مع سيطرة حركة "طالبان"، الأحد الماضي، على العاصمة الأفغانية كابول توقفت الحياة عملياً، بينما الحركة لا تزال تُعَدّ ظاهرياً بالعمل من أجل عودة الأمور إلى مسارها الطبيعي، داعية جميع موظفي الحكومة إلى العودة لأعمالهم.
بعد أسبوع على سيطرة "طالبان"، "العربي الجديد"، يرصد ما كان الشارع الأفغاني يتوقعه ولم يحصل.
وكان سكان كابول يتوقعون أن تبدأ الأعمال الرسمية بشكل طبيعي، بعد مرور أسبوع على سيطرة "طالبان"، لكن ما حصل كان بخلاف توقعاتهم والوعود التي تلقوها، إذ إن عدداً من الموظفين في الحكومة ذهبوا إلى مكاتبهم، إلا أن بعضهم منع من الدخول بحجة أن الحركة لم تعيّن حتى الآن كبار المسؤولين في الوزارات والإدارات.
وتبقى هذه الحوادث استنسابية، إذ سمحت قوات "طالبان"، في المقابل، للموظفين في بعض الوزارات، كالمخابرات، وممن يملكون بطاقات العمل، بالدخول إلى مكاتبهم.
وحتى الساعة، لم تعلّق "طالبان" على هذه الخطوة، لكن بعض الصحافيين ورواد منصات التواصل الاجتماعي نشروا صوراً لأعداد كبيرة من الموظفين أمام المكاتب والإدارات الرسمية ومسلحي "طالبان" لا يسمحون لهم بالدخول.
ولعل قضية الموظفين ليست الوحيدة التي توقّف عندها سكان كابول، إذ إن المصارف لم تفتح أبوابها حتى اليوم، رغم أن اليوم السبت، هو بداية الأسبوع في أفغانستان.
وقال عدد من العاملين في المصارف، لـ"العربي الجديد"، إن المصارف لا يمكنها أن تفتح أبوابها، قبل أن يفتح المصرف المركزي أبوابه، لأنّ جميع الأمور مرتبطة بالمصرف المركزي.
يذكر أن كبار المسؤولين في المصرف المركزي قد غادروا البلاد، عقب سيطرة "طالبان"، فضلاً عن أن الأموال داخله لا تزال مجمدة من قبل الولايات المتحدة الأميركية، بالتالي لا يمكن حل مشكلة المصارف في القريب العاجل.
ومن الأمور التي أتت بخلاف توقعات الأفغان مع بداية الأسبوع الجديد، أن أسواق الصرافين، تحديداً سوق سراي شهزاده في العاصمة الخاص بتحويل الأموال والحصول على العملة، لا تزال مغلقة كذلك.
وفي هذا الصدد، قال محمد صابر، أحد الصرافين في سوق سراي شهزاده، لـ"العربي الجديد"، إن السوق مغلق، وهو أمر مؤسف بالنسبة إلى التجار والصرافين وبالنسبة إلى عامة الأفغان أيضاً.
وأشار إلى أنّ أعضاء نقابة الصرافين في سوق سراي شهزاده، سيجتمعون اليوم وسيقررون بشأن مستقبل السوق والصرافين.
إلا أنّ صابر أكد أنه من الناحية الأمنية حركة "طالبان" وفرت لهم قوات النخبة من أجل تأمين الحماية لسوق سراي شهزاده، لكن المشكلة الأساسية أن جميع تعامل الصرافين مرتبط بالمصارف وهي مغلقة.
وتوقع بنسبة 50% أن تفتح أسواق الصرافين أبوابها، غداً الأحد، رغم وضع المصارف الحالي.
كذلك كان من المقرر أن تفتح الجامعات الأفغانية أبوابها، لكن ما حصل أن لجنة التعليم في حركة "طالبان" وجهت خطاباً لجميع الجامعات تطلب منها تأجيل الدراسة، على أن تعلن الحركة سياستها قريباً حيال القضية.
وكان مسؤول في لجنة التعاليم العالي بحركة "طالبان"، ويدعى المولوي فريد، قد عقد جلسة مع مسؤولين في الجامعات الحكومية والخاصة، أمس الجمعة، في مدينة هرات غرب أفغانستان، قائلاً إن الحركة لا يمكنها أن تسمح للجامعات المختلطة (أي التي يدرس فيها الذكور والإناث معاً)، أن تكمل على هذا النحو.
وأضاف أنهم قدموا كل تلك التضحيات من أجل تطبيق الشريعة، وبالتالي لا يمكن الحركة أن تسمح بالدراسة المختلطة بين البنين والبنات، مشيراً إلى أن الرجال لا يمكنهم أن يدرّسوا البنات إلا إذا كانوا كبار في السن.
في المقابل، تحدث المسؤولون في الجامعات عن وجهة نظرهم بالأمر، ووضعهم المالي والتعليمي، وطلبوا من الحركة التغيير في بعض الأمور.
ومنذ مايو/أيار الماضي، بدأت "طالبان" بتوسيع رقعة نفوذها في أفغانستان، تزامناً مع بدء المرحلة الأخيرة من انسحاب القوات الأميركية، المقرر اكتماله بحلول 31 أغسطس/ آب الحالي.
وسيطرت الحركة، خلال أقل من 10 أيام، على أفغانستان كلها تقريباً، رغم مليارات الدولارات التي أنفقتها الولايات المتحدة الأميركية وحلف شمال الأطلسي (الناتو)، خلال نحو 20 عاماً، لبناء قوات الأمن الأفغانية.