07 نوفمبر 2024
حصار قطر وحصار كوبا.. تشابُه غير متوقَّع
صرّح الوزير السعودي، عادل الجبير، في العام الماضي، بأن دول الحصار يمكنها مقاطعة قطر لسنوات قادمة، مثلما فعلت الولايات المتحدة مع كوبا. وبعيداً عن طرافة التصريح، وما يحمله من مقارنةٍ عبثية، حاول فيها الجبير تشبيه المملكة بالولايات المتحدة، فإن هناك تشابهاً وحيداً بين حالة حصار قطر من السعودية والإمارات والبحرين ومصر، وحصار كوبا من الولايات المتحدة. فالأخيرة قطعت العلاقات مع كوبا، وفرضت عليها حظراً اقتصادياً، ومنعت الرحلات الجوية المباشرة بين البلدين، وفرضت عقوباتٍ سياسية واقتصادية، وحرّضت على إطاحة حكم فيدل كاسترو مرات عديدة، أشهرها عملية "خليج الخنازير" الفاشلة، وغيرها من المحاولات طوال أكثر من خمسين عاماً، بحجة أن النظام الكوبي شيوعي ماركسي وتابع للاتحاد السوفييتي، العدو اللدود للأميركان، وهو ما يعتبر خطاً أحمر بالنسبة للولايات المتحدة، قلعة الرأسمالية والليبرالية في العالم. ولكن العجيب أن واشنطن فعلت كل ذلك مع كوبا بحجة الشيوعية، على الرغم من أنها كانت تتعامل مع الاتحاد السوفييتي نفسه الذي تتهم كوبا بتبعيتها له، وتقيم معه علاقات دبلوماسية كاملة، وتتفاهم معه في عدد من الملفات، وتعقد معه مباحثات حول عدة قضايا، على الرغم من أجواء الحرب الباردة التي كانت سائدة بين الطرفين، وهو ما يكشف عن تناقض صارخ، عبّر عنه مرات عديدة مسؤولون ومفكرون أميركيون طوال السنوات الماضية، وهو ما أدى إلى تقارب فعلي بين كوبا والاتحاد السوفييتي، على الرغم من أنهما لم يكونا متقاربين بتلك الصورة التي صورتها الدعاية الأميركية.
كثير من هذا التناقض شهدته الأزمة الخليجية، فقد اتهمت دول الحصار قطر بأنها على علاقة وثيقة بإيران، وطالبتها بقطع العلاقات السياسية والاقتصادية معها ضمن الشروط التي طرحتها لاحقاً، على الرغم من أن الإمارات مثلاً كانت تستحوذ على نصيب الأسد من التبادل التجاري
بين إيران والدول الخليجية. وفي وقتٍ تعرقل فيه أداء المواطنين القطريين، للعام الثالث على التوالي فريضة الحج، بحجة أنهم يعيشون في دولة على علاقة وثيقة بإيران، فإن الأبواب تفتح أمام الحجاج الإيرانيين للتوجه مباشرة إلى المملكة لأداء فريضة الحج، ليتم استقبالهم بالورود والحلويات، وفقاً لما كشفته صور وأخبار واردة من مطار المدينة المنورة. ولا اعتراض بالطبع على هذا الاستقبال الدافئ، على أن يكون هذا الاستقبال متاحاً لجميع الجنسيات.
في الآونة الأخيرة، قطعت الإمارات شوطاً بعيداً في التقارب مع إيران، بدأته بزيارة وفد عسكري من قوات خفر السواحل للمرة الأولى من ست سنوات، لمناقشة تأمين مضيق هرمز، وتوقيع مذكرة تفاهم بشأن أمن الحدود. كما تواترت تصريحات مسؤولين إيرانيين عن عودة التعاون المالي والمصرفي بين البلدين، وتقديم تسهيلات للتجار الإيرانيين في دبي، وأقر الأمين العام لنادي الصرافين الإيرانيين شهاب قرباني، بأن "الإمارات كانت منذ سنوات بعيدة جسرنا المالي في المنطقة، حيث كانت تتم عبرها أعمال تجارية وحوالات إيرانية كثيرة في القطاعين الحكومي والخاص مع بقية الدول". وكان لافتاً أن الإمارات تجنّبت تماماً اتهام إيران بالمسؤولية عن تفجير استهدف ناقلة نفط إماراتية، وكذلك زرع ألغام بحرية على أربع ناقلات نفط قبالة ميناء الفجيرة في مايو/ أيار الماضي، وقال وزير الخارجية الإماراتي عبد الله بن زايد، إن بلاده "لا توجه الاتهام لأي دولة" في هجمات ناقلات النفط.
أما الملف اليمني فحدث ولا حرج عن الخدمات التي قدّمتها الإمارات للحوثيين المدعومين من إيران، بدءاً من قرار الانسحاب من اليمن، الذي أعقبه قرار من الحوثيين بتعليق عملياتهم الهجومية ضد الإمارات التي تركت السعودية حليفتها وحيدة على الساحة، ثم محاولة الانقلاب جنوب اليمن التي تقودها أبوظبي، عبر أذرعها في المجلس الانتقالي الجنوبي وقوات الحزام الأمني، التي جاءت على طبقٍ من ذهب للحوثيين، إذ سمح لهم هذا الانقلاب بتحقيق تقدّم ميداني بعد سحب القوات الحكومية والانفصالية من أمام الجبهات، وكذلك تصوير أنفسهم حرصاء على وحدة التراب اليمني، وخصوصاً أن القضاء على الحكومة الشرعية سيجعل منهم الشرعية الوحيدة الباقية. وليس خافياً أن عدداً كبيراً من قيادات المجلس الانتقالي الجنوبي كانوا من أشد المؤيدين والمتحمّسين لانقلاب الحوثي واحتلاله صنعاء عام 2014، وهو ما أثبتته عدة أدلة، أبرزها تغريدات قيادات المجلس نفسه على "تويتر" في ذلك الوقت، الذين يكتب بعضهم حتى الآن مقالات في الصحف الإماراتية. ووصل الأمر إلى حد إشادة قائد شرطة دبي السابق، ضاحي خلفان، علناً بالحوثي، والقول إنه أفضل من الحكومة اليمنية الشرعية.
