أعلنت مبادرة "الانتخابات الشعبية"، وهي مبادرة أطلقها مواطنون فرنسيون ينتمون إلى اليسار للاختيار بين مرشحي الرئاسة، أن 467 ألف ناخب سجلوا أسماءهم للمشاركة في الانتخابات غير الرسمية التي ستجري إلكترونياً من 27 إلى 30 يناير/كانون الثاني، وهو رقم كبير مقارنة بما كان يتوقعه أصحاب المبادرة.
بيد أن هذا الرقم يكشف حجم الهوة بين الناخبين ومرشحي قوى اليسار للانتخابات الرئاسية، التي ستجري جولتها الأولى من 10 إلى 24 إبريل/نيسان المقبل، إذ يسعى هؤلاء المواطنون إلى الضغط على أحزابهم من أجل التوافق لاختيار مرشح واحد يخوض المنافسة باسم اليسار.
وتشارك قوى اليسار الفرنسي في الانتخابات الرئاسية بخمسة مرشحين، هم زعيم حزب "فرنسا غير الخاضعة" جان لوك ميلانشون، ومرشح أحزاب البيئة يانيك جادوت، وعمدة باريس مرشحة "الحزب الاشتراكي" آن هيدالغو، ومرشح "الحزب الشيوعي" فابيان روسل، ووزيرة العدل السابقة كريستيان توبيرا.
وتبدو حظوظ المرشحين الخمسة ضعيفة وفق ما تظهر نتائج استطلاعات الرأي، إذ لم يتجاوز أي منهم عتبة 10 في المئة من توقعات التصويت، ما يجعل حظوظهم للتأهل إلى الدورة الثانية التي ستجري في 7 مايو/أيار المقبل شبه معدومة، إذ ما يزال الرئيس الحالي إيمانويل ماكرون، يتصدر نتائج استطلاعات الرأي، تليه المرشحة الجمهورية رئيسة منطقة إيل دو فرانس، فاليري بيكريس، التي تتشارك المرتبة الثانية مع مرشحة اليمين المتطرف، مارين لوبان.
وبينما لن تكون نتائج الانتخابات التمهيدية ملزمة للأحزاب؛ فإنها تشكل ورقة ضغط قوية بحسب ما يأمل القائمون عليها، إذ يمكن أن تعطي صورة أوضح عن نوايا التصويت لدى الكتل الانتخابية لليسار.
وفيما أعلنت توبيرا موافقتها على الالتزام بنتائج هذه الانتخابات؛ رفضها الآخرون بحجة أنها تشبه الانتخابات التمهيدية التي أجروها داخل أحزابهم قبل الترشح رسمياً.
المثير للانتباه أن أعداد المسجلين في الانتخابات الشعبية، والتي أعلنت ليل أمس الأحد، تفوق عدد المسلجين للانتخابات التمهيدية في معظم الأحزاب، إذ على سبيل المثال كان عدد المشاركين في الانتخابات التمهيدية لـ"الحزب الجمهوري" الممثل ليمين الوسط، 140 ألف شخص، ما يجعلها أكبر عملية انتخاب غير رسمية في فرنسا، ويأمل القائمون عليها ألا يتم تجاهل نتائجها.
قانونياً تنتهك الانتخابات الشعبية مبدأ النزاهة، إذ إن القائمين عليها أدرجوا عنوة أسماء ميلانشون وجادوت وهيدالغو، رغم رفضهم المشاركة، وقال حزب ميلانشون في بيان صحافي، إن هذه الانتخابات "إشكالية وغير صادقة"، في حين يصفها جادوت بأنها "آلية خاسرة ومشتتة"، أما هيدالغو التي كانت قد دعت إلى انتخابات تمهيدية بين كل مرشحي اليسار مؤخراً مشابهة لفكرة مبادرة الانتخابات الشعبية؛ فانتقدت المبادرة، وقالت في مقابلة على قناة "فرانس إنفو" الأسبوع الماضي: "يمكنهم سحب اسمي. أعلم أنهم لن يفعلوا ذلك لأنهم ردوا بالفعل على يانيك جادوت وجان لوك ميلانشون، لكنني لن آخذ نتائج هذه الانتخابات التمهيدية في الاعتبار".
ويشكك كثيرون في أهداف هذه المبادرة، معتمدين على مقطع فيديو تم نشره في 2 نوفمبر/تشرين الثاني، لصمويل جرزيبوسكي، أحد المتحدثين باسم المبادرة، قال فيه إن "الهدف السياسي" لهذه المبادرة هو عرقلة بعض المرشحين من جمع 500 توقيع من أعضاء مجلس الشيوخ والبرلمان ورؤساء البلديات والمسؤولين المنتخبين، اللازمة لخوض الجولة الأولى من الانتخابات، الأمر الذي تدافع عنه المبادرة بالقول إنه مقطع مجتزأ من سياقه لتشويه أهداف المبادرة.