19 أكتوبر 2024
لبنان مريض بالسرطان
تكثّفت، في الآونة الأخيرة، التقارير عن ارتفاع عدد المصابين بالأمراض السرطانية في لبنان بنسبة مخيفة. ارتفاع يعود، في جزء منه، إلى مسؤولية الدولة اللبنانية، وفي جزء آخر، إلى الشعب اللبناني غير العابئ بصحته. ملخّص التقارير أن "هناك 242 مصاباً بالسرطان بين كل مائة ألف لبناني، ونحو تسعة آلاف حالة وفاة و17 ألف إصابة جديدة بالسرطان سنة 2018". أرقام مخيفة بالفعل في بلدٍ لا يتعدّى عدد سكانه الـ6 أو 7 ملايين نسمة، بين لبنانيين ومقيمين. للأرقام المهولة ألف سبب وسبب، مثلاً هناك التلوث الصناعي الذي أصاب المياه الجوفية في مناطق كثيرة في الساحل اللبناني، والأنهر ومنها نهر الليطاني الذي بات "مصرفاً لمياه الشركات والمصانع"، وأدى إلى حالات وفاة بالسرطان كثيرة، في منطقتي قب إلياس وبر إلياس البقاعيتين.
بالإضافة إلى ذلك، أدى اختلاط المدن الصناعية بالتجمّعات السكنية إلى انعكاس سلبي للتلوّث الناجم عن المصانع على الناس، وهو ما يُلاحظ بقوة في ضواحي بيروت الشمالية والجنوبية. لا أحد يريد معالجة التلوّث الصناعي، لا عبر تركيب "فلترات" للأعمدة المصدّرة للأدخنة، ولا تغيير نوعية الوقود المُستخدم في المصانع. النفايات، وتراكمها، سبب آخر وأساسي في انتشار الأمراض السرطانية، لوجودها وتكاثفها يوماً بعد يوم، من دون معالجةٍ حقيقية لها. الغذاء بات مسرطناً: حُكي عن قمحٍ مسرطنٍ في مرفأ بيروت، بات طحيناً وخبزاً يُباع في الأسواق، كما حُكي، أخيراً، عن باخرة محمّلة بأبقار مصابة بالجمرة الخبيثة، قد دخلت لبنان. الدولة لا تريد مكافحة السرطان، بل تبدو شريكاً له في قتل الناس. لكن هل يكترث المواطن اللبناني أيضاً بصحته؟
كل شيء يدلّ على أن اللبنانيين لا يأبهون بصحتهم. التدخين المباشر والتدخين السلبي، من سجائر ونارجيلة، بات من أسس الحياة اليومية في لبنان (في كل مطعم لبناني أول سؤال يُطرح عليك: نبدأ بالنارجيلة أستاذ؟). حتى في المكاتب المقفلة هناك من يدخّن. التذرّع بأن "الجميع يفعل ذلك" أو "شو وقفت علييّ؟" (أي لم يعد هناك سوى أنا من يؤثر على الوضع برمّته)، ليس سوى سبب مضحك لإقناع الذات بأن "كل شيء على ما يرام"، و"أن الأمراض السرطانية ستُصيب غيري ولن تُصيبني". السلوكيات المجتمعية مؤثرة أيضاً في زيادة نسب الأمراض السرطانية.
عدا عن ذلك، وزارة الصحة، أي الدولة اللبنانية، غير قادرة على تلبية متطلبات المصابين بالسرطان، كما أن بعض الأشخاص استغلوا المصابين بالأمراض السرطانية، لاستغلال الناس مادياً، كما فعلت منى البعلبكي التي اكتُشفت قضيتها عام 2017، بعدما أبدلت، على مدى أعوام، أدوية سرطان بأدوية أخرى مغشوشة أو فاسدة ومنتهية الصلاحية، وأعطتها للمصابين بالمرض، وباعت الأدوية الأصلية. لم تُحاسب البعلبكي على فعلتها، لأنها محميّة من طرف سياسي. زمن رديء حقاً في لبنان. اسألوا فقط كم مريضا توفي جرّاء تناوله الأدوية المغشوشة؟
لا تسأل الدولة عن مواطنيها، فلبنان دولة فاشلة، لا في العهد الحالي، بل منذ عام 1990، أي تاريخ انتهاء الحرب اللبنانية (1975 ـ 1990). أفضى تراكم السلبيات إلى ولادة جيل مريض ودولة لا مبالية وحكام ـ أمراء حربٍ يتناتشون السلطة إعلامياً، ومتفقين في السرّ. هل يمكن معالجة الوضع في لبنان؟ حالياً من الصعب قول ذلك، فاللبناني بات مدجّناً إلى أقصى الحدود، كمريض ينتظر حقنة الموت الرحيم، ولا يسأل عن مستقبله، ولا حتى عن يومه الحالي. الأمر أشبه برواية يأسٍ يكتبها فرانز كافكا، قبل الانتحار الجماعي. لم يكن لبنان هكذا يوماً، إذ طالما كان وطناً للحياة لا للبكاء، وطناً للأفراح لا للتعاسة، غير أن ما يحصل له اليوم هو نتيجة لقرار الناس بتسليم رقابهم للطبقة نفسها التي حكمتهم. والناس الذين قرّروا ذلك يمكنهم تصحيح ذلك إن شاءوا، وإلا سيقضي علينا السرطان جميعاً.