لم تحرّك كل هذه الأفعال ساكناً لدى الطرف السعودي الذي أصدر بياناً مشتركاً مع الإمارات، يستنكر فيه محاولة ربط أبوظبي بالانقلاب في عدن، بل حاول عبد الرحمن الراشد تبرير
التقارب الإيراني الإماراتي أخيراً بأنه من حق أبوظبي السيادي! وأن ذلك قد يكون في مصلحة الجميع، على الرغم من أن الشخص نفسه كان قد كتب مقالاً يبرّر فيه الحصار على قطر بالزعم إن "علاقة قطر بإيران دليل على العلاقة بالتطرّف والعنف، ولا يمكن تبريرها للعرب الذين يكرهون إيران"، على الرغم من أن قطر، في ذلك الوقت، كانت مشاركة في "عاصفة الحزم"، كما قرّرت سحب سفيرها من طهران تضامناً مع المملكة، على خلفية اقتحام محتجين إيرانيين غاضبين السفارة السعودية عام 2016. وقد أدّى الحصار إلى عودة السفير القطري إلى طهران واستئناف العلاقات، وهو ما يمثل نتيجة عكسية لما أرادت دول الحصار القيام به، وهو تكوين حلف عربي في مواجهة إيران، لكنه يدل في النهاية، على أن اتهام الدوحة بأنها كانت على علاقة وطيدة بطهران لم يكن سبباً حقيقياً على الإطلاق، بل كان مجرّد دعاية حمقاء، تحاول فيها تبرير الحصار ضمن دعاياتٍ أخرى، حاولت دول الحصار توظيفها، بغرض السيطرة على ثروات قطر، وهو ما أثبتته أدلة أعلن عنها مراراً منذ ذلك الوقت.
في الآونة الأخيرة، قطعت الإمارات شوطاً بعيداً في التقارب مع إيران، بدأته بزيارة وفد عسكري من قوات خفر السواحل للمرة الأولى من ست سنوات، لمناقشة تأمين مضيق هرمز، وتوقيع مذكرة تفاهم بشأن أمن الحدود. كما تواترت تصريحات مسؤولين إيرانيين عن عودة التعاون المالي والمصرفي بين البلدين، وتقديم تسهيلات للتجار الإيرانيين في دبي، وأقر الأمين العام لنادي الصرافين الإيرانيين شهاب قرباني، بأن "الإمارات كانت منذ سنوات بعيدة جسرنا المالي في المنطقة، حيث كانت تتم عبرها أعمال تجارية وحوالات إيرانية كثيرة في القطاعين الحكومي والخاص مع بقية الدول". وكان لافتاً أن الإمارات تجنّبت تماماً اتهام إيران بالمسؤولية عن تفجير استهدف ناقلة نفط إماراتية، وكذلك زرع ألغام بحرية على أربع ناقلات نفط قبالة ميناء الفجيرة في مايو/ أيار الماضي، وقال وزير الخارجية الإماراتي عبد الله بن زايد، إن بلاده "لا توجه الاتهام لأي دولة" في هجمات ناقلات النفط.
أما الملف اليمني فحدث ولا حرج عن الخدمات التي قدّمتها الإمارات للحوثيين المدعومين من إيران، بدءاً من قرار الانسحاب من اليمن، الذي أعقبه قرار من الحوثيين بتعليق عملياتهم الهجومية ضد الإمارات التي تركت السعودية حليفتها وحيدة على الساحة، ثم محاولة الانقلاب جنوب اليمن التي تقودها أبوظبي، عبر أذرعها في المجلس الانتقالي الجنوبي وقوات الحزام الأمني، التي جاءت على طبقٍ من ذهب للحوثيين، إذ سمح لهم هذا الانقلاب بتحقيق تقدّم ميداني بعد سحب القوات الحكومية والانفصالية من أمام الجبهات، وكذلك تصوير أنفسهم حرصاء على وحدة التراب اليمني، وخصوصاً أن القضاء على الحكومة الشرعية سيجعل منهم الشرعية الوحيدة الباقية. وليس خافياً أن عدداً كبيراً من قيادات المجلس الانتقالي الجنوبي كانوا من أشد المؤيدين والمتحمّسين لانقلاب الحوثي واحتلاله صنعاء عام 2014، وهو ما أثبتته عدة أدلة، أبرزها تغريدات قيادات المجلس نفسه على "تويتر" في ذلك الوقت، الذين يكتب بعضهم حتى الآن مقالات في الصحف الإماراتية. ووصل الأمر إلى حد إشادة قائد شرطة دبي السابق، ضاحي خلفان، علناً بالحوثي، والقول إنه أفضل من الحكومة اليمنية الشرعية.
لم تحرّك كل هذه الأفعال ساكناً لدى الطرف السعودي الذي أصدر بياناً مشتركاً مع الإمارات، يستنكر فيه محاولة ربط أبوظبي بالانقلاب في عدن، بل حاول عبد الرحمن الراشد تبرير