأحزابها.
يبدو من سير الأمور أن هناك مسعًى إلى تدجين كل من لم يُدجّن في لبنان، وتسخيره ليصبح رقماً في عدّاد شعبية حزب أو زعيم. يبدو من سير الأمور أننا مدعوون جميعاً لنكون خرفاناً في قطعان، تقول "نعم" لزعيمها، ولا تعلم معنى "لا". يبدو من سير الأمور في وطن الأرز أن هناك من يسعى إلى استغلالنا في عبودية متكرّرة باسم الحرية، كي لا ننتفض. حسناً تقريباً نصف الشعب اللبناني بات مدجّناً، ويبقى النصف الآخر. الخيارات محدودة أمامنا، التدجين أو الحرية. وبلاد نادت بالحرية طوال تاريخيْها، القديم والحديث، لا يمكنها أن تتحوّل موئلاً للعبودية مهما حصل. مرّ غزاة كثيرون على لبنان، ومنهم حكامه. وكما رحل الغزاة، على الحكام أن يرحلوا يوماً ما.