وصف أستاذ العلاقات الدولية في جامعة الكويت عبد الله الشايجي تأثير قرار "أوبك+" الأخير بزيادة مليوني برميل من النفط يومياً على علاقات الولايات المتحدة بالسعودية بـ"العاصفة".
وقال الشايجي، في الجلسة الافتتاحية للدورة التاسعة لـ"منتدى دراسات الخليج والجزيرة العربية"، الذي يعقده المركز العربي للأبحاث ودارسة السياسات، اليوم السبت، إنّ واشنطن اعتبرت هذا القرار يخدم مصالح روسيا التي تشن حرباً على أوكرانيا، رغم أنّ قيمة الزيادة لا تتعدّى 2% من الإنتاج العالمي من النفط.
واعتبر الشايجي في الورقة، التي قدّمها في المنتدى الذي يبحث على مدى يومين "انعكاسات أزمة أوكرانيا والتنافس الإقليمي والدولي على مستقبل الأمن والطاقة في الخليج"، أنّ العلاقة بين واشنطن والرياض مرشحة للتصعيد، خاصة في حال خسارة الحزب الديمقراطي في انتخابات التجديد النصفي للكونغرس، في 8 نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل، أغلبيته في مجلس النواب.
وسلّط الضوء على الردّ الأميركي الذي جاء سريعاً على قرار "أوبك+" بقيادة السعودية، إذ اصطفّ الحزبان الديمقراطي والجمهوري ضد السعودية والإمارات، وهددا بتفعيل اقتراح قانون لمقاضاة دول "أوبك" في المحاكم الأميركية، لخفض الإنتاج النفطي بالأسعار.
ويرى الشايجي أنّ "الرهان على روسيا واستفزاز الولايات المتحدة الأميركية استناداً إلى توظيف ورقة النفط يعوزه الصواب، إذ تمتلك الولايات المتحدة الأميركية الكثير من الأوراق للرد على ما تراه استفزازاً من حلفاء موثوق بهم كالسعودية والإمارات".
وعلى عكس ذلك، يرى مؤسس مركز تحليلات الخليج في واشنطن ورئيسه التنفيذي جورج كافييرو أنّ التصعيد الذي تشهده العلاقات السعودية الأميركية يعود إلى أسباب داخلية تتعلق بانتخابات التجديد النصفي للكونغرس الأميركي، واصفاً العلاقات الخليجية مع الولايات المتحدة بـ"الاستراتيجية".
وقال إنّ التوتر الذي تشهده هذه العلاقات سيتراجع بانتهاء انتخابات التجديد النصفي، والشراكة الاستراتيجية لن تتغيّر، وإن كانت "ستبقى تواجه التحديات فالشراكة القائمة بين الطرفين قائمة على المصالح المشتركة، وليس على تقديم الأمن مقابل النفط، وخاصة ما يتعلق منها بالنظرة الأميركية لإيران التي هي الخطر، فضلاً عن السعي الأميركي لرؤية إسرائيل تندمج في المنطقة، وهناك دور تؤديه السعودية في هذا المجال".
وتابع "في الوقت الذي دفعت فيه الأزمة الأوكرانية دول الخليج العربية للحصول على أكبر قدر من الاستقلالية عن الولايات المتحدة الأميركية، ومع الموقف المحايد الذي اتخذته دول الخليج العربية من الغزو الروسي لأوكرانيا، ولا سيما السعودية والإمارات، إلا أنّها مستمرة في تعزيز شراكتها الوثيقة معها، وهي شراكة ظلّت على مدى عقود الضامن الأمني لكل دول الخليج العربية".
وناقش الأستاذ المساعد في العلوم السياسية في جامعة زايد بأبوظبي جونثان فولتون مستقبل العلاقات بين دول الخليج العربية والصين في ظل الأزمة الأوكرانية، مشيراً إلى أن أزمة أوكرانيا تعدّ صراعاً بين القوى العظمى وتتجاوز موضوع أوكرانيا بحد ذاته.
ويضيف "القول إن الصين ستملأ الفراغ الذي يمكن أن تتركه الولايات المتحدة في المنطقة ليس صحيحاً، إذ إنّ الصين تعتمد على الاقتصاد في علاقاتها مع مختلف الدول... وسياساتها قائمة على المصالح والتأنّي في حل المشكلات إلى ما بعد إجراءات بناء الثقة".
أما أستاذة التاريخ والعلاقات الدولية في معهد ليل للدراسات السياسية بفرنسا فتيحة دازي-هني فذكرت في ورقتها أنّ دول الخليج قد صوّتت ضد الحرب الروسية على أوكرانيا وضد ضم روسيا الأراضي الأوكرانية.
وأوضحت أنّ "دول الخليج العربية، وخاصة السعودية والإمارات، بدأت منذ نحو عقد من الزمن تري في الإدارة الأميركية، وخاصة إدارة باراك أوباما، شريكاً لا يمكن الوثوق به، رغم أنّ هذه الإدارة هي أكثر إدارة أميركية بيعاً للأسلحة لمنطقة الخليج، نتيجة للمواقف السلبية للإدارات الأميركية المتعاقبة، ولا سيما بشأن الاتفاق النووي الإيراني والاعتداءات على منشآت النفط السعودية، وما تشكله إيران من تهديد على المنطقة".
ودعت فتيحة دازي-هني الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد الأوروبي إلى "تجديد المحادثات الأمنية والتعاون الجغرافي الاقتصادي مع دول الخليج العربية وإعادة تأكيدها"، مشيرة إلى أنّ تأمين شراكة في مجال الطاقة مع دول الخليج العربية "يظل الحل الأسرع والأسهل لزيادة إمدادات الطاقة إلى أوروبا في المدى القريب".
وسيناقش "منتدى دراسات الخليج والجزيرة العربية"، في يومه الثاني، مستقبل العلاقة بين اليابان ودول الخليج العربي وانعكاسات أزمة أوكرانيا على أسواق الطاقة العالمية، وأمن الطاقة، والتضخم والتغير المناخي، والأمن الغذائي.
و"منتدى دراسات الخليج والجزيرة العربية" هو منتدى بحثي أكاديمي، يتبع المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، ويجتمع فيه الباحثون والأكاديميون والخبراء من منطقة الخليج والوطن العربي والعالم لمناقشة قضايا منطقة الخليج العربي، وشؤونه الداخلية والإقليمية والدولية، وتشرف على أعمال المنتدى لجنة علمية تتكون من باحثين مختصين في قضايا المنطقة العربية عموماً، والخليج العربي تحديداً.