أزمة تمويل تهدد بإيقاف عمل المحكمة الدولية الخاصة بلبنان

02 يونيو 2021
إقفال المحكمة يترك القضايا غير منتهية على حساب الضحايا وآمال أسرهم (تويتر)
+ الخط -

أعلنت المحكمة الدولية الخاصة بلبنان في بيان اليوم الأربعاء أنها لن تتمكن من العمل بعد يوليو/تموز المقبل من دون تمويل فوري، بسبب ما تواجهه من أزمةٍ مالية غير مسبوقة، داعيةً المجتمع الدولي على وجه السرعة إلى الاستمرار في دعمها لمواصلة مهامها.

وأشارت المحكمة الدولية الخاصة بلبنان إلى إن من شأن ذلك أن يؤثر على قدرتها على إنهاء الإجراءات القضائية في القضيتين المعروضتين حالياً أمامها، عياش وآخرون، وقضية عياش.

وافتتحت المحكمة الخاصة بلبنان في الأول من مارس/آذار 2009 واتخذت من لاهاي الهولندية مقرّاً لها، وولايتها الرئيسية تقضي بمحاكمة الأشخاص المتهمين بتنفيذ اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري في 14 فبراير/شباط 2005، الذي أدى أيضاً إلى مقتل 21 شخصاً معه وإصابة أشخاص كثيرين.

وأصدرت المحكمة الدولية الخاصة بلبنان في 11 ديسمبر/كانون الأول 2020 حكمها على سليم عياش (ينتمي إلى حزب الله)، وفرضت خمس عقوبات بالسجن المؤبد عليه للمشاركة في اغتيال الحريري.

ولا يزال سليم عياش طليقاً، إذ رفض الأمين العام لـ"حزب الله" حسن نصر الله تسليمه مع ثلاثة متهمين آخرين تمت تبرئتهم في نهاية المطاف، هم أسعد صبرا وحسين عنيسي وحسن حبيب مرعي، الذين ينتمون إلى "حزب الله" وحوكموا غيابياً أيضاً.

وفي 24 فبراير/شباط 2021، حدّد قاضي الإجراءات التمهيدية تاريخ 16 يونيو/حزيران الجاري موعداً أولياً لبدء المحاكمة في قضية عياش، وأودع الادعاء والممثلون القانونيون للمتضررين والدفاع المواد بما فيها المذكرات التمهيدية وقوائم الشهود والبيانات في 20 نوفمبر/تشرين الثاني و29 يناير/كانون الثاني و23 إبريل/نيسان على التوالي.

كذلك، تتعلق قضية عياش بالاعتداء الذي استهدف الوزير السابق مروان حمادة، وقد نجا منه في الرابع من أكتوبر/تشرين الأول 2004، واغتيال الأمين العام السابق للحزب الشيوعي جورج حاوي في 21 يونيو/حزيران 2005، ومحاولة اغتيال الوزير السابق إلياس المر في 12 يوليو/تموز 2005، وقد ثبت تلازم الاعتداءات، بحسب المحكمة، مع الاعتداء الذي وقع في 14 فبراير/شباط 2005.

وتجاوزت تكلفة المحكمة الخاصة بلبنان الـ800 مليون دولار منذ عام 2009 حتى سنة 2020، إذ قالت المتحدثة الرسمية باسم المحكمة، وجد رمضان، في وقتٍ سابقٍ، لـ"العربي الجديد"، إن المحكمة تضع سنوياً موازنة خاصة، يدفع لبنان 49 في المائة منها، وتسدد النسبة المتبقية أي 51 في المائة، من مساهمات طوعية من دول خارجية، وتراوح التكاليف تبعاً للاحتياجات، فكانت في البدء 60 مليون يورو في السنة، ومن ثم تقلّصت الى حوالي 55 مليون يورو.

ولطالما شكل إنشاء المحكمة الدولية مادة خلاف في لبنان، ويكرر بعض الأفرقاء السياسيين خصوصاً الذين يدورون في فلك "حزب الله" وحلفائه الدعوة إلى إلغائها خصوصاً في ظلّ الأزمة المالية الحادة التي تعاني منها البلاد وأنه لا يمكن الاستمرار في تمويلها.

وقدم رئيس قلم المحكمة الخاصة بلبنان دايفيد تولبرت إشعاراً بشأن الوضع المالي للمحكمة حتى يتسنى لرئيسها والأجهزة الأخرى اتخاذ الخطوات الضرورية في ما يخصّ تسيير الأمور التي تتعلق بها.

وذكر رئيس القلم أن لا خيار أمامه سوى تفعيل عملية فصل الموظفين في جميع أجهزة المحكمة الأربعة، وبدء الانسحاب بالأنشطة المتعلقة بحماية الشهود وتأمين سجلات المحكمة والأدلة والمواد الحساسة.

وأخطر مديرو المحكمة الخاصة بلبنان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس رسمياً بالوضع المالي وما سينتج عنه من عدم قدرة المحكمة على استكمال عملها إذا لم تكن هناك مساهمات ورادة قبل نهاية شهر يوليو/تموز المقبل.

ولفتت المحكمة في بيانها إلى أنه نظراً للظروف الصعبة التي انتجتها جائحة كوفيد–19 والوضع المقلق في لبنان؛ فقد خفضت بالفعل ميزانيتها بشكل كبير بنحو 37 في المائة لعام 2021 مقارنة بالسنوات السابقة.

وقالت: "في مارس/آذار 2020، منحت الأمم المتحدة إعانة قدرها 15.5 مليون دولار أميركي لتغطية 75% من مساهمة لبنان في ميزانية المحكمة الخاصة بهدف استمرار العمل القضائي"، معربةً عن امتنانها للدعم الكبير من جانب الأمم المتحدة، بيد أن المساهمات الأخرى ما تزال معلقة كما أن المحكمة الخاصة بلبنان تفتقر إلى الأموال اللازمة لتنفيذ وظائفها القضائية.

وذكر رئيس القلم أيضاً أنه على الرغم من التخفيضات عامةً والتي طاولت الموظفين من دون تمويل إضافي، ستضطر المحكمة إلى إقفال أبوابها مما يترك قضايا مهمة غير منتهية على حساب الضحايا وآمال أسرهم، ومكافحة الإفلات من العقاب وسيادة القانون، مؤكداً مواصلة المحكمة جهودها لجمع الأموال اللازمة لمواصلة عملها.

وتجدر الإشارة إلى إن الأمم المتحدة، كانت مددت ولاية المحكمة الدولية الخاصة بلبنان، لمدّة سنتين إضافيتين اعتباراً من 1 مارس/آذار 2021، وذلك عملاً بقرار مجلس الأمن 1757.

المساهمون