03 مارس 2022
ترجَّل "رأس البصل" الإيرلندي
بعد 35 سنة من العمل الثوري والسياسي، ترجَّل الزعيم الإيرلندي الشمالي، جيري آدمز، زعيم حزب شين فين، الذراع السياسي للجيش الجمهوري الإيرلندي. يوم السبت الماضي، سلَّم رئاسة الحزب الجمهوري الإيرلندي لنائبته ماري لو مكدونالد، ليطوي بذلك صفحات مسيرة طويلة من النضال الإيرلندي الشمالي ضد التاج الملكي البريطاني، شاركه الجانب الأكبر منها رفيقه مارتين ماكغينيس، الذي غيبه الموت في مارس/ آذار الماضي.
مثل نيلسون مانديلا وياسر عرفات، خاض آدامز غمار النضال المسلح، كما خاض صولات البحث عن السلام وجولاته. ناضل بالسلاح وبالسياسة، في السر والعلن، ضد بريطانيا التي ضمت الإقليم الشمالي من إيرلندا للتاج البريطاني بعد تقسيم جزيرة إيرلندا، في عام 1921، إلى جزأين. مُنح الاستقلال لأحدهما، وقُسِّم إلى 26 مقاطعة ذات أغلبية كاثوليكية، فيما ضُمت المقاطعات الواقعة في شمال إيرلندا للمملكة المتحدة. وفي 1922، أُعلن استقلال إيرلندا من دون الجزء الشمالي منها، ما أدى إلى نشوب حربٍ أهليةٍ بين المعتدلين والراديكاليين.
ينحدر الزعيم جيري آدامز من عائلة عُرفت بقربها من الجيش الجمهوري الإيرلندي. صار في سن العشرين ناشطاً بارزاً في الدفاع عن الحقوق المدنية في إيرلندا الشمالية، ويقال إنه كان في الفترة نفسها عضواً سرياً في الجيش الإيرلندي الجمهوري. بعد أن اعتقلته السلطات البريطانية بين عامي 1971 و1972، برز قائدا سياسيا لحزب الشين فين الإيرلندي الشمالي، وهو الحزب الذي يُنظر إليه أنه الجناح السياسي للجيش الجمهوري الإيرلندي الذي أشهر السلاح في وجه الجيش البريطاني، واستهدف لندن ومدناً بريطانية أخرى بعمليات تفجير موجعة.
شكل عام 1997 انعطافة مهمةً في مسيرة آدامز، عندما التقى مع رئيس الوزراء البريطاني آنذاك، توني بلير، في أول لقاء بين رئيس وزراء بريطاني وقيادي من الجيش الجمهوري منذ لقاء1921 بين مايكل كولينز ورئيس الوزراء البريطاني دافيد لويد جورج. أسفر اللقاء عن وقف العنف المسلح بين الأطراف المتنازعة في إيرلندا الشمالية، وتُوج بتوقيع اتفاق الجمعة العظيمة في (10 إبريل/ نيسان 1998) الذي أقر بتقاسم السلطة السياسية في إيرلندا الشمالية مع تحقيق التعايش السلمي بين الطوائف هناك.
وعلى الرغم من أن جيري آدامز شخصية عامة، وقامة سياسية فارعة تعمل بالعلن، إلا أن خصومه يجزمون بأنه مثل جبل الجليد، لا ترى منه إلا القمة، ويشهد له خصومه بأنه مفاوض مُرّ، يشبه التعامل معه تقشير رأس بصل، فكلما ظننت أنك وصلت إلى اللب، وجدت نفسك أمام قشرة جديدة. ويحظى آدامز داخل أوساط بالتقدير، ويعتبر سياسياً داهيةً، تمكن من تحويل المقاربة الجمهورية من عمل مسلح إلى عمل سياسي، لم يصل إلى حد القبول بأداء القسم للتاج البريطاني.
وتماماً، كما أن "الشين فين" استلهم العبر والدروس من نضال المؤتمر الوطني الأفريقي في جنوب أفريقيا، وزعيمه الراحل نيلسون مانديلا، حاولت الثورة الفلسطينية المعاصرة استلهام الدروس من نضال جيري آدامز ورفاقه، ولا سيما في مرحلة الانتقال من الكفاح المسلح إلى المفاوضات السياسية. ولطالما أكد الزعيم آدمز أن "الشعب الفلسطيني وحده، ومن خلال ممثليه، بمقدوره أن يقرّر ما الذي يقبله أو يرفضه في إطار التسوية الشاملة والعادلة... أنا أؤمن بحق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير، وبأن تكون له دولة مستقلة ذات سيادة على أساس حدود عام 1967، على أن تكون القدس الشرقية عاصمة لها، كما ورد النص عليه في القرارات الصادرة عن الأمم المتحدة ومساهمة إيجابية إضافية لضمان إنجاز تسوية للصراع الفلسطيني الإسرائيلي عبر التفاوض يؤدي، في النهاية، إلى حل الدولتين".
