24 سبتمبر 2020
الحرب فى اليمن وعجز القوة
انطلقت يوم الخميس، 26 مارس/ آذار عام 2015، في الساعة الثانية صباحاً، الحرب من السعودية، لتشمل ربوع اليمن وجباله ووديانه، حيث كانت جماعة أنصار الله، بقيادة عبد الملك الحوثي، متحالفةً مع الرئيس السابق، علي عبد الله صالح، وحزبه، المؤتمر الشعبي العام، وقوات الجيش والحرس الجمهوري الموالية له، قد أحكمت سيطرتها على شمال اليمن، وبدأت زحفها للسيطرة على محافظات الجنوب، وفي مقدمتها عدن التي لجأ إليها الرئيس التوافقي، والذي اكتسب الشرعية، في إطار مبادرة مجلس التعاون الخليجي، ومخرجات الحوار الوطني اليمني، عبد ربه منصور هادي، والذي كان قد تقدّم بطلب إلى قادة دول مجلس التعاون، وإلى جامعة الدول العربية، للتدخل ضد جماعة الحوثي التي انقلبت على شرعيته.
واستناداً إلى هذا الطلب، وإلى قرار مجلس الأمن الدولي 2015، في 15 فبراير/ شباط 2015، ويطالب الحوثيين بسحب قواتهم من كل مؤسسات الدولة، أعلنت العربية السعودية، عبر مؤتمر صحافي لسفيرها في واشنطن في حينه، عادل الجبير، 25 مارس/ آذار 2015، عن تكوين تحالف عربي، بقيادة السعودية، يضم دول مجلس التعاون (عدا سلطنة عُمان)،
إضافة إلى مصر والأردن والمغرب والسودان والسنغال، بدعم مباشر من باكستان، وأن هذا التحالف قرّر إطلاق عملية عسكرية شاملة باسم "عاصفة الحزم" لاستعادة الشرعية في اليمن، وإجبار الحوثي وحلفائه، والمدعومين من إيران، وحزب الله، على الالتزام بقرار مجلس الأمن. وأعلنت الولايات المتحدة على الفور دعمها التحالف والسعودية، لوجستيا واستخباراتيا، وبكل ما تحتاج إليه.
تمكّنت قوات التحالف، في بداية الحرب، من فرض السيادة الجوية والبحرية على كل مسرح العمليات، وأعلنت المجال الجوي والمياه الإقليمية اليمنيين مناطق عمليات محظورة. وفي أكثر من ثلاثة أسابيع من القصف الجوي والصاروخي، بدا كأن "عاصفة الحزم" قد حققت أهدافها، فأعلنت قيادة التحالف في 21 إبريل/ نيسان 2015، انتهاء عمليات هذه العاصفة، وذلك بعد ".. إزالة جميع التهديدات التي تشكل تهديداً لأمن السعودية، والدول المجاورة، وبعد أن تم تدمير الأسلحة الثقيلة، والصواريخ الباليستية، والقدرة الجوية التي كانت بحوزة الحوثي، وقوات صالح..". وتم إعلان إطلاق عملية "إعادة الأمل" لإعادة الإعمار وعمليات الإغاثة والمساعدات الإنسانية لليمنيين الذين أضيروا من العمليات العسكرية.
ولأن الحروب لا تجري وفقاً للسيناريوهات الموضوعة لها مسبقا، ولأن اليمن، بحكم موقعه الجغرافي، وتكوينه الطبوغرافي، وتركيبته العرقية القبلية والمذهبية، تحكمه عوامل جيوسياسية، وديمغرافية، شديدة التعقيد، تُزيد من خطورة الحرب على أرضه، حيث أحدثت الحرب حالة من الاضطراب السياسي، والاجتماعي، والأخلاقي، سرعان ما انعكست على سير الأحداث، وطبيعة الصراع، ليس فقط على المستوى المحلي، ولكن أيضاً، على المستويين، الإقليمي والدولي.
على المستوى الإقليمي، بدأ التحالف في التفكّك تدريجيا، ولم يعد باقيا فيه عمليا سوى السعودية والإمارات، وتمثيل سوداني بقوات برية محدودة. وعلى المستوى الدولي، ظهرت دعاوى كثيرة تندّد بالخسائر المدنية، وتدنّي الحالة الإنسانية للشعب اليمني جرّاء الحرب، وخصوصا ضربات التحالف السعودي الإماراتي. وعلى المستوى المحلي، ترتب على حالة الاضطراب السياسي
والأخلاقي تغير سريع في الولاءات القبلية، وتحوّل العمليات العسكرية من نظامية واضحة إلى "عملياتٍ لا تناسقية"، يغلب عليها طابع حروب العصابات، ولكن عن بعد، باستخدام الصواريخ الباليستية، والطائرات المسيّرة، والهجمات الخاطفة على أهدافٍ ذات أهمية إستراتيجية، مثل المطارات والبوارج والناقلات البحرية والمناطق الحدودية والعواصم.. ولمثل تلك الضربات تأثير معنوي كبير يفوق كثيراً تأثيراتها المادية.
مرت نحو ثلاث سنوات ونصف السنة، منذ أعلنت قيادة قوات التحالف انتهاء "عاصفة الحزم"، وانطلاق عملية إعادة الأمل، والأمل يتضاءل فى حسم الحرب المفتوحة في اليمن عسكريا، والتي أصبحت نموذجاً "لعجز القوة" النظامية المتفوّقة، في مواجهة عملياتٍ لا تناسقية محدودة، أدت إلى تهديد أحد أهم الممرّات البحرية الدولية للاقتصاد العالمي، مضيق باب المندب، وتهدّد حركة الملاحة الجوية في مطارات رئيسية لدولتي التحالف الرئيسيتين، السعودية والإمارات، وتهدّد آلافا من مواطني المناطق الحدودية السعودية – اليمنية.
