قالت السلطات الأميركية والاسكتلندية، اليوم الأحد، إن مواطنا ليبيا يشتبه في صنعه القنبلة التي دمرت طائرة ركاب فوق مدينة لوكربي باسكتلندا عام 1988، محتجز الآن لدى الولايات المتحدة.
وذكر مكتب الادعاء الاسكتلندي في بيان "أبلغنا عائلات قتلى تفجير لوكربي بأن المشتبه به أبو عجيلة مسعود خير المريمي محتجز لدى الولايات المتحدة"، فيما أكدت وزارة العدل الأميركية هذه المعلومات، وقالت إنها تتوقع "أن يمثل المريمي لأول مرة أمام المحكمة الجزئية الأميركية لمنطقة كولومبيا".
ولم يذكر مكتب الادعاء ووزارة العدل كيفية احتجاز المريمي لدى الولايات المتحدة.
ووجهت الولايات المتحدة الاتهام لأبو عجيلة محمد مسعود المريمي قبل عامين على خلفية قضية لوكربي، وكان قد احتُجز سابقا في ليبيا لتورطه المفترض في هجوم عام 1986 على ملهى ليلي في برلين.
وحوكم متهم واحد فقط حتى الآن في قضية تفجير رحلة "بان أميركان" رقم 103 الرابطة بين لندن ونيويورك في 21 ديسمبر/ كانون الأول 1988 والذي أودى بحياة 270 شخصًا.
وقضى ضابط المخابرات الليبي السابق عبد الباسط المقرحي سبع سنوات في سجن اسكتلندي بعد إدانته عام 2001، وتوفي في ليبيا عام 2012. ولطالما دفع المقرحي ببراءته.
وقالت النيابة العامة الاسكتلندية إن "المدعين العامين والشرطة الاسكتلندية، بالتنسيق مع حكومة المملكة المتحدة وزملائهم في الولايات المتحدة، سيواصلون التحقيق لتقديم من شاركوا مع المقرحي إلى القضاء".
واعترف نظام العقيد الليبي الراحل معمر القذافي رسمياً بمسؤوليته عن تفجير لوكربي عام 2003 ودفع 2,7 مليار دولار تعويضات لأسر الضحايا.
لكن أعيد فتح التحقيق عام 2016 عندما علم القضاء الأميركي بتوقيف مسعود بعد سقوط نظام القذافي، وأنه قدم اعترافا مفترضا لاستخبارات النظام الليبي الجديد عام 2012.
وبدأت قصة لوكربي في ديسمبر/كانون الأول 1988 إثر سقوط طائرة ركاب "بان أميركان"، أثناء تحليقها فوق لوكربي في اسكتلندا، ما أدى إلى مقتل 270 شخصاً، ووُجهت أصابع الاتهام أولاً نحو إيران، قبل أن تتوسع دائرة الاتهامات لتشمل "الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين" وإمكانية أن تكون إيران هي من موّلت العملية.
وفي العام اللاحق، أصدرت السلطات في اسكتلندا وفي الولايات المتحدة أيضاً أوامر اتهام لاثنين من رجال المخابرات الليبية، هما عبد الباسط المقرحي، وخليفة فحيمة بتفجير الطائرة. وطالبت واشنطن السلطات الليبية بتسليمهما إليها، وهو الطلب الذي عارضه نظام العقيد الراحل معمر القذافي. وسارعت بريطانيا وفرنسا لمساندة الطلب الأميركي، كما طالبت فرنسا بتسليم مسؤولين ليبيين اتهمتهم بالضلوع في تفجير طائرة UTA الفرنسية فوق النيجر عام 1989، وعلى رأسهم صهر القذافي، والرجل الثاني في ليبيا حينها، عبدالله السنوسي.
وإثر نقل القضية إلى مجلس الأمن، أصدر الأخير قراراً عام 1992، دعا فيه ليبيا إلى تسليم المطلوبين، لكن القذافي أصر على رفض المطالب بتسليمهما، إلا أنه في الوقت نفسه سمح بمحاكمة المواطنين الليبيين محلياً في بلدهما. إلا أن وتيرة الضغط زادت بأن تبنى مجلس الأمن قراراً آخر قضى بفرض حصار جوي على ليبيا وحظر بيع كل التجهيزات الخاصة بالطيران، مضافاً إليه قرار أميركي أوروبي بفرض حصار اقتصادي على ليبيا.
وفيما لم تثنِ هذه الخطوات التصعيدية القذافي عن قراره بعدم تسليم المقرحي وفحيمة، صدر قرار عن محكمة العدل الدولية عام 1998 لصالح الاعتراض الليبي بأن القضية ليست من اختصاص مجلس الأمن، إضافة لدعوة جامعة الدول العربية لتخفيف العقوبات على ليبيا، وقرار منظمة الوحدة الأفريقية سنة 1998 بعدم دعم الاستمرار في تنفيذ العقوبات.
دفعت كل هذه الإرهاصات إلى تقديم واشنطن بعض التنازلات بأن قبلت بقرار يقضي بمحاكمة المتهمين الليبيين في محكمة قضائية أقيمت في هولندا بشكل خاص للنظر في هذه القضية، وقبِل القذافي بتسليم المطلوبين في عام 1998. وفي يناير/كانون الثاني 2001 حُكم على المقرحي بالإدانة والسجن مدى الحياة وتبرئة فحيمة.
عام 2003، جرت تسوية القضية بين ليبيا والولايات المتحدة، بعد وساطات دولية وإقليمية غير معلنة، بأن يدفع القذافي 2.7 مليار دولار مقابل رفع العقوبات عن بلاده.
(أسوشييتد برس، فرانس برس، العربي الجديد)