تناولت صحيفة "بوليتيكن" الدنماركية، اليوم الأربعاء، تحول الاحتلال الإسرائيلي إلى "سلطة أبرتهايد"، وهو عنوان لتقرير نشرته الصحيفة أمس الثلاثاء، على خلفية استنتاجات "هيومن رايتس ووتش"، بشأن ممارسة الاحتلال "اضطهاد الفلسطينيين ومحاولة محو وجود 7 ملايين فلسطيني عن الأرض الممتدة بين البحر الأبيض المتوسط ونهر الأردن".
وبقلم كبير مراسليها في شؤون المنطقة العربية، أندرس جيريكو، عادت "بوليتيكن"، اليوم، بعنوان لافت وهو: "لم تكن إسرائيل أبداً قريبة إلى هذا الحد من إلقاء مستقبلها بالكامل في البحر"، لتؤكد "أنه خيار إسرائيل بنفسها، بتفضيلها أن تكون نظام أبرتهايد (فصل عنصري) بدلا من منح الفلسطينيين أرضهم".
وأشارت"بوليتيكن" (وهي صحيفة واسعة الانتشار ورأس تحريرها سابقاً اليهودي الدنماركي هربرت بونديك)، إلى أنه "إن كان من الصعب للغاية بالأصل محاربة الأعداء الخارجيين لإسرائيل فإن العدو الداخلي أسوأ وأخطر".
وبعد استعراض "الحروب الإسرائيلية منذ 1948 مروراً بالسويس 1956 وحرب 1967، و1973 ومع منظمة التحرير الفلسطينية في لبنان 1981 (الاجتياح الإسرائيلي وحصار بيروت1982)، وفي مواجهة الفلسطينيين في الضفة وغزة بين 1987 و1993 وبين 2000 و2005، وحروب عدة مع حماس"، ذكرت "بوليتيكن"، أنه برأي الشارع الإسرائيلي "فإن الغالبية العظمى ترى أن سلطتهم لا يمكنها تحمل خسارة حرب واحدة، لأنه عندها ستنتهي، ليس فقط حرب مع دول، بل مع الناس في المجتمع الفلسطيني".
وأضافت: "لقد تجاهلت الغالبية العظمى من الإسرائيليين، حتى في الانتخابات الأخيرة، حقيقة أن الدولة نفسها سمحت بانعدام الأمن المتأصل لديها لإضفاء شرعية على القمع الدائم للفلسطينيين".
ورأت الصحيفة في هذا الاتجاه أن الاحتلال الإسرائيلي "لم يكن من قبل قريباً جداً من الاعتراف العربي الواسع. ومع ذلك، لم يكن أبداً قريباً إلى هذا الحد من إلقاء مستقبله بالكامل من فوق الباخرة في البحر، وهكذا تبيع إسرائيل روحها. إنه يحدث اليوم".
وفصلت في سياق قراءتها، أنه "وحتى سنوات قليلة ماضية، كان لا يزال حلماً بعيد المنال أن يتم الاعتراف بإسرائيل من قبل العالم العربي. ورغم قيام الرئيس المصري الراحل أنور السادات وملك الأردن الراحل الحسين بن طلال بعقد اتفاقية تصالح مع إسرائيل في 1979 و1994 إلا أن الإسرائيليين يدركون أن الشعبين المصري والأردني كانا متشككين أو رافضين لاتفاقية السلام، وأن بقية العرب يعارضون بشدة فكرة السلام مع إسرائيل دون أن يحصل الفلسطينيون على دولة".
وأشارت إلى أن ساسة الاحتلال ظلوا يمنحون شعبهم "شعوراً دائماً بأنه عليهم الاستعداد لمزيد من الحروب، رغم أنهم شهدوا اعتراف الإمارات العربية المتحدة والبحرين والسودان والمغرب بوجود إسرائيل، وتتعاون السعودية وعُمان علانية مع الإسرائيليين، ويجري لبنان والجزائر مفاوضات سرية معها، وتعرض الجامعة العربية مبادرتها لسلام شامل إذا انتهى الاحتلال للأرض الفلسطينية، أي أن تل أبيب لم تحصل من قبل على مثل كل تلك الفرص الواعدة، لكن للأسف فضلت جميع الحكومات الإسرائيلية بقيادة (بنيامين) نتنياهو الاستمرار في الاحتلال بدل قبول عروض السلام".
وعرجت "بوليتيكن"، كما فعلت في عدد أمس الثلاثاء، على تقرير"هيومن رايتس ووتش"، بالقول: "اليوم يتم تصنيف حكم إسرائيل للفلسطينيين على أنه فصل عنصري، ومن قبل إحدى منظمات حقوق الإنسان الأكثر مصداقية في العالم، هذا اتهام صعب. وهو اتهام لا يمكن لإسرائيل الالتفاف عليه".
وأوضحت أن "التمييز القانوني على أساس العرق له اسم آخر: الفصل العنصري. هذا ليس اتهاما. هذا هو الاستنتاج"، لافتة إلى التمييز القائم بحق عرب 48 وحصار غزة واستهداف متقصد لنحو 7 ملايين فلسطيني في ما سمّته "حرباً ديموغرافية بعد تساوي عدد اليهود والفلسطينيين على الأرض التاريخية الممتدة بين النهر والبحر".
وأشارت في السياق إلى أهم نقطة تهدد مستقبل وجود الكيان الإسرائيلي بالكامل وهي "السيطرة بالقوة العسكرية على الفلسطينيين في الأراضي المحتلة منذ 53 سنة، في الضفة الغربية والقدس الشرقية، وممارستها التمييز القانوني بين اليهود الإسرائيليين والعرب الفلسطينيين في الناحية الأخرى داخل الدولة".
وتابعت: "في معظم السنوات كان يعتبر الاحتلال مؤقتاُ ريثما يتم تحقيق السلام مع العالم العربي. لكن في الحقيقة وبعد 3 أجيال استقدمت إسرائيل 650 ألف مستوطن إلى الضفة الغربية والقدس الشرقية، وهؤلاء يتمتعون بجميع الحقوق التي لا يحصل عليها الفلسطينيون الواقعون تحت القوة العسكرية المحتلة، وذلك أيضاً لا مسمى آخر له سوى أنه فصل عنصري".
وختمت "بوليتيكن"، بعد الاستشهاد بتقارير منظمة "بتسليم" الحقوقية الإسرائيلية، قائلة إنه "على الإسرائيليين أن يواجهوا الحقيقة بأنه لديهم خيارات، قبول العروض العربية بالسلام واختيار الخروج من دور قوة احتلال، واختيار سحب المستعمرين من مستوطنات على الأرض الفلسطينية، ويمكنهم اختيار تقاسم القدس مع الفلسطينيين بدل سياسة السيطرة عليها بالكامل بقمع الشعب الفلسطيني بالقوة". وذكرت في تلك الخاتمة الإسرائيليين بأنه "لا يمكنهم اختيار الإبقاء على الاحتلال العسكري والاستعماري وقوانين التمييز ضد الفلسطينيين وكأنه شيء قانوني، فإذا ما كان خيار الإسرائيليين التحول إلى نظام أبرتهايد فذلك يعني وداعاً لفكرة كونها دولة ديمقراطية قابلة للحياة".