المثير أن القوى الدولية التي وقفت بقوة مع التحالف العربي، في بدايته، ظناً منها أن "عاصفة الحزم" قادرةٌ على حسم الموقف في اليمن، هي من تقف اليوم مع ضرورة وضع حد للحرب التي تعرّض ملايين من أبناء الشعب اليمني للموت، أو الإصابة، أو النزوح، أو الأمراض والأوبئة. وترتفع الأصوات بأنه لا حل سوى الحل السياسي، ولا أحد يتحرّك لانتشال شعبٍ بائسٍ من مصير أكثر بؤساً.
ستبقى حرب اليمن، وهي نموذج لعجز القوة، حرب استنزافٍ مفتوحة لكل الأطراف، الخاسر الرئيسي فيها هو الشعب اليمني، ولن تضع حدّاً لها سوى إرادة دولية، وإقليمية حقيقية، تضع الاعتبارات الإنسانية فى مقدمة أولوياتها، فهل يحدث؟
واستناداً إلى هذا الطلب، وإلى قرار مجلس الأمن الدولي 2015، في 15 فبراير/ شباط 2015، ويطالب الحوثيين بسحب قواتهم من كل مؤسسات الدولة، أعلنت العربية السعودية، عبر مؤتمر صحافي لسفيرها في واشنطن في حينه، عادل الجبير، 25 مارس/ آذار 2015، عن تكوين تحالف عربي، بقيادة السعودية، يضم دول مجلس التعاون (عدا سلطنة عُمان)،
تمكّنت قوات التحالف، في بداية الحرب، من فرض السيادة الجوية والبحرية على كل مسرح العمليات، وأعلنت المجال الجوي والمياه الإقليمية اليمنيين مناطق عمليات محظورة. وفي أكثر من ثلاثة أسابيع من القصف الجوي والصاروخي، بدا كأن "عاصفة الحزم" قد حققت أهدافها، فأعلنت قيادة التحالف في 21 إبريل/ نيسان 2015، انتهاء عمليات هذه العاصفة، وذلك بعد ".. إزالة جميع التهديدات التي تشكل تهديداً لأمن السعودية، والدول المجاورة، وبعد أن تم تدمير الأسلحة الثقيلة، والصواريخ الباليستية، والقدرة الجوية التي كانت بحوزة الحوثي، وقوات صالح..". وتم إعلان إطلاق عملية "إعادة الأمل" لإعادة الإعمار وعمليات الإغاثة والمساعدات الإنسانية لليمنيين الذين أضيروا من العمليات العسكرية.
ولأن الحروب لا تجري وفقاً للسيناريوهات الموضوعة لها مسبقا، ولأن اليمن، بحكم موقعه الجغرافي، وتكوينه الطبوغرافي، وتركيبته العرقية القبلية والمذهبية، تحكمه عوامل جيوسياسية، وديمغرافية، شديدة التعقيد، تُزيد من خطورة الحرب على أرضه، حيث أحدثت الحرب حالة من الاضطراب السياسي، والاجتماعي، والأخلاقي، سرعان ما انعكست على سير الأحداث، وطبيعة الصراع، ليس فقط على المستوى المحلي، ولكن أيضاً، على المستويين، الإقليمي والدولي.
على المستوى الإقليمي، بدأ التحالف في التفكّك تدريجيا، ولم يعد باقيا فيه عمليا سوى السعودية والإمارات، وتمثيل سوداني بقوات برية محدودة. وعلى المستوى الدولي، ظهرت دعاوى كثيرة تندّد بالخسائر المدنية، وتدنّي الحالة الإنسانية للشعب اليمني جرّاء الحرب، وخصوصا ضربات التحالف السعودي الإماراتي. وعلى المستوى المحلي، ترتب على حالة الاضطراب السياسي
مرت نحو ثلاث سنوات ونصف السنة، منذ أعلنت قيادة قوات التحالف انتهاء "عاصفة الحزم"، وانطلاق عملية إعادة الأمل، والأمل يتضاءل فى حسم الحرب المفتوحة في اليمن عسكريا، والتي أصبحت نموذجاً "لعجز القوة" النظامية المتفوّقة، في مواجهة عملياتٍ لا تناسقية محدودة، أدت إلى تهديد أحد أهم الممرّات البحرية الدولية للاقتصاد العالمي، مضيق باب المندب، وتهدّد حركة الملاحة الجوية في مطارات رئيسية لدولتي التحالف الرئيسيتين، السعودية والإمارات، وتهدّد آلافا من مواطني المناطق الحدودية السعودية – اليمنية.
المثير أن القوى الدولية التي وقفت بقوة مع التحالف العربي، في بدايته، ظناً منها أن "عاصفة الحزم" قادرةٌ على حسم الموقف في اليمن، هي من تقف اليوم مع ضرورة وضع حد للحرب التي تعرّض ملايين من أبناء الشعب اليمني للموت، أو الإصابة، أو النزوح، أو الأمراض والأوبئة. وترتفع الأصوات بأنه لا حل سوى الحل السياسي، ولا أحد يتحرّك لانتشال شعبٍ بائسٍ من مصير أكثر بؤساً.
ستبقى حرب اليمن، وهي نموذج لعجز القوة، حرب استنزافٍ مفتوحة لكل الأطراف، الخاسر الرئيسي فيها هو الشعب اليمني، ولن تضع حدّاً لها سوى إرادة دولية، وإقليمية حقيقية، تضع الاعتبارات الإنسانية فى مقدمة أولوياتها، فهل يحدث؟