بالإضافة إلى ذلك، أدى اختلاط المدن الصناعية بالتجمّعات السكنية إلى انعكاس سلبي للتلوّث الناجم عن المصانع على الناس، وهو ما يُلاحظ بقوة في ضواحي بيروت الشمالية والجنوبية. لا أحد يريد معالجة التلوّث الصناعي، لا عبر تركيب "فلترات" للأعمدة المصدّرة للأدخنة، ولا تغيير نوعية الوقود المُستخدم في المصانع. النفايات، وتراكمها، سبب آخر وأساسي في انتشار الأمراض السرطانية، لوجودها وتكاثفها يوماً بعد يوم، من دون معالجةٍ حقيقية لها. الغذاء بات مسرطناً: حُكي عن قمحٍ مسرطنٍ في مرفأ بيروت، بات طحيناً وخبزاً يُباع في الأسواق، كما حُكي، أخيراً، عن باخرة محمّلة بأبقار مصابة بالجمرة الخبيثة، قد دخلت لبنان. الدولة لا تريد مكافحة السرطان، بل تبدو شريكاً له في قتل الناس. لكن هل يكترث المواطن اللبناني أيضاً بصحته؟
كل شيء يدلّ على أن اللبنانيين لا يأبهون بصحتهم. التدخين المباشر والتدخين السلبي، من سجائر ونارجيلة، بات من أسس الحياة اليومية في لبنان (في كل مطعم لبناني أول سؤال يُطرح عليك: نبدأ بالنارجيلة أستاذ؟). حتى في المكاتب المقفلة هناك من يدخّن. التذرّع بأن "الجميع يفعل ذلك" أو "شو وقفت علييّ؟" (أي لم يعد هناك سوى أنا من يؤثر على الوضع برمّته)، ليس سوى سبب مضحك لإقناع الذات بأن "كل شيء على ما يرام"، و"أن الأمراض السرطانية ستُصيب غيري ولن تُصيبني". السلوكيات المجتمعية مؤثرة أيضاً في زيادة نسب الأمراض السرطانية.
عدا عن ذلك، وزارة الصحة، أي الدولة اللبنانية، غير قادرة على تلبية متطلبات المصابين بالسرطان، كما أن بعض الأشخاص استغلوا المصابين بالأمراض السرطانية، لاستغلال الناس مادياً، كما فعلت منى البعلبكي التي اكتُشفت قضيتها عام 2017، بعدما أبدلت، على مدى أعوام، أدوية سرطان بأدوية أخرى مغشوشة أو فاسدة ومنتهية الصلاحية، وأعطتها للمصابين بالمرض، وباعت الأدوية الأصلية. لم تُحاسب البعلبكي على فعلتها، لأنها محميّة من طرف سياسي. زمن رديء حقاً في لبنان. اسألوا فقط كم مريضا توفي جرّاء تناوله الأدوية المغشوشة؟
لا تسأل الدولة عن مواطنيها، فلبنان دولة فاشلة، لا في العهد الحالي، بل منذ عام 1990، أي تاريخ انتهاء الحرب اللبنانية (1975 ـ 1990). أفضى تراكم السلبيات إلى ولادة جيل مريض ودولة لا مبالية وحكام ـ أمراء حربٍ يتناتشون السلطة إعلامياً، ومتفقين في السرّ. هل يمكن معالجة الوضع في لبنان؟ حالياً من الصعب قول ذلك، فاللبناني بات مدجّناً إلى أقصى الحدود، كمريض ينتظر حقنة الموت الرحيم، ولا يسأل عن مستقبله، ولا حتى عن يومه الحالي. الأمر أشبه برواية يأسٍ يكتبها فرانز كافكا، قبل الانتحار الجماعي. لم يكن لبنان هكذا يوماً، إذ طالما كان وطناً للحياة لا للبكاء، وطناً للأفراح لا للتعاسة، غير أن ما يحصل له اليوم هو نتيجة لقرار الناس بتسليم رقابهم للطبقة نفسها التي حكمتهم. والناس الذين قرّروا ذلك يمكنهم تصحيح ذلك إن شاءوا، وإلا سيقضي علينا السرطان جميعاً.