"لا ثروة بدون سلطة، ولا سلطة بدون ثروة"، عبارة تلخص مسار رئيس "حزب التجمع الوطني للأحرار"، عزيز أخنوش، رجل الأعمال الذي حقق في ظرف أقل من خمس سنوات فقط ما عجز عنه غيره، بدحر إسلاميي "العدالة والتنمية" وإبعادهم عن الحكومة.
فالرجل الذي جمع بين السياسة وعالم المال والأعمال، إذ تقدر ثروته بملياري دولار حسب مجلة "فوربس"، تمكن على امتداد سنوات من إنشاء شبكة علاقات وصلت إلى المربع الذهبي للقصر، وإلى المساهمة في اختيارات المرحلة المقبلة، وقد عيّنه الملك محمد السادس الجمعة رئيساً للحكومة وكلّفه بتشكيلها. بل صُنّف ضمن 10 شخصيات مهمة ونافذة يعتمد عليها العاهل المغربي في عدد من الإصلاحات التي قادها منذ توليه العرش.
ولد أخنوش عام 1961 بمنطقة تافروات بمحافظة تيزنيت (جنوبي المغرب) في عائلة كانت مقبلة حينها على خطوة انتقال كبيرة في عالم المال والأعمال بتأسيس أول شركة مغربية خالصة في قطاع الوقود، تحمل اسم "أفريقيا"، وسرعان ما تحولت من مؤسسة صغيرة إلى شركة ذات طموحات واسعة وانتشار كبير في كل مناطق المملكة في مرحلة أولى، ثم تحوّلت إلى "مجموعة قابضة" تحمل اسم "آكوا" في مرحلة ثانية، وسيكون على أخنوش أن يديرها قبل بلوغ الثلاثين، مباشرة بعد عودته إلى المغرب في ثمانينيات القرن الماضي من كندا، حيث حصل على شهادة جامعية في التسيير الإداري من جامعة "شيربروك" بإقليم كيبيك.
وفي الوقت الذي كان إدراجه بعض فروع المجموعة في البورصة، والمساهمة في شركة "ميدتيل" للاتصالات، وإصلاح وتجديد محطات الوقود "أفريقيا"، والاستثمار في وسائل الإعلام، عوامل ساهمت في زيادة ثروته ونفوذه؛ فإن قربه من دوائر السلطة جعل منه "سلطان البترول" في المغرب وقطاع المحروقات بامتياز.
وبالتوازي مع توسعه في عالم المال والأعمال، عمد أخنوش إلى اقتحام عالم السياسة في بداية الألفية الحالية، حينما انتخب في لائحة مستقلة عضواً بجماعة قروية بمحافظة تيزنيت، فتحت له الباب واسعاً لعضوية المجلس الإقليمي لتزنيت، قبل أن يخطو خطوة كبيرة بتقلد منصب رئيس جهة سوس ماسة درعة، بعد أن تمكن من هزم أسماء لها باعٌ طويلٌ في السياسة ولها سطوتها في المنطقة.
وبالرغم من أن كثيرين يعتبرونه "دخيلاً" على السياسة؛ فإنه طالما ردّد أن السياسة توجد في "جينات" أسرته، متحدثاً عن تأسيس والده أحمد أولحاج حزباً سياسياً اسمه "الحزب التقدمي الحر".
ولم يكن الانتماء الحزبي ليشكل مركب نقص لأخنوش ما دام يحظى بقبول القصر، ويتمتع بنفوذ كبير، خاصة في جهة سوس ماسة درعة، ويستند إلى علاقات ممتدة مع رجال الأعمال. وهذا تحديداً ما أهله ليكون وزيراً للفلاحة والصيد البحري في عهد حكومة عباس الفاسي في 15 أكتوبر/تشرين الأول 2007، بعد أن تم توزيره ضمن وزراء "حزب التجمع الوطني للأحرار".
وبالرغم من أن قرار قيادة "الأحرار" في 2011 كان عدم المشاركة في حكومة الأمين العام السابق لحزب "العدالة والتنمية" عبد الإله بنكيران؛ فإنه استمر على رأس وزارة الفلاحة والصيد البحري، بعد أن عمد إلى تقديم استقالته من الحزب، في خطوة اعتبرها كثيرون دليلاً على أن أخنوش يحظى بثقة رؤساء الحكومات، لأنه يتمتع بثقة القصر ومحيطه.
عاش الرجل في مساره السياسي لحظات صعبة، من أبرزها حملة المقاطعة التي انطلقت في 20 إبريل/نيسان 2018، والتي استهدفت ثلاث شركات، من بينها محطات وقود "أفريقيا" المملوكة لمجموعته "أكوا"، حيث وجد نفسه في مواجهة انتقادات لاذعة طاولته وأعادت النقاش بشأن زواج المال والسلطة، وهو ما يجسده أخنوش، رجل الأعمال والوزير ورئيس الحزب.
وتكرر الأمر ذاته حينما تحوّل مقطع من شريط خطاب ألقاه زعيم "التجمع الوطني للأحرار"، بالعاصمة الإيطالية روما، في ديسمبر/ كانون الثاني 2019، إلى موجة غضب وسخرية كبيرين، بسبب حديثه عن "إعادة تربية المغاربة".
وبينما تمكن أخنوش من تجاوز مطب المقاطعة الاقتصادية و"زلاته" الخطابية؛ بدا أن للرجل، الذي زاره العاهل المغربي قبل سنوات في بيته بالدار البيضاء لتناول وجبة إفطار رمضاني، طموحاً جارفاً لبلوغ رئاسة الحكومة.
وبعد أن أمسك، بعد عودته إلى "حزب التجمع الوطني للأحرار" في 2017، بكل الخيوط داخله، واضعاً نصب عينيه هدفاً واحداً هو إزاحة إسلاميي "العدالة والتنمية" من الحكومة وصدارة المشهد السياسي، بداية بإبعاد زعيمهم عبد الإله بنكيران بعد ما عرف في المغرب بـ"البلوكاج"، أي الانسداد السياسي أثناء تشكيل حكومة بنكيران الثانية، وانتهاءً بدحرهم عبر صناديق الاقتراع خلال الانتخابات الأخيرة.