ترجّل جيري آدامز بعد رحلة طويلة ومثيرة، اعتقل، جُرح، نجا من الاغتيال، حتى صار رجل السلام الذي صافح الملكة إليزابيث الثانية. عُرف عن حياته السياسية الكثير، لكن ما خفي من "جبل الجليد" أعظم، وربما علينا إزالة كثير من القشور قبل الوصول إلى لب "رأس البصل".
مثل نيلسون مانديلا وياسر عرفات، خاض آدامز غمار النضال المسلح، كما خاض صولات البحث عن السلام وجولاته. ناضل بالسلاح وبالسياسة، في السر والعلن، ضد بريطانيا التي ضمت الإقليم الشمالي من إيرلندا للتاج البريطاني بعد تقسيم جزيرة إيرلندا، في عام 1921، إلى جزأين. مُنح الاستقلال لأحدهما، وقُسِّم إلى 26 مقاطعة ذات أغلبية كاثوليكية، فيما ضُمت المقاطعات الواقعة في شمال إيرلندا للمملكة المتحدة. وفي 1922، أُعلن استقلال إيرلندا من دون الجزء الشمالي منها، ما أدى إلى نشوب حربٍ أهليةٍ بين المعتدلين والراديكاليين.
ينحدر الزعيم جيري آدامز من عائلة عُرفت بقربها من الجيش الجمهوري الإيرلندي. صار في سن العشرين ناشطاً بارزاً في الدفاع عن الحقوق المدنية في إيرلندا الشمالية، ويقال إنه كان في الفترة نفسها عضواً سرياً في الجيش الإيرلندي الجمهوري. بعد أن اعتقلته السلطات البريطانية بين عامي 1971 و1972، برز قائدا سياسيا لحزب الشين فين الإيرلندي الشمالي، وهو الحزب الذي يُنظر إليه أنه الجناح السياسي للجيش الجمهوري الإيرلندي الذي أشهر السلاح في وجه الجيش البريطاني، واستهدف لندن ومدناً بريطانية أخرى بعمليات تفجير موجعة.
شكل عام 1997 انعطافة مهمةً في مسيرة آدامز، عندما التقى مع رئيس الوزراء البريطاني آنذاك، توني بلير، في أول لقاء بين رئيس وزراء بريطاني وقيادي من الجيش الجمهوري منذ لقاء1921 بين مايكل كولينز ورئيس الوزراء البريطاني دافيد لويد جورج. أسفر اللقاء عن وقف العنف المسلح بين الأطراف المتنازعة في إيرلندا الشمالية، وتُوج بتوقيع اتفاق الجمعة العظيمة في (10 إبريل/ نيسان 1998) الذي أقر بتقاسم السلطة السياسية في إيرلندا الشمالية مع تحقيق التعايش السلمي بين الطوائف هناك.
وعلى الرغم من أن جيري آدامز شخصية عامة، وقامة سياسية فارعة تعمل بالعلن، إلا أن خصومه يجزمون بأنه مثل جبل الجليد، لا ترى منه إلا القمة، ويشهد له خصومه بأنه مفاوض مُرّ، يشبه التعامل معه تقشير رأس بصل، فكلما ظننت أنك وصلت إلى اللب، وجدت نفسك أمام قشرة جديدة. ويحظى آدامز داخل أوساط بالتقدير، ويعتبر سياسياً داهيةً، تمكن من تحويل المقاربة الجمهورية من عمل مسلح إلى عمل سياسي، لم يصل إلى حد القبول بأداء القسم للتاج البريطاني.
وتماماً، كما أن "الشين فين" استلهم العبر والدروس من نضال المؤتمر الوطني الأفريقي في جنوب أفريقيا، وزعيمه الراحل نيلسون مانديلا، حاولت الثورة الفلسطينية المعاصرة استلهام الدروس من نضال جيري آدامز ورفاقه، ولا سيما في مرحلة الانتقال من الكفاح المسلح إلى المفاوضات السياسية. ولطالما أكد الزعيم آدمز أن "الشعب الفلسطيني وحده، ومن خلال ممثليه، بمقدوره أن يقرّر ما الذي يقبله أو يرفضه في إطار التسوية الشاملة والعادلة... أنا أؤمن بحق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير، وبأن تكون له دولة مستقلة ذات سيادة على أساس حدود عام 1967، على أن تكون القدس الشرقية عاصمة لها، كما ورد النص عليه في القرارات الصادرة عن الأمم المتحدة ومساهمة إيجابية إضافية لضمان إنجاز تسوية للصراع الفلسطيني الإسرائيلي عبر التفاوض يؤدي، في النهاية، إلى حل الدولتين".
ترجّل جيري آدامز بعد رحلة طويلة ومثيرة، اعتقل، جُرح، نجا من الاغتيال، حتى صار رجل السلام الذي صافح الملكة إليزابيث الثانية. عُرف عن حياته السياسية الكثير، لكن ما خفي من "جبل الجليد" أعظم، وربما علينا إزالة كثير من القشور قبل الوصول إلى لب "رأس البصل".