عاد التيار الصدري، الذي يتزعمه مقتدى الصدر، إلى المشهد السياسي بعد غياب دام أشهر، وهذه المرة عاد من بوابة الرفض لقانون الانتخابات الجديد، الذي يسعى تحالف "الإطار التنسيقي"، والذي يضم الكتل والأحزاب القريبة من إيران، لتشريعه، وفق النظام القديم "سانت ليغو" بدائرة انتخابية واحدة لكل محافظة، وإلغاء الدوائر المتعددة.
وجاء اعتراض التيار الصدري بعد يوم واحد من إخفاق مجلس النواب العراقي من القراءة الثانية لمشروع تعديل قانون الانتخابات، بعد اعتراض النواب المستقلين عليه ومقاطعة الجلسة، مما أدى إلى كسر النصاب القانوني لعقد البرلمان جلسته.
وانسحب التيار الصدري من العملية السياسية منتصف العام الماضي، بعدما قرر زعيمه مقتدى الصدر سحب نواب كتلته "الصدرية" من البرلمان، ومن ثم قراره اعتزال العمل السياسي، بعد سلسلة أحداث كبيرة بدأت بتظاهرات لأنصار التيار وانتهت باشتباكات داخل المنطقة الخضراء في بغداد، مع فصائل مسلحة منضوية تحت هيئة "الحشد الشعبي".
ونشر القيادي في التيار الصدري حاكم الزاملي على حسابه الرسمي في "فيسبوك" مقطعاً مصوراً لممثل المرجعية الدينية عبد المهدي الكربلائي وكتب عليه "لا للقائمة المغلقة، لا للدائرة الواحدة".
من جهته، تساءل القيادي في التيار الصدري، النائب المستقيل عن الكتلة الصدرية حيدر المنصوري، في منشور على حسابه الرسمي في "فيسبوك"، "هل تتوقعون من أحزاب السلطة الخاسرة أن تسن قانون انتخابات يسمح للمواطنين بإخضاع الفائزين للمساءلة عن طريق صناديق الاقتراع؟ وهل من المنطقي أن يعطوا الفرصة للمستقلين الحقيقيين مرة أخرى لمنافسة المليشيات وفصائل المقاولة؟".
وأضاف: "هل سيعودون إلى استجداء التحالفات من مجموع القوى الناشئة التي لن تثق بهم مستقبلاً، خاصةً بعد خيانتهم والتنكر لهم، رغم وقوفهم بقوة بجانب الثلث المعطل، وأن اصطفافهم سابقاً كان بسبب وجود الصدر، أما الآن فالصدر غير موجود. كيف ستتم تسوية الأمور لصالح أحزاب سانت ليغو!".
وتوقع المحلل السياسي أحمد الشريفي عودة التيار الصدري للعملية السياسية، وقال في اتصال هاتفي مع "العربي الجديد" إن "عودة التيار للمشهد السياسي أمر متوقع جداً"، مبيناً أن "هذا الرفض ربما لم يتوقف عند المواقف الإعلامية فقط، بل ربما نشهد عودة قريبة للاحتجاج الشعبي لرفض هذا القانون، خصوصاً أن هذا القانون عليه رفض كبير من قوى أخرى تشرينية وناشئة جديدة".
وبيّن الشريفي أن "التيار الصدري يعتبر إصرار الإطار التنسيقي على العودة للقانون السابق استهدافاً انتخابياً له، ولهذا فهو لن يسمح بهذا القانون، وربما سيكون الضغط الشعبي هو الوسيلة للإبقاء على الدوائر المتعددة في قانون الانتخابات الجديد، كما حصل ذلك في سنة 2019، فالضغط الشعبي هو من جعل القانون وفق الدوائر المتعددة".
وأضاف أنه "من الممكن أن يتراجع الإطار التنسيقي عن نظام سانت ليغو، من أجل عدم استفزاز الصدريين، فهذا الاستفزاز ربما يكون له تأثير كبير على استقرار حكومة محمد شياع السوداني، ولهذا فالإطار يمكن أن يتنازل عن قانون الانتخابات، مقابل ضمان استقرار الحكومة خلال المرحلة المقبلة".
ويسعى "الإطار التنسيقي" الذي شكّل حكومة محمد شياع السوداني إلى العودة لقانون "سانت ليغو"، في خطوة تنسف أبرز ما تحقق بعد تظاهرات عام 2019 الشعبية في البلاد، وهو سنّ قانون انتخابات جديد يعتمد على فوز الأكثر أصواتاً وفق نظام الدوائر المتعددة، بما يسمح للقوى المدنية والحركات الجديدة بالتنافس.
وأنهى البرلمان العراقي، الإثنين الماضي، القراءة الأولى لمشروع قانون انتخابات مجالس المحافظات، الذي يُطرح أيضاً لاستخدامه في الانتخابات التشريعية، وظهر مشروع القانون الجديد، وفق نظام "سانت ليغو" القديم، الذي يعتبر إلغاؤه سابقاً أحد أبرز منجزات التظاهرات الشعبية في العراق عام 2019.
وآلية "سانت ليغو" في توزيع أصوات الناخبين بالدول التي تعمل بنظام التمثيل النسبي تعتمد على تقسيم أصوات التحالفات على الرقم 1.4 تصاعدياً، وفي هذه الحالة تحصل التحالفات الصغيرة على فرصة للفوز، لكن العراق اعتمد القاسم الانتخابي بواقع 1.9، وهو ما جعل حظوظ الكيانات السياسية الكبيرة تتصاعد على حساب المرشحين الأفراد (المستقلين والمدنيين)، وكذلك الكيانات الناشئة والصغيرة.